منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - البقالة و حلم العودة
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-05-2010, 12:42 AM
  #1
معدن الرجوله
قلب المنتدى النابض
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 2,020
معدن الرجوله غير متصل  
البقالة و حلم العودة

أفتقد ذلك الصغير رجال المنظمة كثيراً وأحس بألم الفقد وهو لم يعرف بعد ماذا يعني الفقد أحس بغصة وهو يرى بنايتهم تتحول إلى معرض للملا بس المستوردة .
ثم أنه أحس بخوف شديد لا يعلم كنهه ولا يدري إلى الآن لماذا خاف كل ذلك الخوف وهو يرى العم (أبو رائف) يلملم أثاث ومقتنيات منزلة بعد أن باع محل الطعمية للمالك الجديد كان الصغير يقف على ناصية ذلك الشارع يقسم النظرات بين بيت العم (أبو رائف) وبين محله وفي داخله الكثير من الأسئلة ؟ لماذا يرحل العم (أبو رائف) ألا يكفي رحيل رجال منظمة التحرير وكيف يجتمعون إذا عادوا ولم يجدوا العم (أبو رائف) داخل محل الطعمية ...هنا لمح الصغير العم محمد وهو ذاهب ليفتح بقالته الصغيرة ذهب خلفه مسرعاً وتسمر أمامه وهو يحاول استجماع قواه ليسأله وقد عرف عن العم محمد أنه رجل فيه بعض الشدة وانه أيضا يضرب أولاد الحي إذا ما أساءوا الأدب , وقف الصغير يكاد أن يسقط من شدة الخوف ثم قال يا عم لماذا رحل سكان تلك البناية قبل فترة ولم يعودا إلى الآن ؟ ولماذا يرحل العم أبو رائف من الحي ؟ هنا أبتسم العم محمد وكانت تلك المرة الوحيدة التي يراه مبتسماً فيها فقال الست صغيراً على كل هذه الأسئلة ؟ رد الصغير بثبات لا أنا الآن في الصف الرابع وسأنتقل بعد الإجازة إلى الصف الخامس وافهم الكثير حتى أني سأذهب إن شاء الله إلى فلسطين مع رجال المنظمة ..وتعلمت أنا وأصدقائي في المدرسة أنشودة تقول
أبويه جبلي هدية ******* رشاشة بندقية
لما أصير كبير كبير******أدخل في جيش التحرير
هنا زاد تبسم العم محمد و اكبر له هذا الرد ثم قال وهل أشترى لك والدك البندقية
رد الصغير لا , ولكنه سيشتريها لي في العيد ..
هنا قال العم محمد سأخبرك لماذا رحل سكان تلك البناية ولماذا يرحل (أبو رائف) ثم بدأ العم محمد في الكلام , روى أشياء لم يفهما الصغير ولم يفهم ماذا تعني فقط كان يهز رأسه مدعياً الفهم كانت كل كلماته أشد غموضاً من الكلمات التي كان يسمعها من رجال المنظمة
لا تختلف كثيراً عنها لكنها زادت من حيرة الصغير مثل (قمة , خروج , الجامعة العربية . تقرير المصير , الشتات , الكيان , دولة , توصل , تونس , الإقامة , اجتياح , الفصائل , إسرائيل , بيروت , ) ثم قال العم محمد هل فهمت هز الصغير رأسه واستطرد رافعاً الكلفة بينه وبين العم محمد معتقداً أنه أصبح من أصدقائه : ولكن كيف تعرف كل هذا وأنت تجلس في هذا المكان طوال اليوم ؟ هنا أشار العم محمد إلى مذياع قديم على أحد الأدراج ثم قال كما أنني ذهبت إلى فلسطين وشاركت في حرب الثمان وأربعين
فأنا يا و لدي........ ثم !! ثم توقف العم محمد عن الكلام ونظر إلى الصغير وكأنه يراه للمرة الأولى فتناول عصى موجودة على طاولته وهوى بها على رأس الصغير الذي أنطلق من أمامه هارباً ولم يعقب ..آلمت الصبي تلك الضربة ووقف في آخر الشارع ينظر إلى بقالة العم محمد وهو يضع يده على رأسه ويردد كلمات بينه وبين نفسه في غضب شديد ما الذي فعلته حتى يضربني هذا الشايب ال ..... يا... ويا......و.....ابوك ..ثم صرخ يريد أن يثير غضب العم محمد والله ما أوجعتني ؟؟ ثم أقفل راجعاً إلى البيت ولكن بعد أن خف ألم الضربة وبدأ الصغير في الهدوء راح يردد مع نفسه فلسطين ؟ نعم , نعم يقول العم محمد ذهبت إلى فلسطين !!
