منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - عصفورة تسكن نافذة غرفة نومي (من اوراقي العتيقه)
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-2011, 09:48 AM
  #1
لاحب بعد اليوم
موقوف
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 703
لاحب بعد اليوم غير متصل  
Post عصفورة تسكن نافذة غرفة نومي (من اوراقي العتيقه)




الساعه الآن تشير الى الخامسه فجراً ,اليوم هو اليوم الثاني من إجازتي ألأسبوعيه,
كان من المفترض أن أسافر بالأمس الى المدينه التي يقطنها اهلي لأقضي معهم يومين وأطمئن على احوالهم, ولكني أشعر بتعب وإرهاق شديدين وليس لدي قدرة وطاقة على مشاق السفر.
قررت أن أقضي هذه ألأجازة في شقتي لآخذ قسطاً من الراحه من عناء العمل. إستاذنت والدتي واعتذرت لهاعلى عدم قدرتي للقدوم فتفهمت عذري.
قضيت ليلة البارحه على فراشي , جهاز التلفاز لايعمل ! وبحاجه الى إصلاح منذ شهر
الكسل يمنعني من حمله من الدور الرابع لدور ألأرضي وتحمل مشوار السلالم و الذهاب به الى التقني لأصلاحه.
مللت من قراءة الكتب التي في مكتبتي الصغيرة او بالأصح الملقي بها في كل مكان ,الجرائد والمجلات ليس فيها شيء جديد.
وقت فراغي طويل جداً أصبحت الآن احسن حالاً من البارحه.
جاءت في بالي فكرة السفر الى أهلي ولكن أيضاً الوقت ضيق جداً فغداً عندي دوام رسمي السادسه صباحاً!
هاتفت بعض من زملائي لأضيع وقتي معهم , الكل مشغول والبعض لايرد
خطرت في بالي فكره ترتيب شقتي فحالها مزريه جداً.!
ألأوراق والكتب والاكواب والصحون وعلب البيبسي الفارغه والأكياس البلاستيكيه مبعثرة في كل مكان والصالون يعج بالضجه.
وغرفتي لاتقل حالاً عن الصالون فالملابس ملقي بها على فراشي و ألأدويه على ألأرض وسريري مبعثر , ليس كل شيء في مكانه الصحيح.
والمطبخ كأن حدث فيه زلزال تسونامي! من شدة مابه من صخب البعثرة
وضعت يدي على رأسي هل انا أعيش هنا؟! حالة الذهول هنا لم تكن فقط مفاجأه بل كانت كالصاعقة على رأسي , ادركت الآن كمية الشقاء الذي تعانيه والدتي ومدى غضبها علي الذي يصل احياناً لصراخ عندما لا أرتب اشيائي
وشعرت بمدى مرارة اخواتي الاتي كن يظهرنها عندما يرتبن غرفنا كل صباح وكأنهن يؤدون عملاً عسكرياً او انهن موضفات يعملن لدينا.
آه هذا حال الدنيا والان تدور علي الدوائر ومازرعته بالامس احصده الآن
لامخرج لدي لابد من أن انظف شقتي, المهمه شاقه جداً ولكني اهلاً لها
جاء في ذهني ان استأجر احدهم ليقوم بالمهمة عني وفكرت في العامل الذي مهمته تنضيف سلالم وممرات العماره.
ذهبت مسرعاً لباب شفتي علي اجده ومارست مهمة البحث عنه من الدور الرابع حتى الدور الأرضي ولكني لم اجده.
عدت إلى ادراجي خائباً!, صعدت السلالم بخطى متثاقله وانا اعلم أن امامي مهمة صعبه ومضنيه وانا اتأفف من نفسي والومها على الحال الذي وصلت اليه.
وصلت الى شقتي ولازالت على حالها لم يتغير فيها شي , تمنيت لو اني املك مصباح علاء الدين واخرج المارد او الجني او العفريت الذي بداخل المصباح وعندما يقول لي شبيك لبيك انا بين يديك أطلب انا عبدك واطيعك
اكيد سيكون طلبي الأول هو ان ينظف شقتي ويعطرها ويصبغ جدرانها!
او كنت اتمنى ان املك العصى السحريه لأحول الخراب الحادث الى شقة إنسان متحظر في القرن الواحد والعشرين.
مافائدة ألأحلام والتمني والندم , شمرت عن ساعداي وساقاي وربطت رأسي بمنشفه وبدأت بوضع الأوراق الملقيه على ألأرض في كيس قمامه وانا غير مهتم بما تحتويه هذه ألأوراق او مدى اهميتها, أريد ان انهي المهمه وحسب
وعند إنتهائي من ألأوراق جمعت القوارير والعلب الفارغه والصحون والاكواب والفناجيل وعلب ألأدويه و وضعت الكتب والمذكرات في مكانها و(كنست) الأرضيه , انتهيت من الصالون ولله الحمد وانا لست مصدقاً اني انتهيت وأيضاً مقدار الفرح الذي يسكنني كان كبيراً

