......
الجانب الأول : جانب مراعاة تلك الغيرة .... حيث اكتفى بالإشارة إلى أن ما حصل من باب الغيرة ، ثم جمع الإناء المكسورة .
والجانب الثاني : جانب التفكير المنطقي ، والعدل ، وهو أن الإناء الذي كسر ، لا بد أن يعوض بإناء صحيح ، لأن كسر الإناء كان بغير وجه حق ، فعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
ثم إن كثيرا منا يقرأ الحديث المذكور في أول المقال ويسرده دون أن يكمل بقيته .... نعم للحديث بقية ، ونص الحديث : ( المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها ، وإن استمتعت بها ، استمتعت بها وفيها عوج ) ، وفي رواية أخرى خارج البخاري (المرأة كالضلع الأعوج إن أقمتها كسرتها وإن تركتها استمتعت بها على عوج ) والمعنى أنك إن حاولت تقويم هذا العوج فلن تجد إلا الكسر وهو كناية عن الطلاق ، أما إن تحملت هذا العوج فإنك تستمتع بها .
وعوج المرأة أقسام ، وبعض هذا العوج لا يمكن تقويمه ، بل لا بد من الرضا به ، قد يكون عيبا ، وقد لا يكون ، بل قد تحتاج إليه .... لكن يرشدنا الحديث إلى أن الرجل الحكيم هو الذي يصبر على تلك المرأة الضعيفة .... فيتحملها ... ويستمتع بها ... وتستمتع به .... ويتحمل منها عوجا ... كما تتحمل منه هي أمورا أخرى .
يمكن لنا أن نقسم عوج المرأة إلى أقسام :
أولا : قد يكون العوج في جانب الواجبات الشرعية ، كأن تقصر المرأة في عبادة ربها ، أو في حجابها ، والواجب على الزوج في هذه الحالة أن يقوم زوجه ، بالنصيحة ، والإرشاد ، والترغيب والترهيب ، حتى تقوم على أمر الله تعالى .
الثاني : العوج في جانب أسلوب التعامل مع الزوج ، وهذا على نوعين ، فقد تكون المرأة سيئة الخلق ، غير سوية الطباع ... فهذه لا يطاق العيش معها .... والنوع الثاني أن تكون المرأة حسنة الخلق ، مستقيمة الطباع ... وتعتريها في بعض الأحيان حدة في الكلام ... أو سوء في الخطاب مع الزوج .... أو قد يصدر منها أشياء يستغربها الزوج ... لاسيما إذا كانت في حال غضبها ... والمفترض في هذه الحال أن يكون الزوج حكيما .... إلى درجة أن يمتص غضبها قدر الاستطاعة .... وأن يحاول تهدئة الأمور ... فهذه ليست طبيعتها ... لكنها من نتائج تغليب جانب العاطفة ..... فهي تفكر بعاطفتها ... ولهذا لما دخلت معك في مناقشة حادة ..... لم تتذكر حسناتك بقدر ما تأثرت بحدتك ...... إنها الآن لا ترى إلا أنك تحتد عليها في الكلام ... وفي الصراخ ..... فتدافع عن نفسها من منطلق العاطفة ..... وأنت الرجل الحكيم ..... عليك أن تفكر بجانب العقل ..... فكم لها من فضائل وحسنات .... تغمر في بحر السيئات ... ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقا رضي منها آخر ) .
كثيرا ما يغلق على المرأة في حال غضبها .... وتفكر في أحاسيسها العاطفية قبل أن تفكر في نفس الموقف .... من ناحية الصواب والخطأ .
الثالث : العوج في التصرف في الأمور .... فقد تتصرف زوجتك بأسلوب لا يعجبك .... فلا بد أن تتحمل ... وأن ترشدها إلى الطريقة الصحيحة للتصرف .... بتوازن بين العقل والعاطفة .... ولهذا جعل الله تعالى القوامة للرجل ... لأن مصاعب الحياة ، ومتاعبها ... ونكدها وكدها .... ومواقفها وأحوالها ... وشؤونها وشجونها ... تحتاج إلى عقل راجح ... وفكر متأن .... أكثر من حاجتها إلى عاطفة جياشة .... أو نفس حساسة ..... وفي المقابل راحة المنزل ..... وهدوء الدار ..... وحسن العشرة ..... وطيب الصحبة .... والسرور والحبور .... والبشر واللطافة ....... كل ذلك يحتاج إلى عاطفة جياشة .... ومشاعر فياضة .... أكثر من حاجته إلى عقل يفكر ... أو رجل يقرر .... لكن لأن أكثر الحياة تعب ... كما قال تعالى { لقد خلقنا الإنسان في كبد } جعلت القوامة للرجل ، ولأنه هو المنفق كذلك ، ولهذا قال تعالى { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله }
الرابع : العوج في دلالها وتكسرها .... وهذه إذا كانت أمام زوجها ... فهي نعمة فلتستمتع بها ... وجمال المرأة في رقة أسلوبها .... وجمال عباراتها ... وحسن تجملها .... وطيب معشرها ... ولين خطابها ..... حتى إنك لا تكاد تسمع صوتها !!!!
