إن ابن المبارك مر براهب عند مقبرة ومزبلة فقال : يا راهب عندك كنز الرجال ، وكنز الأموال ، وفيها معتبر .
·قال الفضيل : لو خُيرت بين أن أعيش كلباً وأموت كلباً ولا أرى الآخرة لاخترت ذلك .
·عن الفضيل قال : والله لأن أكون تراباً أحب إلي من أن أكون في مسلاخ أفضل أهل الأرض ، وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذا لطاش عقلي ولم أنتفع بشيء .
عن الفضيل قال : ليست الدنيا دار إقامة ، وإنما آدم أُبط على الدنيا عقوبة ، ألا ترى كيف يزويها عنه ، ويمررها عليه بالجوع وبالعري ، كما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها مرة حُلواً ومرة صبراً وإنما تريد بذلك ما خير له .
·عن الفضيل قال : إنما أمس مثل ، واليوم عمل ، وغد أمل .
·قال أبو سليمان الداراني : كان علي بن الفضيل لا يستطيع أن يقرأ القارعة ولا تقرأ عليه .
·كان علي بن الفضيل عند سفيان بن عُيينة فحدث بحديث فيه ذكر النار فشق علي شهقة ووقع ، فالتفت سفيان فقال : لو علمت أنك ها هنا ما حدثت به ، فما أفاق إلا بعد أن شاء الله .
·عن إبراهيم بن بشار قال : الآية التي مات فيها علي بن الفضيل في الأنعام : ** ولو ترى إذ وُقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نُرد } مع هذا الموضع مات وكنت فيمن صلى عليه.
·عن سفيان بن عُيينة قال لي أبو بكر بن عياش : رأيت الدنيا في النوم عجوزاً شوهاء .
·قال سفيان بن عُيينة : دخلت على هارون الرشيد فقال : يا أبا إسحاق إنك في موضع وفي شرف ، قلت : يا أمير المؤمنين ذلك لا يُعني عني في الآخرة شيئاً
وقال الأصمعي : سمعت يحيى بن خالد يقول : الدنيا دُول ، والمال عارية ، ولنا بمن قلبنا أسوة ، و ( فينا ) لمن بعدنا عبرة .
·قال أبو نواس :
سبحانَ ذي الملكوتِ أيةُ ليلةٍ *** مَخضت صبيحتُها بيوم الموقفِ
لو أنْ عيناً وهمتْها نفسها *** ما في المعادِ مصوراً لم تطرفِ
·وله :
ألا كل حي هالك وابن هالكٍ *** وذو نسبٍ في الهالكين عريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفتْ *** له عن عدو في ثياب صديقِ
وقيل للشافعي :
ما لك تُكثر من إمساك العصان ولست بضعيف ؟ قال : لأذكر أني مسافر .
·قال الذهبي : سمعت أبا مسهد ينشد :
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له *** من الله في دار المُقام نصيبُ
فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنه *** متاعٌ قليل والزوالُ قريبُ
وعن بشر بن الحارث : أمس قد مات ، واليوم في السياق ، وغداً لم يولد .
·وعن فتح الموصلي : من أدام النظر بقلبه أورثه ذلك الفرح بالله .
·وكان محمد بن سلام يقول : أفنيت ثلاثة أهلين ماتوا ، وها أنا في الرابعة ولي أولاد .
·قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين ، يقول : ما الدنيا إلا كحلم ، والله ما ضر رجلاً اتقى الله على ما أصبح وأمسى ، لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة ، خرجت راجلاً من بغداد إلى مكة ، هذا من خمسين سنة كأنما كان أمس .
وكنت أسمع أحمد بن حنبل كثيراً يقول : اللهم سلم سلم .
·وقال عبد الله بن احمد : سمعت أبي يقول : وددت أني نجوت نم هذا الأمر كفافاً لا علي ولا لي .
·يقول أحمد بن حنبل : والله لقد أعطيت المجهود من نفس ، ولوددت أني أنجو كفافً .
·سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما شَبهتُ الشبابَ إلا بشيء كان في كُمي فسقط .
·وعن موسى بن معاوية قال : صلى بنا هارون الخليفة الصبح في المسجد الحرام ، فقرأ بالرحمن والواقعة ، فتمنيت أنْ لا يسكت من حسن قراءته ، فقمت إلى الفضيل ، فسمعته يقول : مسكين هارون ، قرأ الرحمن والواقعة ولا يدري ما فيها .
·قال الجنيد : وسمعت السري السقطي يقول : إني لأنظر على أنفي كل يوم مخافة أن يكون وجهي قد اسود ، وما أحب أن أموت حيث أعرَف ، أخاف أن لا تقبلني الأرض ، فأُفتضح .
