منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - حج القلوب..
الموضوع: حج القلوب..
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2010, 11:51 AM
  #1
انتظار الفرج
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية انتظار الفرج
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 2,935
انتظار الفرج غير متصل  
حج القلوب..




يسير الحجاج للبيت الحرام ، قاصدين رب الحل والحرام ،ولابد لهم في مسيرهم هذا من علامات تهديهم ، فجاءت علامات ودلالات القرآن للحاج ظاهرة تلوح في (سورة الحج) ،ولو أن الحاجّ تدبر هذه السورة التي تهز القلوب والجوانح هزّاً شديداً ، لسار في حجه بقلبه وجوارحه معاً، و لرأينا حجاً روحانياً تحفة الطمأنينة والسكينة ، وتغشاه الرحمة , وتلهج فيه القلوب قبل الألسنة بالتسبيح والتكبير والتلبية،ولم نر ما نرى من مظاهر التقصير والتفريط من بعض الحجيج .

- فكم نرى من نواقض ونواقص التوحيد في الحج ؟!
- وكم نرى من أذية الحجاج لبعضهم , ورمي القاذورات في الطرقات؟!
-وكم نرى من التدخين حتى في عرفة؟!
- وكم نرى من السهر على الفضائيات في المخيمات؟!
- وكم نرى من الظلم والسرقة والسب واللعن والغيبة والسخرية بالناس وغير ذلك حول بيت الله وفي شعائر الحج ؟!
كل هذا يحصل من البعض لضعف تعظيم العظيم في القلوب ، فما عاد هناك تعظيم لشعائر الله العظام

فالقلب هو ملك الجوارح ، فإذا صدق في توجهه إلى الله وعظم الله ؛ أذعنت الجوارح وانقادت لله .

فالأصل حج القلب ، وأعمال الجوارح هي الفرع ، وكلاهما دين قد تعبدنا الله به ، وبينهما تلازم ظاهر إلا في حال صلاح الظاهر مع فساد الباطن .

فيا معشر من حج ببدنه ، ولم يعرف عظمة الحج قلبه..


قفوا معي ، لتتامل ، ولتتدبر (سورة الحج) وهي السورة الوحيدة التي تسمَت باسم ركن من أركان الإسلام , وهذا لعظمة هذا الركن العظيم.
، فالحج في اللغة : هو القصد إلى معظم ، وأعظم مقصود هو الله العظيم سبحانه ، والناس كلهم سائرون إلى هذا العظيم في جلاله جل في علاه .

فسورة الحج، منارة للسائرين ، تجمع بين مسير الحاج إلى البيت الحرام بقدميه وبين مسيره إليه بقلبه ، تجمع بين تلبية القلب وتلبية اللسان ، تجمع بين رميه الجمار بيديه ورميه بقلبه ، بين نحره الهدي بيديه وبين نحره مع حضور قلبه .

وقد اشتملت هذه السورة على تعظيم الله رباً ومعبوداً، و تعظيم اليوم الآخر ، و تعظيم شعائر الله وأركان دينه العظام كالصلاة والزكاة والحج ونحوها


فقد افتتح الله هذه السورة بالأمر بالتقوى، (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)

وآكد على معنى التقوى في أكثر من موضع فقال سبحانه (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى منكم)الحج37

ثم بين سبحانه محط ومكمن هذه التقوى فقال (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) .الحج 32

أضاف التقوى إلى القلوب ، لأن حقيقة التقوى في القلب ،و أصل تعظيم الله وشعائره هو القلب ،

ولهذا قال عليه الصلاة والسلام _ كما في الصحيح _ :
" التقوى هاهنا " ثلاثا ، وأشار إلى صدره .

يقول ابن السعدي رحمه الله


"فالعبادات إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه"



وبعد الآمر بالتقوى في بداية السورة قال ربنا (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)
ذِكرُ هذا اليوم المهيب ، المخيف، والذي ترتجف له القلوبُ، وتطيش لأهواله العقول، في مطلع سورة الحج ، إن تأملته اتضح لك أن الحج مثال ليوم البعث، وإظهار أن الملك لله الواحد ، فتقف على عرفات مستحضرا عظمة الله تعالى، مذكرا نفسك بيوم القيامة ، فوقوفك بعرفة مع ازدحام الخلق ،وارتفاع الأصوات، واختلاف اللغات، يذكرك بيوم الحشر واجتماع الأمم مع الرسل والأنبياء ، واقتفاء كل أمة نبيها، وطمعهم في شفاعتهم، وتحريهم في ذلك الصعيد الواحد بين الرد والقبول.



ثم بعد ذكر يوم القيامة والبعث ، ذكر الله عز وجل مناسك الحج وقال بعدها سبحانه : (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [الحج:30]} وهي إشارة إلى أن الخير الكثير إنما هو لمن تنسك؛ معظما لحرمات الله، متقيا معصيته. ولذلك كرّر الله وأكدَ وجوبَ تعظيم المسجد الحرام وتعظيمِ البيت والحجر ، والركنِ والمقام ، والصفا والمروة ، ومنى وعرفةَ والمزدلفة ، والجمراتِ والهدي التي لا تراق دماؤها إلا لله ، كل هذا تعظيم لله






ثم ختم سبحانه سورة الحج بقوله: { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } وفي ذلك يقول[أ.د. ناصر العمر]

هذه إشارة إلى استمرار الجهاد والمجاهدة بعد الحج، وأن ذلك ليس خاصا به، بل العبد
محتاج لها في الصلاة، والزكاة، والاعتصام بالله، مبينا أن الانضباط بالشريعة – مع
حاجته إلى المجاهدة – ليس فيه أي حرج أو عسر، بل هو سمة هذا الدين، ومنهج
أبينا إبراهيم، فهل يتنبه لذلك من يركن للراحة والدعة والتفريط بعد الحج؟





هذه بعض منازل تلك السورة القلبية العظيمة
اسأل الله ان ينفعنا بها

وصلى الله وسلّم على خير مَن لهذه الشعائر عظَّم ،،
__________________

إذا كثُر الاستغفار في الأمة وصدَر عن قلوبٍ بربّها مطمئنة دفع الله عنها ضروباً من النقم، وصرَف عنها صنوفًا من البلايا والمحن،
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

التعديل الأخير تم بواسطة انتظار الفرج ; 12-11-2010 الساعة 12:21 PM