منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - مسير أم مخير
الموضوع: مسير أم مخير
عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-2011, 12:21 AM
  #6
حواء
نائب رئيس الهيئة الشرعية
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 491
حواء غير متصل  
وفهم موضوع القدر بجلاء يبدأ من معرفة مراتب القدر، وهي مراتب لابد من الإيمان بها، ليتم للمسلم الإيمان بالقدر، وهي:
1- العلم: أن الله علم كل شيء قبل حدوثه أزلاً، والأدلة على ذلك متوافرة متعاضدة منها: ( ذلك لتعلموا أن الله على كل شيء قدير
وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا
) سورة الطلاق : 12 وقال - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سئل عن أولاد المشركين:
"الله أعلم بما كانوا عاملين "رواه البخاري برقم: 2660

2- الكتابة: أي أن الله - تعالى - قد كتب تلك المقادير التي علمها بعلمه الشامل لكل شيء، وهذه الكتابة في اللوح المحفوظ.
والأدلة أيضًا متوافرة، منها قوله تعالى: (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ) النمل : 75 وقال الرسول
- صلى الله عليه وآله وسلم - : "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة"رواه مسلم برقم: 2653

3- الإرادة والمشيئة: وهي أن كل ما في الكون إنما يجري بمشيئة الله، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.. فشاء سبحانه ما علمه وكتبه.
ومن أدلتها الكثيرة قوله تعالى: ( إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد ) هود: 107، وقال - عليه الصلاة والسلام لما قال له رجل
ما شاء الله وشئت : "أجعلتني لله عدلا، بل ما شاء الله وحده "رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 139

4- الخلق، وهو أن الله تعالى - خلق كل شيء، ومن ضمن ذلك أفعال العباد، فهو خالقها بمعنى خالق إرادة الفعل والقدرة عليه في نفس العبد
والعبد هو الفاعل على الحقيقة، وهذه التي فيها النزاع بين الطوائف، قال تعالى: ( والله خلقكم وما تعملون ) الصافات: 96 وقوله
- عليه الصلاة والسلام - : "اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها "رواه مسلم برقم: 2722 ووجه الدلالة أن الفاعل
حقيقة هو الله - عز وجل - من حيث هداية العبد وخلق القدرة في نفسه الإذن له بفعل الأمر.

--------

ثم بعد بيان تلك المراتب أقول أن هناك قواعد ينبغي أن تكون راسخة في المعتقد لتحل إشكاليات قد يقع فيها الإنسان في باب القدر، من تلك القواعد:

1- علم الله كامل محيط بكل شيء، فهو يعلم الأمور قبل حصولها، فكتب في اللوح المحفوظ ما علم أن العباد سيفعلونه
لا ما أجبرهم عليه، ويمكن تصور ذلك، فهذه الأم تعطي أبناءها مالا وهي تدرك في نفسها تقول أعلم أن فلانا سيشتري بها كذا
وفلانا سيدخر هذا المال، وفلانة ستفعل كذا، لأنهم أبناءها وتدرك طبيعتهم وكيف يفكرون وماذا سيختارون، ولله المثل الأعلى
فربنا يعلم ماذا سأختار وماذا ستختارين أنت، لذلك كتب ما علمه سبحانه بعلمه المحيط لكل شيء ( وسع كل شيء علمًا) .


2- الله غني غنى كاملاً عن عباده، فلا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، وإنما الإنسان يُقدم لنفسه ما أمر أن يعمله.
والله ليس بحاجة إلى العباد حتى يجبرهم ويكتب عليهم الذنب ثم يعذبهم عليه.


3- الله لا يظلم الناس شيئًا، فهو كامل العدل سبحانه.


4- الله - عز وجل - لما كلفنا بالأوامر والنواهي، فقد أقام علينا الحجة، فلا يحتج أحد على الله بالقدر وذلك من وجوه:
- أن الله لا يكلف إلا البالغ العاقل.
- لا يكلف الله إلا المختار، فيحاسبه، أما المكره المجبر على عمل فإن الله لا يكلفه ولا يحاسبه، ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)
- لا يكلف الله إلا القادر، أما العاجز فلا يكلفه ولا يحاسبه على تقصيره بسبب عجزه.

5- قامت الحجة علينا جميعا بإرسال الرسل وإنزال الكتب وتشريع الشرائع، فلا حجة لأحد يقول فيم العمل؟
لأن الله ميسرنا جميعًا لما سنختاره نحن بمحض إرادتنا التي خلقها الله، وقد علم الله سابقا ما سنختاره
وكتبه عنده، ولم يأمرنا أن نفتش عما كتبه وعلمه، إنما أمرنا أن نعمل، وسنجد الجزاء ..


وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى

والله أعلم

التعديل الأخير تم بواسطة حواء ; 23-04-2011 الساعة 12:29 AM