·سمعت محمد بن يحيى يقول : تقدم إلى عالِم ، فقال : علمني وأوجز ، قال : لأوجزن لك ، أما لآخرتك : فإن الله أوحي إلى نبي من أنبيائه : قل لقومك : لو كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لأوصلت إليه الخراب ، وأما لدنياك : فإن الشاعر يقول :
ما الناسُ إلا مع الدنيا وصاحبِها *** وكيف ما انقلبت يوماً به انقلبوا
يُعَظْمون أخا الدنيا فإنْ وَثَبَت *** يوماً عليه بما لا يشتهي وثبوا
قال محمود بن والان : سمعت عبد الرحمن بن بشير ، سمعت ابن عُيينة يقول : غضب الله داء لا دواء له .
·قال الذهبي : دواء كثرة الاستغفار بالسحر والتوبة النصوح .
·قال الذهبي : قد كان يعقوب بن شيبة صاحب أموال عظيمة وحشمة وحرمة وافرة ، بحيث إن حفيده حكى ، قال : لما ولدت عمد أبواي ، فملأ لي ثلاثة خوابي ذهباً ، وخبأها لي ، فذكر أنه طال عمره ، وأنفقها وفنيت ، واحتاج .
محمد بن خالد بن يزيد بمكة ، سمعت عطية بن بقية يقول:
يا عطيةً بن بقية *** كأن قد أتتك المنيهْ
بكرة أو عشيةْ
فتفكر وتذكر *** وتجنب الخطيةْ
وذكر الله بتقوى *** واتبع القول بنية
وأبى شيخُ البرية *** فاكتبوا عني بنية
في قراطيس نقية
·قال يحيى بن معاذ الرازي : الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة ، وهو يسألك عن جناح بعوضة .
·وعنه قال : لست أبكي على نفسي إن ماتت ، إنما أبكي على حاجتي إن فاتت .
·وعن وصيف الخادم ، قال : سمعت المعتضد يقول عند موته :
تَمَتَع من الدنيا فإنك لا تبقى *** وخُذ صَفْوَها ما إنْ صفت ودَعِ الرنْقا
ولا تأمَنَن الدهرَ إني أمِنْتُه *** فلم يُبق لي حالاً ولم يَرْع لي حقا
قتلتُ صناديدَ الرجال فلم أَدَع *** عدواً ، ولم أُمْهل على ظِنةٍ خلقا
وأخليتُ دورَ الملك من كلْ بازلٍ *** وشتتهم غرباً ومزقتهم شرقا
فلما بلغتُ النجم عِزا ورفعة *** ودانت رقابُ الخلْق أجمع لي رِقا
رماني الردى سهماً فأخمد جَمْرتي *** فها أنا ذا في حُفْرتي عاجلاً مُلْقى
فأفسدتُ دنياي وديني سَفَاهةً *** فنم ذا الذي منى بمصرعه أشقى
فيا ليتَ شعري بعد موتي ما أرى ***إلى رحمةِ الله أم نارَه ألقى ؟
ولعبد الله بن المعتز يرثيه :
يا ساكنَ القبر في غبراءَ مُظلمةٍ *** بالظاهريةِ مُقْصى الدار منْفرداً
أينَ الجيوش التي قد كنتَ تَسْحَبُها ؟ *** أين الكنوزُ التي أحصيْتَها عددا ؟
أين السريرُ الذي قد كنت تملؤُه *** مهابةً مَنْ رأته عينُه ارتعدا ؟
أين الأعادي الأولى ذَللت مَصْعَبَهم ؟ *** أين الليوثُ التي صيرتَها بُعَداً ؟
أين الجيادُ التي حجلْتَها بدم؟ *** وكُن يحمِلْن منك الضبغَم الأسَدا
أين الرمالُ التي غذيتَها مُهَجا ؟ *** مُذْ مِت ما وَرَدَت قَلْبها ولا كَبِدا
أين الجِنانُ التي تجري جداوِلُها *** وتستجيبُ إليها الطائرَ الغَردا؟
أين الوصائفُ كالغِزلان رائحة *** يَسْحَبن من حُلًلٍ مَوْشِيةِ جُداً
أين الملاهي ؟ وأين الراحُ تسَبُها *** ياقوتةً كُسِيَتْ من فِضةٍ زَرَدَا؟
أين الوُثُوب إلى الأعداد مُبْتغياً *** صلاحَ مُلكِ بني العباس إذْ فَسَدا؟
ما زِلت تَقْسِْر منهم كل قَسْوَرةٍ *** وتَخُبِطُ العالي الجبارَ مُعْتَمدا
ثم انْقَضَيْتَ فلا عينٌ ولا أثرٌ *** حتى كأنك يوماً لم تَكُنْ أحدا
إن أبا بكر بن أبي الدنيا دخل على يوسف القاضي ، فسأله عن قُوته ، فقال القاضي : أجدني كما قال سيبويه :
لا يَنْفَع الهِلْيُونُ والأطريفلُ
انْخرقَ الأعلى وخارَ الأسفلُ
ونحنُ في جِد وأنت تَهْزلُ
·
يتبــــــــــــــــــــــــعSIZE][/COLOR]