حث الإسلام الإنسان على الرضا بقضاء الله والتصالح مع الواقع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.
ان الرضا بالله ورسوله نعيم في الدارين وهو من جملة ثمرات المعرفة بالله، فإذا عرفته رضيت بقضائه وقد
يجري في ضمن القضاء مرارات يجد بعض طعمها الراضي، وأما العارف فتقل عنده المرارة لقوة حلاوة
المعرفة، فإذا ترقى بالمعرفة إلى المحبة صارت مرارة الأقدار حلاوة كما أن الرضا الحقيقي عز للمؤمن، وغنى
له عما سوى الله تعالى ويظهر في القناعة
فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد عش
ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس«
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
« قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه فمن قنع بما أعطاه الله رضي بما قُسِم له، وإذا رضي شكر، ومن تقاله قـصر فـي الشكر، وربما جزع
وتسخط، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كن ورعا تكن أعبد الناس، وكن قنعا تكن أشكر
الناس" رواه البيهقي وحسنه الألباني.
يقول الشاعر:
أفادتني القناعة كل عــز ** وأي غنى أعز من القناعة
فصيرها لنفسك رأس مال ** وصيرها مع التقوى بضاعة
وقـال الشافعي :
أنا إن عشت لست أُعدم قوتا ** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسـي** نفس حر ترى المذلة كفرا
وقال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ) (سورة البلد: 4).
(يَا أيُّهَا الإنْسَانُ إنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدحًا فَمُلاقِيهِ) (سورة الانشقاق: 6).
أما الحياة الخالية من الآلام فهي حياة أهل الجنة، لا يمَسُّهم فيها نُصَب ولا حَزَنٌ
ولا غِل ولا لغوٌ ولا تأثيم، كما ورد في القرآن
وقد قال صلى الله عليه وسلم (عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله خير، ان أصابه سراء شكر فكان خيرا له، وان أصابه ضراء صبر فكان خير له)
وكل هذا من مظاهر الصحة النفسية فالمسلم متفائل غير متشائم
لحديث عروة بن عامر رضي الله عنه قال (ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أسنها الفال، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات الا أنت ولا يدفع السيئات الا
أنت، ولا حول ولا قوة الا بك).