منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - "" مميـَز "" والدتي رحمها الله. ذكريات ، وعظات ، وعبر .
الموضوع
:
"" مميـَز "" والدتي رحمها الله. ذكريات ، وعظات ، وعبر .
عرض مشاركة واحدة
16-03-2011, 09:35 AM
#
2
أبو فيصل
المدير العام
تاريخ التسجيل: Oct 2005
المشاركات: 15,836
كانت والدتي صوامة قوامة ، وامرأة صالحة كما أحسبها . فلم تكن تترك صيام الإثنين والخميس ، أو الأيام البيض ، أو عشر ذي الحجة ، .
أما في الليل فهي قائمة تصلي ، وكم رأيتها سكبت دموعها على خديها وعبراتها تخنقها خشية الله وحبًا فيه .
وأنا طفل . أو وأنا أب كبير .
الأمر سيان لم يتغير القيام والصيام لم ينقطعان إلا لمرض شديد قد يكون بإيعاز منا نحن
أبنائها خوفا على صحتها .
! ياااااااه كم من العمر مضى وهي على هذه الحال .
صلاة وتهجد وصوم وقيام !!! سنين ترعرعت فيها وتزوجت وكبرت فأصبحت أبًا !!! وخط الشيب رأسي . وهي هي نفسها عابدة قانتة لله
تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر .
كانت كثيرًا ما تتحدث معي رحمها الله عن رؤية الله في الجنة فلا تلبث أن تبكي بكاء كثيرا لا يتوقف ، وذلك شوقًا للقاء الله جل في علاه
ومحبة له .
http://www.archive.org/download/4-al...ah-in-gana.ram
أما الموت وما أدراك ما الموت . فلم أزرها يومًا إلا وناصحتني وذكرتني بالموت
بل كانت تقول لي يا وليدي أحمد الله على الإسلام
ولا تموت إلا وأنت مسلم ، الله يصلحك .
ويحسن خاتمتي يا وليدي وخاتمتك .
http://www.ozkorallah.net/subject.as...=92&sub_id=608
في آخر أيام حياة والدتي رحمها الله وفي أوج مرضها . وحينما كنا نزورها .
لم تكن تستطيع الكلام ، بل لا صوت لها . كانت تحاول أن تتكلم .
ولا تستطيع فالحبال الصوتية توقفت تماما . تحاول الكلام فلا تتكلم .
لكني مرة سمعتها فجأة وهي في شبه غيبوبة تقول لي ( رح صل )
ويروي لي أخي أبو أسامة أنها كانت تقول له وهي على الحال نفسه :
صلو . صلوا . صلوا .
لقد تعلق قلبك يا والدتي بالصلاة . وتعلق بمناصحة أبنائك بالصلاة .
فرحمك الله أيتها الغالية .
كانت تقرأ ما تحفظه من قرآن فتكثر من تلاوة الفاتحة وهي على فراش الموت .
وكانت كثيرة التسبيح والتهليل والإستغفار .
نصيحتي لكل من يمرض له حبيب ويحس بدنو أجله
أن يذكره بالله وبالتسبيح والتهليل والإستغفار فلا هدية للحبيب أعظم من هذه الهدية .
كنت مع أخوتي وبعض أبنائهم قبل وفاة والدتي بليلة في المستشفى وهي في حالة غيبوبة وقد بدأت تحتضر ..
فكنا نلقنها الشهادة لساعات وكانت تستجيب على الرغم من الغيبوبة والاحتضار .
ترفع اصبع السبابة بشكل متكرر كلما ذكر اسم الله .
وكنا على رأسها من الثالثة عصرا حتى العاشرة مساء تقريبا نلقنها الشهادة فتستجيب .
أما قبل دخولها الغيبوبة فكانت تكثر من لا إله إلا الله .
أتذكر بعدما انقطع صوتها أنها تنهدت لتقول لا إله إلا الله كعادتها .
