عزيزتي..
تعرفين بالطبع مقولة: فاقد الشيء لا يعطيه.
عن نفسي لا أؤمن بها كثيراً .. وأرى أن الإنسان ـ بغض النظر عن المواقف الصعبة التي عاشها أو المشاعر التي حُرم منها ـ فإنه قادر على التحكم في نفسه إلى حدٍ ما وعدم السماح لما حدث في الماضي بأن يؤثر على حاضره ومستقبله وسلوكه بشكل عام.
أمي رحمها الله كانت تقوم بواجبات أمومتها كما يجب .. ولكنها عاطفياً لم تكن كذلك .. لا أقول إنها لم تكن تحبنا ولكنني لا أذكر أنها قبلتني أو احتضنتني أو مسحت على رأسي .. ولا أذكر أنني سمعت منها كلمة أحبكِ لي أو لأيٍّ من إخوتي .. ووالدي رحمه الله كان أفضل منها بعض الشيء ولكن ليس للدرجة التي تشبعني أنا وإخوتي .. ورغم ذلك تعالي شوفيني مع عيالي: التعبير العاطفي لفظاً وفعلاً أمر مقدس .. ومستحيل أن يمر يوم بدون احتضان وقبل وكلمات حلوة.
ورغم أنني أشبع صغيراي عاطفياً إلا أنهما رغم ذلك يغاران من بعضهما في هذا الأمر .. وعندما يجلس ابني سلطان بجانبي ويحتضنني تأتي ابنتي مهرة وتحشر نفسها بيننا عشان تاخذ نصيبها من الحضن .. فكيف تتخيلين شعور ابنكِ وابنتكِ المحرومين أصلاً من عاطفتكِ؟!!
إن شعرتِ أنكِ لا تستطيعين التعبير بشكل تلقائي فاجعليه مخططاً .. يعني ((قرري)) أن تحتضني ابنكِ وابنتكِ في الصباح عندما يستيقظان من النوم .. و((قرري)) أن تقبليهما قبل ذهابهما إلى المدرسة وبعد رجوعهما منها .. و((قرري)) أن تقولي لكلٍ منهما: أحبك قبل أن يخلدا للنوم.
اعتبريها مهمة رسمية والتزمي بها .. وشيئاً فشيئاً ستعتادين ذلك ويتحول إلى أمر تلقائي.
الإشباع العاطفي مهم جداً يا عزيزتي .. وصدقيني لن ينعكس الأمر إيجاباً على صغيريكِ فقط .. بل سينعكس إيجاباً عليكِ أنتِ ايضاً وسترين ثمار ذلك بنفسكِ.
__________________
اللهم طِيبَ الأثر .. وحُسْنَ الرحيل.