فلسطين أرض الرجال , أرض الحلم , حلم الصف الثاني نعم نفسها فلسطين والتي إنتظر الرجال كي يذهب معهم إليها . وهل يعقل هذا ؟ العم محمد ذهب إلى فلسطين ..
هنا بدأ الأحمق الصغير في مطاردة حلم جديد مفتتحاً به مغامرة لا تقل حماقة عن سابقتها .
وصل الصغير إلى البيت ودخل على الفور إلى غرفة أشقائه ونام وهو يفكر كيف ذهب العم محمد إلى فلسطين .. وما أن طلع الصباح حتى راح يحث الخطى إلى بقالة العم محمد
لا يحمل أي هم أو خوف من افتضاح أمره لدى أشقاءه فالمدرسة مغلقة والاجازة بدأت...
وصل إلى البقالة فوجد العم محمد يجلس بداخلها يستمع إلى ذلك المذياع القديم بدأ الصغير يفكر في حيلة يستطيع بها الدخول إلى بقالة العم محمد والجلوس معه بدون عصى أو ضرب هنا هداه تفكيره إلى حيلة صغيرة فأنطلق مسرعاً إلى داخل البقالة وهذه المرة بدون خوف أو تردد باغت العم محمد قائلاً يا عم هل تمتلك بندقية ؟ أستغرب العجوز من سؤال الصغير
ثم قال لا , رد الصغير بسرعة وبكل ثقة لا تخلوا من نبرة تحدي وكيف ذهبت للحرب وأنت لا تمتلك بندقية حتى ؟ هنا أستفز الصغير العم محمد وأستفز المحارب في داخلة ثم قال يا ولدي في الحرب يعطونا الأسلحة وبعد الحرب يأخذونها منا هنا رد الصغير بسؤال آخر قبل أن يتفطن العم إلى وجودة في البقالة وأنه يشغله عن أداء عملة , طيب يا عم كيف ذهبت إلى الحرب وأنت سعودي ولست مثل الرجال الذين كانوا يسكنون البناية ؟ قال العم محمد يا بني في ذلك الوقت كانت كل الدول العربية تقاتل من أجل فلسطين وكل المقاتلين كانوا يمثلون جيش واحد وأنا كنت فرد من أفراد الجيش السعودي وكان إلى جانبي في نفس الخندق مقاتل مصري وسوري وأردني وفلسطيني ومغربي وجزائري وتونسي ومن دول الخليج ومن اليمن والسودان ومن كل الدول العربية هنا اكتفى الصغير بما حصل عليه من إجابات لهذا اليوم وخوفاً من العصى آثر الانسحاب قبل أن يناله شيء منها فألتفت إلى باب الخروج وهو يردد شكراً يا عم محمد سنكمل غداً , هنا رد العم محمد بعفوية وطيبة الكبار إن شاء الله يا ولدي....
نزلت هذه الكلمات على سمع الصغير برداً وسلاما وأنطلق إلى الحي يلعب بكل سعادة
فقد ضمن أن يكمل القصة مع العم محمد ..
