منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - تمهلي .. قبل إتخاذ القرار ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-08-2010, 02:23 PM
  #1
علي العلي911
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشاركات: 440
علي العلي911 غير متصل  
تمهلي .. قبل إتخاذ القرار ..

تمهلي .. قبل إتخاذ القرار ..

كم طفح البشر على محيا الفتاة حينما علمت بقدوم عريس يطلب يدها ، ولم تنم تلك الليلة من شدة الفرح ، وهي تفكر في العريس ، وما وُصف به من خلال وصفات طيبة وأخلاق عالية .
وكم ظهر عليها الارتباك حينما حدثتها أمها عن مقدم العريس وأهله لرؤيتها ـ بعد أن تم السؤال عنه وعن أهله ـ ولم تحر جوابًا خجلًا منها بل أحمر وجهها وهي مبتسمة ! .
وفي يوم الرؤية الشرعية علّمتها أمها كيف تُدخل العصير للعريس ، وتحاول أن تدقق النظر في وجهه ، وإذا سألها أجابته بابتسام . ثم تخرج بعد دقيقتين أو ثلاث ..
وهكذا دخلت الفتاة عليه وهي مرتجفة اليدين مقدمة له العصير ، وتنظر إليه بخجل وهي مطأطئة الرأس ، ثم سألها وأجابته ، ثم خرجت من عنده وهي فرحة مسرورة ، وربما رمقته وهو خارج من البيت مع أهله ! .. .
وافق العريس عليها ووافقت عليه ، ووُضعت الشروط ، وتم عقد النكاح .. .
وهنا بدأت مرحلة جديدة ، مرحلة مليئة بالحب والغرام .. تزداد نبضات قلبها إذا اقتربت منه وحادثها وحادثته ، وضاحكها وضاحكته ، وعذاب وهيام إذا تركها وفارقها لموعد آخر .. .
تنتظر بفارغ الصبر وتطلب من زوجها أن يجهَّز نفسه لموعد زيارتها فقد جهزت نفسها في أبهى حلة ، وأجمل شذى ، وأحسن لقاء ، فهو الأثير لديها ..
في البداية ؛ يحرص كل واحد منهما على إرضاء صاحبه ، ويتقرب إليه بالغالي والنفيس .. .
هدايا ، كلمات كبار في الحب والعطاء .. ، نظرات ملؤها الرضا ، ليجد كل منهما طعم السعادة الحقيقي .. .
لا تصبر على فراقه ، لذا فهي تسلي نفسها تارة بإرسال رسائل الهاتف المحمول ، وتارة بالحديث عبر الهاتف ؛ الذي يأخذ الأوقات الطوال ـ لطيب الأنفاس ـ وكأنها لحظات عابرة انقضت في لمح البصر .. .
وتمني الزوجة نفسها بقرب حفل الزفاف البهيج ، وتُعد الأيام والساعات ، بل الدقائق والثواني ، وتقلب بصرها دائمًا بكثرة نحو أوراق التقويم وتخاطبه بلسان حالها : عجَّل عجَّل فقد طال عهد حفل زفافي فمتى يحين ؟! فيجيبها التقويم : ولماذا العجلة يا صاحبتي ؟ فتجبيه : لأرفل مع عريسي في ثوب السعادة والهناءة .. فلا أريد أن تفوت على نفسي أي لحظة سعيدة مع شريك حياتي !.
ثم يشاء الله وتتم مراسيم حفل زفافها السعيد ويأخذها عريسها في بهجة وحبور وسرور ، والأرض لا تكاد أن تسعها فقد ظفرت بمحبوبها الغالي ، وقد خرجت من قصر الزواج بعد ما ودعت الضيوف والصديقات والأهل ؛ وخصوصًا أمها التي فارقتها بعد بكاء الفرح لابنتها التي كانت لصيقتـهـا في البيت ، والآن تركتها لتقيم في عش الحياة الزوجية ويصبح لها صرحًا آخر مع شريك حياتها .. .
وسوف يقضي الزوجان أمتع اللحظات والأوقات مع بعضهما بعضًا .. .
وهكذا .. تدور عجلة الحياة بهما وكل واحد متعلق بالآخر .. ما أجمل أيام الزواج الأولى وما أبهجها ـ عند الكثيرين من الأزواج والزوجات ـ لا كدر فيها ، بل كلها أيام سعادة وهناءة .. .
بعدها يحصل ـ كما يحصل في كثير من البيوت ـ بعض القصور ، فيغض أحدهما الطرف عن الآخر ، ثم يتكرر خطأ ثانٍ وثالثٍ ، ويبدأ العتاب ثم يصطلحا ، ثم ترجع نفس الأخطاء ويرجع العتاب من جديد ، ثم تختلف وجهات النظر وتحتد الأنفاس ويتطور الأسلوب إلى تراشق بالتهم والكلمات النابية ، وربما ذهبت الزوجة إلى بيت أبيها وتوسعت الهوة وازداد ت المشكلات فأصبحت كثيرة لا حصر لها ؛ تغلق من جانب ، وتفتح من جانب آخر ..
أُغلقت لغة التحاور بالتي هي أحسن ، وحل مكانها سوء الظن ، وتصيد الأخطاء ، وقصور في الوظائف ، وقل الاحترام .
كثرت المشكلات على الزوجة فلا هي مستقرة في بيتها مكان راحتها ، ولا هي مرتاحة خارج بيتها في بيت أبيها ، بل مكدودة الخاطر ، ماذا تفعل إذا رجعت إلى بيتها أمام ذلك الركام من المشكلات ؟! ؛ خاصة مع مرور الشهور بل الأعوام ، ووجود الأولاد ، والأمر يزداد تعقيدًا فما الحل ؟ الحل ـ في نظر الكثيرات ـ هو طلب الطلاق .. ! .
