وقد تقولين لي أيضًا : أصبحت أشك في أن له علاقات مع نساء أخريات ! ، ما أن يأتيه اتصال أحيانًا عبر هاتفه المحمول إلا وتركني جانبًا وتكلم بصوت مهموس لا أسمعه وأغلق الهاتف سريعًا ، وقد اكتشفت خيانته لي فعرفت أن له عشيقة أو قل عشيقات ..!
ماذا تريديني أن أفعل ؟ هل أبقى مع خائن لم يخف الله في نفسه ؟ ولم يخف على زوجه وأولاده ؟!.
فأقول لك أختى الزوجة العاقلة :
أولًا : فوضي أمرك الله واسترجعي كما قال الله : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون}[البقرة: 155ـ 156]
ثانيًا : اعلمي أنه هذا بلاء حل بكثير من الرجال ولا حول ولا قوة إلا بالله وله أسباب كثيرة ، أهمها قلة الخوف من الله وعدم استحضار رقابة الله I .
ومن جملة الأسباب المهمة ـ حتى نكون صادقين ـ تقصير كثير من الزوجات عن التجمل للأزواج وفي موضوع الفراش .. .
وأنا لا أقول هذا لأجد لهم العذر أبدًا ، بل هم مذنبون وعاصون لله U ، لكن نفوسهم الضعيفة سوغت لهم الحرام حين افتقده كثير منهم بالحلال .. .
كثير من الزوجات ينسون أن الرجال يتزوجون من أجل أن يكون لهم صرحًا وكيان يختص بهم ، ومن أجل حفظ فروجهم والتمتع بما أباح الله لهم .. .
وحينما تجفو الزوجة زوجها أو تهمل العناية بنفسها بينما الزوج يرى خارج بيته ما يفتنه ولا يتمتع بما يملكه ! ، يحصل من الرجل هذا الجرم العظيم على اختلاف مراتبه من المحادثة وربما وصل إلى الاتصال المحرم ( الزنا ) في بيته ، وفي غياب زوجته وأولاده !. عياذًا بالله من ذلك .
أختي الزوجة : لاشك أن المسؤولية العظمى تقع على صاحب الذنب ألا وهو الزوج وهو وقع في سوء فعله باختياره وبكامله عقله .
لكن كما أسلفت ربما هناك تقصير وتمنع زائف وسوء عشرة أوقعه في ذلك .
والذي أنصحك به التالي :
أولًا : لاشك أنه كلما كان أمر الخيانة أهون كانت فرصة العفو أكبر فمن كان يعاكس بالهاتف ليس كمن زنا والعياذ بالله ، فالمعاكس فرصته أكبر ، ومن أظهر الندم وعلائم التوبة ظاهرة عليه كان ذلك أرجى للعفو والصفح عنه .
انظر ـ أختي الزوجة ـ موقف النبي ×حينما قُذفت عائشة في حادثة الإفك [ اتهامها بالزنى ] ماذا قال لها النبي × ؟ قال لها : « يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنتِ بريئة فسيبرئكِ الله ، وإن كنتِ ألممتِ بشيءٍ فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب ؛ تاب الله عليه » .
الله أكبر .. ما أعظم هذا الأسلوب من هذا النبي الكريم ×وهو في أمر يختص بالشرف والعرض .
أختي الزوجة : إذا اقتضت المصلحة البقاء معه على عجره وبجره ( محاسنه ومساوئه) فابقي معه خاصة إذا لم يكن لك أحد يقوم بحقك من أهلك ، أو هم مشغولون بحالهم عنك ! .
ثم عالج موضوع التقصير من ناحيتك .. .
وأما إذا رأيت ـ بعد المشاورة ـ أن الحياة معه لا يمكن أن تستقر أبدًا تحت أي ظرف كان ، فاخرجي من عنده بهدوء دون فضيحة حتى لا تلحقك وأبنائك .
rrrrr
أختي الزوجة : بعد هذه الجولة معك أنصحك بعدم الاستعجال في أمر الطلاق .. .
طلقي كلمة ( طلقني ) ، وتذكري قول النبي × : « أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ »أخرجه الترمذي وحسّنه ، وصححه الألباني .
ثم ما الذي ستجنيه من طلب الطلاق من زوجك ؟ سوف ترجعين إلى بيت أبيك ومعك أولادك تجرين أذيال الهزيمة ، وسوف يكون وضعك في بيت أهلك أثقل حسًا ومعنى ، وعبئًا كبيرًا عليهم ، فقد خرجت من عندهم وحيدة والآن ترجعين ومعك أولادك ! ؛ وهذا ليس حال كل مطلقة لكنه الغالب .