لكنها تفاجأت أن لا صوت لها ! فلم يتحرك سوى لسانها وشفتيها دون صوت ! أو حتى همس !
في ليلة وفاتها وأثناء تلقيننا لها للشهادة كنت أذكرها بأنها ستذهب إلى الله الذي طالما تشوقت للقاءه
وأنها ستذهب لحبيبها ربها ، وهو الذي يحبها أكثر من أبناءها
وهو الذي يرحمها أكثر من رحمة أبناءها لها وشفقتهم عليها ، فرحمته وسعت كل شيء .
طيلة أيام مكوثها في المستشفى 12 يوم لم تذق رحمها الله الماء سوى منقطا بالمنديل نقطتين أو ثلاث .
فقد منع الأطباء منها ذلك , وكانت متشوقة إليه وعطشى طيلة تلك الأيام .
يروي لي أخي أبو أسامة أنه بل منديلًا ووضعه في شفتيها بعد عطش دام أكثر من تسعة أيام تقريبا فشفطت المنديل !!!!
تألمت في نفسيتي مع أخواني كثيرًا لمشاهدتنا معاناة أمنا
فلم نكن نذق للنوم طعمًا في أيام كثيرة . لدرجة أنني من شدة رحمتي لها ولما شاهدته من ألم تمنيت أن ترتاح من الدنيا
فهي تتألم أمام عيني ولا أملك لها شيئا ...
أراها تتوجع وأنظر إليها شفقة وعطفا دون حراك فلم يكن بيدي شيء .
لن أنسى طيلة حياتي نظرتها لي في شدة ألمها وتريد أن تتكلم لتشكو من الألم فلا تستطيع . آه يا أماه كم تألمت لألمك . لن أنسى تلك اللحظة أبدًا .
بعد وفاة والدتي رحمها الله بكيبت وحزنت
لكن الألم الذي كان يعتصر قلبي في مرضها زال لأني أطمع بفضل الله أنها ارتاحت من المرض والسقم
بل نسيت مرضها تماما ، فقد ذَهبت لله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين .
عن أنس بن مالك قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
"إذا أراد اللَّه بعبد خيراً أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صباً، وثجه عليه ثجاً،
وإذا دعاه قالت الملائكة : يا رب صوت معروف ، فإذا دعاه الثانية فقال :
يا رب ، قال اللَّه تعالى - لبيك وسعديك لا تسألني شيئاً إلا أعطيتك أو دفعت عنك ما هو شر وادّخرت عندي لك ما هو أفضل منه
فإذا كان يوم القيامة جيء بأهل الأعمال فوفوا أعمالهم بالميزان أهل الصلاة والصيام والصدقة والحج
ثم يؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم الميزان ولا ينشر لهم الديوان ويصب عليهم الأجر صبا كما يصب عليهم البلاء
فيودّ أهل العافية في الدنيا لو أنهم كانت تقرض أجسادهم بالمقاريض لما يرون مما يذهب به أهل البلاء من الثواب .
فذلك قوله تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ".
فبعد أن تذكرت تلك الأحاديث هدأت نفسي ولله الحمد .
لن أنسى تلك اللحظات حيث وُضعت في القبر وأنا أنظر إليها فإذا بشريط حياتي معها يمر بسرعة أمام عيناي . فقلت في نفسي :
هذه أمي تلقى في القبر ، وسأكون مثلها يومًا ما !!! يا الله . استعرضت حياتها أمام عيني ، لكني حمدت الله أني ما لقيتها ورأيتها إلا على خير ...
الحمد لله على فضله ورحمته وهدايته .
بعدها تذكرت نفسي وأنا المكثر من الذنوب والمعاصي .
تذكرت أنني سألقى في القبر مثلها . لكن كيف سيكون وضعي .
والله أنني تذكرت هذه القصيدة في تلك اللحظات .
أبو فيصل
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع العضو أبو فيصل!
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو فيصل