أخي الحبيب
ليس معنى أن المرأة تغلب جانب العاطفة على العقل أنه لا عقل لها .... بل هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ..... والتي أنت في أمس الحاجة إلى عاطفتها ... وخذ هذا المثال :
( أحمد ) عائد من يوم عمل مرهق ..... احتد في ذلك اليوم مع مديره في العمل .... ورفع صوته على مديره ... وهدده المدير بفصله من العمل .....
فتح أحمد باب البيت ، فوجد ( سعاد ) بملابس العمل ..... لتظهر له أنها جادة في القيام بأعمال المنزل ... المنزل مرتب .... والأطفال جاهزون ..... لكنها بملابس العمل .... استقبلته .... وقالت له : ما لك يا أحمد .... اليوم شكلك مو طبيعي ...
أحمد : نعم حصلت مشكلة بيني وبين المدير ....
سعاد : كيف ... احكي لي بالتفصيل ...
أحمد : لا ، مشكلة بسيطة إن شاء الله ....
سعاد : الله يهديك يا أحمد .... أكيد بسبب عصبيتك الزائدة ، العصبية يا حبيبي لا تأتي بنتيجة ..... دائما لا تحاول أخذ حقك بالعصبية ... خلك هادي
أحمد : طيب ، طيب
سعاد : صدقني يا أحمد .... المدراء في العمل يظنون أنفسهم فوق كل شيء ... وهم لا يطيقون أن يرفع موظف صوته عليهم ...
أحمد : أوووووه ، هو إنت قاعدة تقولي لي دروس .... خلاص .... خلاص ... حطي الغدا خلنا ناكل وننام .
انظر إلى الموقف السابق ، وكيف أن المرأة لو تقمصت دور الشخصية المعلمة الموجهة ماذا سيحصل ... إنك يا عزيزي تنتظر من المرأة في مثل هذا الموقف ... العاطفة .... العاطفة وفقط ...
وانظر إلى الموقف الصحيح من بدايته .
( أحمد ) عائد من يوم عمل مرهق ..... احتد في ذلك اليوم مع مديره في العمل .... ورفع صوته على مديره ... وهدده المدير بفصله من العمل .....
فتح أحمد باب البيت ، فوجد ( سعاد ) بملابس جميلة ... ظن أنها جديدة ..... المنزل مرتب .... والأطفال جاهزون ..... استقبلته سعاد بابتسامة رقيقة .... أخذت عنه حقيبة العمل ..... وعلى الفور ..... خلعت له ملابسه ..... وأحست بقلبها المرهف أن زوجها غير طبيعي .... فلم تشأ أن تكدر عليه .... هرعت إلى الثلاجة ... وأحضرت كوب عصير بارد ..... وقال بصوت رقيق : تفضل يا حبيبي .... برد على قبلك .... شكلك اليوم تعبت كثير ....
أحمد : نعم ، فعلا ..... اليوم تعبت جدا .....
سعاد : الله يجزيك عنا كل خير ..... إنت دائما تتعب علشانا .... وإحنا مقدرين هذا الشيء والله .
أحمد : لا .... إنت ما تعرفين .... اليوم أصلا حصلت مشادة بيني وبين المدير ....
سعاد : لا عليك يا حبيبي ...... كل شيء بيتصلح ..... والأرزاق بيد الله .... المهم إنت ما تضايق حالك .... واسترخ على السرير ..... تخيل اليوم ( مريم ) قالت لأول مرة : بابا ...
أحمد : عجيب ....
سعاد : نعم .... تحب أسمعك .... سجلت لك صوتها ....
استمع أحمد إلى صوت ابنته الصغيرة وهي تقول : بابا .... فأخذ يضحك ... وعلى الفور .. قامت سعاد بتقبيله .... وضمه .... وأخذت تدلك له يديه ورجليه وكتفيه ....
أحمد : جزاك الله خيرا يا زوجتي الحبيبة .... حقيقة خففتي عني كثير .
سعاد : الله يهديك يا أحمد .... هو حنا لنا حد غيرك بعد الله ..... إنت الكل في الكل .
إنك يا عزيزي بحاجة إلى تلك الليونة في المرأة ..... بحاجة إلى بعض العوج الذي فيها لتستمتع بها .... وتأنس معها .....
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="white" bkimage="" border="outset,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
هي الضلع العوجاء لست تقيمها ............... ألا إن تقويم الضلوع انكسارها
أتجمع ضعفا واقتدارا على الهوى ............ أليس عجيبا ضعفها واقتدارها[/poem]
لابد أن تفهمها كما هي .... حتى تستطيع أن تصل معها إلى بر الأمان ... وربما يكون للحديث بقية .
وشكرا