منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - كواكب الأسحار ( قصتي ورفيقة دربي )
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-08-2011, 03:42 AM
  #140
ثنيـــــان
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية ثنيـــــان
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 1,189
ثنيـــــان غير متصل  
حياك أخي أراني أعود مرة أخرى وأنجر لهذا الموضوع ربما لأني أحببت أن اشرك بهذه القصة

التي أتمنى أن يكون فيها عبرة وعظه للجميع .. ولا بأس إن أطلت في عرضها لتكون صورتها مقربه إلى الذهن ..



في عام 1402هـ 1982 وفي يوم جمعة وقد نزل علينا غيثاً من السماء استبشرنا به من قبل ذلك اليوم بأيام ،

فخرج أكثر الناس إلى البر مستبشرين سعداء ومسرورين فاليوم جمعه العيد الإسبوعي ، والجو يميل إلى الدفء

لأن الوقت شتاءاً ، والشمس مشرقة ، والأرض ممتلئه بالماء ،وأصوات الطيور المغرده الجميلة وريح النفل

والأقحوان يملأ الأركان..

وما هي إلا لحظات وقد تبدل الجو الى الظلام وامتلئت السماء بالغمام وتقاطر من كل حدبٍ وصوب ، فأخذ

المطر يتساقط شيئاً فشيئا، فمن الناس من فضل العودة إلى منازلهم خوفاً من أن يحدث مكروه ، وبعضهم فضل

الإنتظار والإستمتاع بالأجواء الطبيعية الجميلة .

زاد المطر والأرض أصلاً لم تكن عطشى ، وسقط في أيدي من بقي في البر كيف له أن يعود وقد سال الوادي

الذي يفصل الناس عن مدينتهم والعودة إليها ..

فوقفوا بسياراتهم ينتظرون لعل أن يهدأ المطر ، لعل وعسى ، ولم يتجرأ أحدهم على المغامرة بالسير ، إلا واحداً

كان معه ثمانية من أفراد أسرته ، أكبرهم بنتاً في الثانوية تدرس وأصغرهم طفلة رضيعة ...!!

وقف بسيارته ينتظر ثم طال الإنتظار وفضل أن يواصل السير ويقطع الوادي بسيارته مبرراً أن القادم قد يكون

أفظع مما هو به الآن! .

حاول الكثير من الناس ثنيه عن إقدامه هذا ، لكنه أبى ..

حاولت بناته السبع وابنه الأصغر وزوجته لكنه قال توكلوا على الله .. على الرغم من صيحات الناس إلا أنه

اقدم على هذه الخطوة الجريئة..!!!!!!!

سار بسيارته في الوادي وكان جريانه شديدا وسرعته كبيرة ظناً منه أن بإمكانه أن يتجازوه، وما هي إلا لحظات

وتقف سيارته دون حراك ، حاول وحاول فأسقط في يده ، وثوان والماء يغمر السيارة ، والأنفس تضطرب والبنيات

يصرخْنَ والقلوب ترتجف فالموت يتراءى بين تلك الأمواج الهادره والنظرات توحي بنظرات الوداع والدموع تختلط

بماء السيل والناظر موقن بالهلاك لامحالة ثم بدأت السبحة تنفرط فتتساقط بناته الواحدة تلو الأخرى ، بينما

يلتفت وهو قابض على مقود السيارة ينظر لبنياته والماء يقذفهنّ ، يحاول أن يمسك بتلك أو يحجز تلك ، لكن

دون جدوى..!!

فالتفت إلى زوجته وهي تصيح لم يبقى لنا إلا الصغيرة وما هي إلا لحظات وتتهاوى في الماء هذه الصغيرة

تحاول والدتها جاهدة أن تمسكها فتقع معها ويجرفها الماء .. كان الموقف جدّ فظيع ومع صيحات الناس وبكاء

النساء اللواتي أحطن بالوادي أصبح الحزن مضاعف ..! أصيب الناس بهستريا شديدة مابين رائح وغاد لا

يستطيعون فعل أي شيئ ..!! وليس لديهم أي وسيلة إنقاذ ..!!

بقي الآن الرجل في السيارة وحيداً يصيح : أمن منْقِذْ ..؟؟!! وبصعوبة بالغة استطاع الوصول إلى ضفة الوادي

ثم سقط مغشياً عليه .. ومن الغدْ كانت الكارثة أن بعض بناته رحمهن الله لم يتوصلوا لجثتها إلا على مسافة

2- 4 كم من مكان الحادث ، كانت محزنة عظيمة ، ومأساة كبرى أن يفقد رجل كل أسرته وأمام عينية ،

صُفت الجنائز الثمان وصُليَ عليهنّ وهاج الناس وماج بكاء وصراخ النساء وعويل و..و..و.. لكن لافائدة وقع

القدر المحتوم.عمّ الحزن الجميع وسالت الدموع وبكى الأطفال قبل الشيوخ ، أي كارثة حلت وأي مصيبة وقعت

..! ياالله ..

عاش ذلك الرجل أسابيع بعد الحادث صامتاً لايتحدث مع أحد .. حتى قيل ربما جُنّ أو أصابت عقلة لوثه ..!!

لكن الله سلّم ..وسأل أحد المشائخ فقال يجب عليك لزاماً أن تصوم ستة عشر شهراً كفارة كونك متسبب في

إزهاق هذه الأنفس.. كل شهرين متتابعين لاتفصل بينهما بفاصل .. وتوكل على الله .. وصام كل الستة عشر



شهراً خلال سنتين ، ولم ينتهي من الصيام إلا وقد أتم حفظ القرآن الكريم ، وأصبح إمام مسجد وتزوج وكون أسرة

من جديد وعاش حياته، وأصبحت كُبرى بناته الآن معلمه بينما ابنه الاكبر في الجامعة يدرس الآن ..!!

صحيح أني أرى في وجهه مسحة حزن لكن حقيقة لاألومه ..لكنه استطاع الخروج من ذلك الموقف المهيب ..!




لم أذكر هذه القصة إلا لتتسرى بها وليس لأجل إقناعك بشيئ أنت لاترغبه ، ولو أني لا أحب أن أطيل أكثر

من ذلك لذكرت قصة أخرى سمعتها من والدي حفظه الله . ولعل في ما ذكرت فائدة لك ولغيرك ، ولنعلم أن

المصائب تترى ولكن السعيد هو من استطاع تجاوز محنته وعاش بأمن وسلام .

وفقك الله وأعانك وحفظنا الله وإياك من كل سوء . وأعتذر لمداخلتي هذه إن شابها بعض الإطاله.

تقبل فائق سلامي،،

التعديل الأخير تم بواسطة ثنيـــــان ; 19-08-2011 الساعة 03:47 AM