ثم من سيفكر بالزواج من مطلقة لديها أطفال ؟ لا أقول هذا تنقيصًا في قدرك ـ معاذ الله ـ لكن قليلٌ جدًا من يفكر بذلك ، وربما شرط عليها أن ترجع أولادها إلى أبيهم !
أحذرك من الاستعجال في اتخاذ قرار الانفصال من دون روية ، فهو من أصعب القرارات التي ستتخذينها في حياتك .. .
هل ستنسىن كل الذكريات الجميلة واللحظات
السعيدة التي عشتها مع هذه الرجل ؟ من ضحك وفرح وسرور ولهو .. .
أنا لا أقول هو لم يخطئ بل أخطأ كثيرًا ، وأصاب كثيرًا .. .
قد تقولين : لم يكن هو بالذي أحلم به . فأقول : هذا الكلام حق ، لكن في المقابل لم تكوني أنت تامة بالصفات التي هو يريدها ، ولا شك أنه ما من إنسان حاز الكمال ففيك وفيه صفات نقص ؛ إذن فليرضى كل واحد بصاحبه ؛ كما قال نبيك الكريم × : « لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً ، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر »
ثم هل فكرت في مصير أولادك ؟ وكيف سيكونون بعد الانفصال عن أبيهم ؟.
كثير من الأبناء فسدوا لعدم وجود الأبوين مع أبنائهم فالأب مشغول بعمله ، والأم مشغولة بهمها ومعيشتها ، وربما تحاول أن تجد عملًا يسليها ويكون مصدرًا تقتات منه ، وفي نفس الوقت يبعدها عن ركام مشكلاتها .
أدعو الله أن يملأ قلب كل منكما .. رضىً بالآخر
rrrrr
ثم إذا استقر رأيك وتفكيرك على الطلاق فإني أذكرك ببعض الأحكام المهمة في ذلك من باب الذكرى :
1ـ السنة فيمن أرادت أن تُطلق ، أن تجعل زوجها يطلقها طلقة واحدة في طهرٍ لم يجامعها فيه ، ولا يجوز أن تخرج الزوجة من بيت زوجها بل تبقى فيه ؛ لعل الله I يذهب عنهما تلك المحنة العصيبة بسلام ، كما قال الله I :
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}[الطلاق:1]
نعم لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا لأن قلبك أيتها الزوجة بيد الله ، ومن تكرهينه اليوم قد يكون أحب الناس إليك غدًا .. .
2ـ ثم اعلم أن بعد طلاقك منه الطلقة الأولى أو الثانية يجب عليه إرجاعك ـ إن أردتما ذلك ـ قبل انقضاء العدة ، فإن انقضت العدة ولم ترجعين وجب عليه كتابة عقد جديد ودفع مهر جديد .
3ـ أما إذا طلقك المرة الثالثة بنت منه ولا تحلين له حتى تنكحين زوجًا آخر كما قال الله تعالى :
{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}[البقرة:229]، وقوله I :
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}[الطلاق:2] .
4ـ إذا رأيت أن الطلاق والفراق هو الحل الأمثل على الأقل لك فأحسن معاملته وفارقيه بالحسنى ، وإياك والسب والشتام له ولأهله ، وجحده حقه من أموال كانت له عندك ، وإن كانوا ظالمين في نظرك ، بل فارقيه بالمعروف كما دخلتما بالمعروف ، وأوجدي أحسن الحلول وتذكري قول الله تبارك وتعالى :
{وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير}[البقرة:237]
rrrrr
وأخيرًا قبل أن تقدمي على موضوع الطلاق أذكرك بالاستشارة لأهل العلم والفضل والمختصين بشؤون الأسرة فقد تجدين عندهم ما يطمئن ويثبت فؤادك ، ثم استخارة الله I فيما أنتِ عازمة عليه .
وهذا أمر عظيم يتهاون به الكثير ..
كم من أناس إذا أرادوا شراء أرضٍ أو بيتٍ أو سيارةٍ .. سألوا أهل الاختصاص ، فما بالكِ فيما هو أعظم وهو موضوع فراق شريك الحياة وما يترتب عليه من تبعات وأمور مُرة توجع القلب والنفس ! .
أسال الله I أن يبصركِ في فعــل الصــواب ، وأن يذهب عنكِ حيرتكِ ، وأن ييسر لك ولزوجك الخير أينما حلت ركائبكما .
هذا ؛ وصلى الله على محمد ، والحمد لله رب العالمين .
وكتب محمد بن محمد الجيلاني
عفا الله عنه بمنه وكرمه
__________________
محمد بن محمد الجيلاني
مهتم بالكتابة حول شؤون الأسرة
التعديل الأخير تم بواسطة علي العلي911 ; 18-08-2010 الساعة 02:54 PM