نتابع قصة الجنوبي
الجنوبي لا يبني المستقبل
لأنه مع الانهيارات الثلجية ومع التنقل المستمر للجماعة لا يوجد مستقبل
ولا توجد طرق راسخة للبناء
وكما ترون ..
فإن الجنوبي الذي أصبح سعيدا بجماعته الجديدة بدأ يتنقل معهم
وكان يحدث نفسه لو أنه يلتقي بفتاة أحلامه الدافئة المشرقة
كانت في القبيلة التي بات ينتمي إليها مجموعة كبيرة من الفتيات
وكلهن معجبات ...
وهو يميل إلى استلطافهن والتودد إليهن بشكل مستمر
فكثيرا ما يخبرهن كم هن جميلات
وكثيرا ما يهدي إحداهن تمثالا جميلا من الثلج
فيما يرفقهن جميعا بنظرة فاحصة بين وقت وآخر
لكنه يتوق إلى أمر آخر ..
أمر يفتقده ..
إنه كالشمالي الذي يقع في حب الجنوبية لأنها تمتلك مايفتقده
حيث تمتلك الحب والحنان الظاهر والغامر
وهكذا فإن الجنوبي سيقع ذات يوم في حب امرأة تفيض دفئا ونشاطا
امرأة تحمل ما ينقصه
تحمل النار المتأججة
التي ستسري في أوصاله وتعيد إليه الدفء
كان الجنوبي حتى ذلك الحين قد حقق مكانة كبيرة بين أفراد القبيلة
وقد استطاع بحكمته وسديد رأيه أن يتبوأ مركزا طيبا لدى رئيس القبيلة
فأصبح مستشاره الخاص
وبينما هو يتنقل عبر الثلوج ..
عثر على فتاة قد تاهت من قبيلة ربيعية بينما كانوا يعبرون القطب
سقطت بين الثلوج
أسرع إلى نجدتها
وكانت باردة حد الموت
حاول الجنوبيون إنقاذها
وبالفعل تمكنوا من ذلك
ورحبوا بها في القبيلة
بدأ الجنوبي يراقب هذه الضيفة القادمة من المجهول
والتي تختلف عنهم في كل شيء
وكأنها كائن مختلف
إنها نشطة
ولا تعير العواطف الكثير من الإهتمام
تعمل صامتة
وتعمل بجدية
وتنهي الكثير من الأعمال في وقت واحد
ولا تكاد تشعر بالبرد
كما أنها لا تهتم كثيرا لعينيه الفضوليتين
ولا لتوددات أفراد القبيلة المستمرة
ينظر لها الجنوبي، المستشار والقائد الجديد
وتعتمل مشاعر الحب والإعجاب في قلبه نحوها
ولا يكاد يرى سواها
وفجأة يصبح مخلصا
فيتوقف عن ممازحة بنات القبيلة
ويخصص كل مشاعره للتفكير بفتاته الشمالية
عندما ينظر الجنوبي للشمالية
يرى كم هي منهكة متعبة
وكم هي باردة من الخارج
فيعتقد أنه المنقذ لها
وأن عليه أن يسرع إلى تلبية احتياجاتها من الحب والإحتضان
الجنوبي كغيره من الناس يرى العالم بمنظوره الخاص
ويعتقد أن كل الناس مثله تشبهه في احتياجاته
وأن الشمالية لا تحتاج حاليا إلى أكثر من الحب والدفء
والإنتماء الذي كان قد احتاج إليه سابقا عندما كان وحيدا
الشمالية حركت لديه بعض المشاعر لأنها خاطبت الإختلاف
والجنوبي يشعر بانجذاب
ويرغب لو أنه يستطيع أن يبث ذلك الحب الكبير والود إليها
لكنه خائف متردد ويشعر بالخجل بعض الشيء
لكن الشمالية الجريئة شعرت به
وأدركت أنه يراقبها
فاقتربت منه وسألته إن كان يرغب في قول شيء
لكن الجنوبي أصيب بالتوتر والتردد من جديد
وبدأ يحدث نفسه عن قوتها وجرأتها
ورأى أن بامكانه البوح ...
فباح لها بما في قلبه وأنه يرغب في الزواج
طلبت الشمالية مهلة قصيرة للتفكير
إنها متسرعة ولهذا وافقت بعد هنيهة
لكنها سألته عن مهرها فماذا قال.....؟؟؟
قال لها:
أعدك أن لا أتركك وحيدة أبدا
وأن أمدك كل لحظة من حياتك بالحب الذي تحتاجين إليه
وأن أجعلك تعيشين مدى عمرك دافئة
فكيف فهمت الشمالية الكلام.....؟؟؟
أعدك أن لا أتركك وحيدة:
أن يلازمها حتى حينما تقرر الإنفصال عن الجماعة والرحيل إلى بقعة أكثر أمنا ...
أجعلك تعيشين في دفء:
أي أبني لك بيتا في مكان دافء وحميم
ومرت الأيام والشمالية تنتظر ...
والجنوبي طيب القلب المسالم لا يفعل شيء أكثر من احتضانها بالحب والعطف كل ليلة
ويتباهى بها أمام أفراد قبيلته كم هو فخور بزوجته
منصرفا بذلك عن مغازلة جميع نساء القبيلة
وكانت الشمالية في بداية الأمر مثله
منغمسة بطبيعتها كأنثى في أحضان حبه ووده، وسعيدة به،
لكن...
في أحد الأيام استيقظت الشمالية فوجدت أن بيت الجيران قد انهار
بسبب انهيار ثلجي أثناء الليل
فشعرت بالرعب
وفكرت أن ذات الشيء سيحدث لهما لو أنهما بقيا هنا
فسارعت إلى زوجها الجنوبي تخبره ما حدث
لكن الجنوبي لم يحرك ساكنا
كل ما فعله أنه ساهم مع أفراد القبيلة في دفن الموتى
بقيت الشمالية تفكر ..........
والجنوبي عاد إليها أكثر شوقا، يملأه الحب، والود
وهو يفكر في أعماقه ..
قد حصلت على امرأة هي كل كياني
امرأة تختلف عن كل نساء القبيلة
يحسدني عليها الكل
كم أحبها .... !!!
سأعوضها عن كل أيام البرد التي عانتها
وسأخذها في قلبي أبد الدهر
لا تساويها امرأة أخرى
سأحتضنها كلما كانت بقربي
ولن أسمح لمكروه يمسها
بينما الشمالية تفكر في الوعود التي قطعها الجنوبي على نفسه ولم ينفذها حتى الأن
فأين الأمن الذي وعدها به ..........؟؟؟