وبالفعل في اليوم الثاني ومبكراً أنطلق الصغير إلى البقالة يريد أن يكمل مع العم محمد يقيه القصة ولكنه لا يعرف طريقة أو حيلة جديدة يدخل بها إلى البقالة فالعصى لازالت حاضرة في ذهن الصغير , فقرر أن يدخل البقالة بطريقة جديدة هذه المرة مدعياً أنه يريد شراء شيء وبالفعل دخل إلى البقالة وسأل العم محمد : يا عم عندك سكر فقال له أنه هناك على الرف الأخير ذهب الصغير ومد يده متظاهراً بأنه يريد أخذ الكيس وهنا التفت إلى العم محمد وقال له يا عم عندما كنت في الحرب ألم تشعر بالخوف هنا رد العجوز بكل فخر لا لم نشعر بالخوف لقد كنا نحارب وفي داخل كل واحد منا حلم أن يستشهد في سبيل الله وفي تلك الأرض المقدسة
قال الصغير وما معنى يستشهد ؟
قال له الاستشهاد هو أن تموت وأنت تقاتل دفاعاً عن دين الإسلام أو دفاعاً عن مقدساته ..
ولكن يا عم ما هي المقدسات التي كنت تقاتل من أجلها في فلسطين ؟
هنا زفر العم محمد زفرة طويلة ثم قال يا ولدي كنا نقاتل من أجل المسجد الأقصى وخوفاً من أن يناله سوء على يد اليهود الذين احتلوا فلسطين بمساعدة بريطانيا هنا بادر الصغير بسؤال سريع وهل فزتم في الحرب ؟
سكت العم محمد قليلاً ثم قال لقد فزنا في بعض المعارك ولكننا خسرنا في نهاية الأمر فالعرب يا ولدي تلك الأيام لم يتجهزوا جيداً لتلك الحرب ولم يكن معهم السلاح الكافي كي ينتصروا كما أن بعض الأسلحة كانت قديمة ولم تعمل أثناء المعارك وبريطانيا
وكل الدول العظمى كانت تدعم اليهود بكل السلاح وبالجديد منه ولذلك خسرنا .
كما أن اليهود كانوا يدخلون القرى والمدن الفلسطينية ويقتلون الناس حتى العزل من أطفال ونساء وحتى كبار السن وهذا يا ولدي زرع الخوف في قلوب الناس وشتتهم وبدأت الأمور في التدهور حتى سقط جزء كبير من فلسطين في يد اليهود وهكذا خسرنا الحرب وسمي ذلك العام عام النكبة لأننا خسرنا الأرض وإستطاع اليهود أن يدخلوا مدينة القدس مع البريطانيين وأصبح المسجد الأقصى تحت رحمتهم
وأصبح منذ ذلك اليوم في خطر .. هنا قال الصغير لقد درسنا في المدرسة يا عم محمد أن المسجد الأقصى كان قبلة المسلمين قبل مكة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب إلى هناك على ظهر حصان أرسله الله له وبعد ذلك طار إلى السماء من المسجد الأقصى ..
قال العم محمد نعم يا ولدي أنها رحلة الإسراء والمعراج ولذلك المسجد الأقصى من أهم المساجد عند المسلمين وكنا نقاتل دفاعاً عنه وكنا ندعوا الله كل يوم أن يحميه ويرزقنا الصلاة فيه .... قال الصغير وهل شاهدت المسجد الأقصى يا عم محمد ؟ هل صليت فيه ؟
رد العم محمد والحزن يظهر على ملامح وجهه , لا يا ولدي لم نصلي فيه لكننا شاهدناه من بعيد .. قال الصغير : أنا يا عم محمد أحب فلسطين وأحب المسجد الأقصى ولكن لماذا لا نستطيع الصلاة فيه الآن ..
رد العم محمد بغضب لأن اليهود يحتلون فلسطين ويمنعون المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى كما أنهم يسعون لهدمه ليبنوا مكانه معبداً لهم
ولن نستطيع استرداد المسجد الأقصى ولا فلسطين إلا إذا ......
هنا دخل أحد الزبائن إلى البقالة فتوقف العم محمد عن الكلام فوجد الصغير الفرصة سانحة كي يخرج قبل أن يغضب العم محمد وعندما وصل إلى باب الخروج سأله العم محمد ألا تريد السكر ؟ رد الصغير وهو يدعي أنه على عحلة من أمره : لقد نسيت النقود في البيت سأذهب لإحضارها يا عم محمد وسأرجع غداً لشراء السكر أن شاء الله ...



يتبع ............

التعديل الأخير تم بواسطة معدن الرجوله ; 21-05-2010 الساعة 12:49 AM
رد مع اقتباس