منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - ما أجلّ قدرك أيتها المرأة ؟؟؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-07-2004, 01:50 AM
  #2
زاجر
عضو موجّه
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 368
زاجر غير متصل  
وقد كانت هناك توجهات سلبية تجاه المرأة في العصور الوسطى توشحت بوشاح الدين " فقد شاعت في هذه الفترة عقيدة الزهد والإيمان بنجاسة الجسد ونجاسة المرأة، وباءت المرأة بلعنة الخطيئة فكان الابتعاد عنها حسنة مأثورة لمن لا تغلبه الضرورة. ومن بقايا هذه الغاشية في القرون الوسطى أنها شغلت بعض اللاهوتيين في القرن الخامس للميلاد فبحثوا بحثاً جدياً في جبلة المرأة وتساءلوا في مجمع " ماكون" هل هي جثمان بحت ؟ … أو هي جسد ذو روح يناط بها الخلاص والهلاك ؟ …

وغلب على آرائهم أنها خلو من الروح الناجية ، ولا استثناء لإحدى بنات حواء من هذه الوصمة غير السيدة العذراء أم المسيح عليه الرضوان . وقد غطت هذه الغاشية في العهد الروماني على كل ما تخلف من حضارة مصر الأولى في شأن المرأة، وكان اشتداد الظلم الروماني على المصريين سبباً لاشتداد الإقبال على الرهبانية والإعراض عن الحياة، وما زال كثير من النساك يحسبون الرهبانية اقتراباً من الله وابتعاداً من حبائل الشيطان، وأولها النساء (العقاد – المرأة في القرآن – إصدار مكتبة الأسرة – 2000)

وقد نهج بعض المسلمين في عصور التدهور نفس النهج فاعتبروا المرأة رجسا من عمل الشيطان وأنها أقوى رسل إبليس، وبناءاً على ذلك التصور حجبوها عن الأنظار وعن الحياة ووأدوها في كهوف مظلمة اتقاءاً لشرها وتنقية للجميع من دنسها. وهم يحتجون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يحذر فيه من فتنة النساء:

" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " (رواه البخاري)

ويقول الشيخ القرضاوي تعليقاً على هذا الموقف في كتابه " فتاوى معاصرة " (دار الوفاء – 1998)
" إن التحذير من الافتتان بشيء لا يعني أنه شر كله، وإنما يعني أن لهذا الشيء تأثيراً قوياً على الإنسان يخشى أن يشغله عن الآخرة ومن هنا حذر الله من الفتنة بالأموال والأولاد في أكثر من آية من كتاب الله، ومن ذلك قول الله تعالى:

" إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ " (التغابن 15)

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ "
(المنافقون 9)هذا مع تسميته سبحانه المال " خيراً " في عدة آيات من القرآن، ومع اعتباره الأولاد نعمة يهبها الله لمن يشاء من عباده على عباده. " يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ" (الشورى 49) وامتنانه على عباده بأن منحهم الأولاد والأحفاد، كما رزقهم من الطيبات "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ "
(النحل 72)

فالتحذير من فتنة النساء كالتحذير من فتنة الأموال لا يعني أن هذه النعم شر، وشر كلها ! بل يحذر من شدة التعلق بها إلى حد الافتتان والانشغال عن ذكر الله. ولا ينكر أحد أن أكثر الرجال يضعفون أمام سحر المرأة وجاذبيتها وفتنتها، وخصوصا إذا قصدت إلى الإثارة والإغراء، فإن كيدها أعظم من كيد الرجل. ومن ثم لزم تنبيه الرجال إلى هذا الخطر، حتى لا يندفعوا وراء غرائزهم، ودوافعهم الجنسية العاتية" ( انتهى كلام القرضاوي)

وكانوا في العصور المظلمة ينفرون من المرأة في وقت حيضها ويعتزلونها أو يعزلونها فلا يؤاكلوها أو يشاربوها.

أما في عصور النور فنجد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقول عن نفسه :

" حببت إلىّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة "

فيجمع هنا صلى الله عليه وسلم النساء مع الطيب (العطر) وهذه إشارة رقيقة ما بعدها رقة فما أجمل أن تجتمع المرأة بالعطر، ويردف ذلك بذكر الصلاة وهي عماد الدين، فهذا الجمع وذلك الإرداف يضع المرأة في مكانة سامية ويدحض كل التصورات الجاهلية الأخرى عن المرأة.

ليس هذا فقط بل نجده يتعمد أن يشرب من الإناء الذي شربت منه عائشة في وقت حيضها، بل إنه يتتبع موضع فمها … ما أعظم هذا التقدير الودود المحب للمرأة وهي في لحظات ضعفها وانكسارها.

وكان صلى الله عليه وسلم إذا تعرقت عائشة عرقاً - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها وكان يتكئ في حجرها، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها وربما كانت حائضاً. وكان يأمرها وهي حائض فتتزر (تلبس الإزار) ثم يباشرها … وكان يقبلها وهو صائم. وكان من لطفه وحسن خلقه أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة وهم يعلبون في مسجده، وهي متكئة على منكبيه تنظر، وسابقها في السير على الأقدام مرتين … وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة … وكان يقول: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (الإمام ابن القيم – عن كتاب فتاوى معاصرة – الطبعة السابعة 1998– دار الوفاء – المنصورة ) .

ولم تكن المرأة مغيبة في عصره صلى الله عليه وسلم بل كانت حاضرة في البيت وفي المسجد وحتى في ميادين القتال، وهذه نسيبة بنت كعب (أم عمارة) رضي الله عنها في أتون المعركة تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وتتلقى عنه ضربة سيف تركت جرحاً غائراً في كتفها.

والمرأة التي جاءت تجادله في زوجها ونزلت فيها سورة المجادلة.

والمرأة التي وقفت لعمر تناقشه في المسجد في قضية تحديد المهور



وتقف وقفا ضد كل محاولات التجهيل والتغييب والوأد – تلك المحاولات المرتبطة بتقاليد بيئية تحاول أن تتوشح بنصوص دينية أو بتفسيرات ينقصها العمق والبرهان.

وإذا كانت المرأة قد نالت هذا التكريم في علاقتها بالرجل كزوجة فإنها قد نالته أيضاً وزيادة كأم فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة ؟ قال : "أمك " ، قال : ثم من ؟ قال " أمك "، قال: ثم من ؟ قال: " أمك "، قال ثم من ؟ قال: " أبوك " (متفق عليه).

وبقيت المرأة كابنة، فنجد أن الإسلام جاء يحرم وأد البنات. تلك العادة التي كانت منتشرة في الجاهلية – وحث على العناية بهن وحسن تربيتهن ووعد من يقوم بذلك بدخول الجنة.

ولم يحرم الإسلام الوأد المادي فقط حرم أيضاً الوأد المعنوي – الذي يمارسه بعض الآباء في العصر الحاضر – يمنع ابنته من التعليم والثقافة والقيام بدور إيجابي في الحياة، وإلى هؤلاء نسوق مثل أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنها – ذات النطاقين – التي قامت بدور جوهري في أهم أحداث الإسلام وهو الهجرة حيث كانت تحمل الطعام والشراب من مكة إلى غار ثور في جنوب مكة في طريق وعر موحش تحوطها أخطار كثيرة لكي تصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها أبي بكر رضي الله عنه.


--- تم
__________________
الإدارة
مع التحية