فأقول : رويدك يا أختي فما هكذا تعالج الأمور.. .
ابتداءً أقول : من أرادت بيتًا لا يخلو من المكدرات فهي تطلب المستحيل ، حتى بيت نبيك ×ما خلا من المشكلات ، والسنة النبوية حفظت لنا الكثير من مواقف النبي × مع زوجاته .
أختي الزوجة : كما أنك لديك قلب وعقل ، فالزوج كذلك ، فأنت تفكرين في الأشياء بعاطفتك الجياشة وطيب نفسك والنظر في غالبية الأمور بسطحية دون التفكير في بواطنها ، فأنت ترين الأمر من ظاهره بينما الزوج ينظر للأمر من جميع نواحيه ظاهره وباطنه ، وهذا ليس طردًا في كل أمر وفي كل زوج ، ولكنها صفة غالبية جعلها الله في الرجل ، ولذا ميزه الله I عليك بالقوة والجلد والصبر وسعة الأفق والنظرة والواسعة ، وهذا من تفضيل الله U للخلق بعضهم على بعض كما قال I : ( ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [ النساء : 34 ] .
فالله العليم الخبير بخلقه ، ميز الرجل عن المرأة لسببين أثنين :
أولهما : تفضلًا منه I ومنّة ( ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ)، حيث جعل في الرجل القدرة على ذلك .
وثانيهما : بما ألزمه من الإنفاق على الزوجة
( ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ).
فالزوج يريد من زوجته أن تتفهم نفسيته ، وتقدره وتجعله ملكًا في بيته ، فلا تقطع أمرًا دون مشورته ، فليس بعيب ولا تنقص للمرأة لو سألت زوجها : ماذا تريد يا حبيبي أن أصنع لك من طعام ؟ ما الذي تشتهيه فأصنعه لك ؟ أو إذا أرادت الخروج قالت له : هل تسمح لي بالذهاب إلى بيت صديقتي فأنا مدعوة غدًا على العشاء ؟ .
فالزوج يبذل الغالي والنفيس ويكدح في نهاره وربما في ليله من أجل تأمين حياة رغيدة لا كدر فيها .
الزوج ينتظر من زوجته أنه إذا وصل إلى بيته بعد عناء عمل طويل ـ وهو في شمس محرقة أو جو صائف لا يُحتمل ـ أن يجد جوًا مريحًا ليلتقط أنفاسه ؛ من الكلمات العطرة واللمسات الحانية ، كقولها : الحمد على السلامة ، استرخِ ؛ سوف احضر لك كوبًا من الماء ، قواك الله .. ، اذهب واستحم كي يبرد جسمك ثم ضع رأسك على السرير ريثما يجهز الطعام .. إلخ من ألفاظ تدخل على النفس والقلب السرور والفرح والبهجة .
لكن كثيرًا من الزوجات ـ هداهن الله ـ لا تراع لزوج حرمة ، ولا تعرف له نعمة ، إنما بطيش تصرفها تجعل حياته وحياتها نقمة ، حيث تقول له وهي تنظر إليه بنصف عين : اذهب إلى الحمام واغتسل فرائحتك كريهة غير جيدة ! ، ماذا فعلت بنفسك ؟ ألم تغير ملابسك في الصباح ؟! توسخ ملابسك كالأطفال ! ، ما هذا العناء ؟! اذهب وضع ملابسك في سلة الغسيل التي طفحت بالملابس! .. إلخ من كلمات منفرة تنكد وتكسر النفس وتكدر الخاطر .. ! .
وبعضهن إذا أحسنت استقباله سألته : أين
الطلبات التي كتبتها لك هل أحضرتها ؟ أين هي ؟ فإذا قال لها : آه لقد نسيتها أو ربما قال : لم استطع إحضارها ! ردت عليه صارخة : أوه .. دائمًا تنسى وأنا أحتمل أخطاءك ، متى تترك هذه العادة السيئة ؟! ، لن أطبخ هذا اليوم ، واذهب اشتري لنا غذاءً من المطعم المجاور ! أو دعنا اليوم صائمين بدون غذاء ! .
أختي الزوجة : لا شك أنه يحصل تقصير وربما تفريط من الزوج ـ هداه الله ـ في بعض الأمور ، وهذا طبع البشر إلا من رحم الله ، فما دورك أنت ؟ هل دورك الغضب الشديد والصراخ والصياح ؟! ثم هل الغضب والتصرف بسلبية يحل الأمر أم يزيده تعقيدًا ؟ أنا لا أقول أسكتي وإنما أقول لكِ : كوني إيجابية في كل تصرفاتك وانفعالاتك ثم أوجدي الحل المناسب مع زوجك في كل معضلة .
وكما قيل : « إشعال شمعة خير من لعن الظلام ! »
فهذا نبيك محمد × حينما كسرت زوجه أم المؤمنين عائشة من شدة الغيرة الإناء الذي أرسلته أم المؤمنين أم سلمة أو غيرها لم يوبخها ، إنما لطف الجو بقوله : « غارت أمكم ! » ثم أخبرها بالواجب عليها : « إناء بإناء وطعام بطعام » ، وكذلك الرجل الذي جاءه وقد جامع زوجته في نهار رمضان وقال : « يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ !. فقَالَ × : مَا لَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِم .. الحديث . فلم يسبه ويوبخه × ؛ إنما أخبره بالذي عليه حتى يخفف عليه من المصيبة التي حلت به .
وهكذا يا أخيتي ينبغي أن تُعالج الأمور .. .
__________________
محمد بن محمد الجيلاني
مهتم بالكتابة حول شؤون الأسرة