ياااه يا وردة .. المدرسة وما أدراكِ ما المدرسة.
فتحتِ لنا باباً جميلاً من الذكريات.
هل تعلمين أنني كنت أحب المدرسة لدرجة أنني كنت أستثقل الإجازة الصيفية .. ولدرجة أنني في ليلة اليوم الدراسي الأول كنت أرتب ثياب المدرسة الجديدة (المريول + الجوارب + الحذاء أعزكم الله ) وأضعها بعناية على السرير كما أفعل بثياب العيد .. وكلي شوق ولهفة لليوم الدراسي والعودة إلى المدرسة؟
كنت ولله الحمد طالبة مجدة .. وكنت حريصة جداً على أن أكون معروفة بالاسم لدى كل معلماتي .. ولا أرتاح نفسياً إن خرجت المعلمة من الفصل في اليوم الدراسي الأول دون أن تكون عرفتني وحفظت اسمي ... وطبعاً لالالالالالازم أجلس في الصف الأمامي .. وفي المنتصف لا يميناً ولا يساراً ... يعني أمام المعلمة وبين عينيها بالضبط
وفي الفسحة لم أكن ألعب كباقي البنات .. وإن كنت أفعل ذلك أحياناً قليلة .. بل كنت في الغالب أمسك كتاباً وأدرس .. وأظل طوال فترة الفسحة أتمشى بكتابي في الساحة أو حول الصفوف.
طبعاً لم أكن الأولى .. ولكنني كنت مجدة وشاطرة ومن الأوائل .. ولم أكن أقبل أن يُقال عني كسلانة أو بليدة.
وعندما وصلت للمرحلة الثانوية ((قررت)) أن ألبس نظارة طبية .... لماذا؟
لأنني كنت أعتقد أن الطالبة المتفوقة يجب أن ترتدي نظارة
وأذكر موقفاً جميلاً مع معلمة الجغرافيا .. مس إكرام .. كانت جادة وصارمة جداً جداً لدرجة أنها لم تكن تضحك أو حتى تبتسم .. وكانت ملامحها دائماً جامدة.
في أحد الأيام اضطررت للتغيب عن المدرسة .. وطبعاً فاتتني حصتها ولكنني اتصلت بإحدى زميلاتي لأسألها عن واجب تلك الحصة فأخبرتني .. وعملت الواجب بالفعل .. وعند الحصة التالية كانت مس إكرام معتادة أن تطلب من طالبة ما أن تقف وتقرأ إجابات أسئلة الواجب أمام باقي الطالبات .. وفاجأتها في ذلك اليوم بأن رفعت يدي فسمحت لي .. ووقفت أقرأ إجابة الواجب .. وكانت كلها صحيحة .. وبعد أن انتهيت رفعت رأسي لأرى ابتسامة مرتسمة على وجه مس إكرام.
وطبعاً كانت المرة الأولى والأخيرة التي أراها تبتسم .. ورغم ذلك شعرت بالفخر لأنني استطعت انتزاع ابتسامتها ولو لمرة واحدة
وفي المقابل سبحان الله تحدث لنا مواقف قد تكون بسيطة في ظاهرها ولكنها تترك في نفسنا وسلوكنا أعظم الأثر:
موقف محرج كان من إحدى مدرسات الرياضة .. حيث راحت عليّ نومة فوصلت للمدرسة متأخرة .. وكنت أسرع المشي للحاق بالحصة الأولى .. فقابلتني مدرسة الرياضة تلك مع زميلتها .. ونظرت لي وضحكت قائلة: البت دي شكلها لسه صاحية من النوم
ومن يومها أصبحت أستيقظ قبل موعد خروجي بساعتين حتى أتأكد من أن وجهي تخلص من كل آثار النوم .. وظللت على هذه الحال سنوات إلى أن اكتشفت كريم كلينيك للعينين
أما الانكسار .. فالانكسار الأكبر كان من مدرسة التاريخ في المرحلة الثانوية .. وهو انكسار لازل يدمي قلبي حتى اليوم .. وقد ذكرته سابقاً .. ولا أريد ذكره ثانية لأنه يشعرني بغصة ورغبة في البكاء.
ولكن هناك بعض الانكسارات الأقل وطأة ولكنها أيضاً كانت موجعة .. ومنها الانكسار الذي تسببت فيه مس رباب ـ مدرسة الرياضيات ـ سامحها الله.
كانت أيضاً مدرسة صارمة جداً وملامحها في منتهى القسوة .. وبعبارة أخرى مخيفة جداً.
كنت في المرحلة الإعدادية .. وفي تلك الحصة طلبت مني أن أتقدم من السبورة وأكتب ناتج 9 × 9 .. فتقدمت ومشاعر الرعب تتقاذفني .. ووقفت أمام السبورة لوحاً جامداً .. فقد شُل تفكيري وعجزت عن تذكر الرقم .. فما كان منها سامحها الله إن أن جذبتني من شعري ـ في إهدار شديد لكرامتي وإنسانيتي ـ وسحبتني إليها تستنطقني كأنها ضابط مخابرات يحقق مع إرهابي: قولي 9 × 9 كم؟؟؟؟
ووالله لم أكن لأنجو منها لولا زميلة كانت تجلس في الصف الآخير .. حيث أشارت لي بأصابعها بأن حاصل الضرب هو 81.
وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي أغش فيها ـ برضاي ـ دون أن أشعر بتأنيب الضمير (أقول ذلك لأنني غششت مرة أخرى في المرحلة الثانوية ولكن بدون رضاي)
ومن يومها أكره الرياضيات أشد الكراهية .. وأكره أن يسألني أي أحد عن أية عملية حسابية .. وعندما اضطر لإجراء عملية جمع بسيطة فإنني ألجأ إلى الآلة الحاسبة .. وحتى إن اعتمدت على عقلي فلابد لي من الاستعانة بالآلة لأتأكد!!
ولعل ذلك كان أحد اسباب نفوري من القسم العلمي.
بس بالمناسبة .. 9 × 9 = 81 بالفعل .. صح؟؟