توجهت الى المطبخ عملت بكل جهد وجد , بصراحه لم أشعر بالتعب بل شعرت بالراحه ربما لأن طاقتي بدأت في ارتفاع او ربما لأني كنت أغني وانا امارس هذه المهمه فكان الغناء بمثابة المسكن لما افعله من عمل كبير ومتعب
إنتهيت من المطبخ بسرعه فائقه جداً وانا اقول في نفسي : أنا فعلا بطل!
لأن مافعلته يعتبر عملاً بطولياً

فتحت الثلاجه اخذت كأساً من الماء لابد أن أعوض جسدي عن السوائل التي فقدتها , اعدت الكوب الى مكانه وقارورة الماء الى مكانها , انا فعلاً بدات ارتب نفسي!

توجهت بالمكنسة وأكياس الزباله الفارغه الى غرفتي لأبداء التنضيف وانا أقول :استعنت بالحي الذي لايموت يارب .. وأبداء المهمه و اديتها على اكمل وجه
الحمدلله انتهيت

بدأت بتوبيخ نفسي .. فحدث حواراً بين عقلي الباطن وبن نفسي وانا مستلقي على فراشي
وانا أقول: لن أرمي ملابسي و لن القي بالكتب والاوراق على الأرض
عندما آكل سأغسل ألأطباق , عندما أشرب سأغسل ألأكواب, سأضع كل شيء في مكانه الصحيح
سأصفف ملابسي سأرتب أشيائي سأغدو كما كنت في بيت والدي, مرتباً مهذباً

ونفسي ترد وتقول : دائماً تقول هذا الكلام وتعود على ممارسة عبثك ولامبالاتك وصخبك وبعثرتك

هييييه لست في حال جيده لان ابداء نقاشاً بيزنطياً مع نفسي المجنونه

لابد من تعطير الغرفه وتبخيرها , فتحت نافذة غرفتي ليدخل اليها الهواء, الجو في الخارج ليس بارداً ولا جميلاً لكن لابد ان أفتح الشباك على ألقل ليدخل ضوء الشمس الى غرفتي
فتحت النافذه وإذ بي اجد عشاً صغيراً به بيضتين !

راودني شعور غريب فرح و سعاده وإضطراب وذهول وأسأله تدور في رأسي
من وضع العش هنا؟!, من صنعه؟! البيوض جميله لمن؟!هل هي حمامه؟ هل هي عصفوره؟ انه عشاً جميلاً جداً , لم أرى في حياتي عش طير على الطبيعه لكني الأن رأيته ,يا الله ما أجمله وما أحسنه وما أبدعه,
لماذا اختارت هذه العصفورة نافذتي دوناً عن كل نوافذ العالمين لتبني عشها بقربي؟ كل النوافذ متشابهه
هل شعرت بالأمان؟ هل قدرها ساقها لي؟ هل هي مكتوبة علي؟هل تحبني؟!!
متى بنته؟ لماذا لم أسمع صفيرها او تغريدها ولم أشعر بها ؟ لماذا لم تطلب مني المساعده؟
على ألأقل أقدم لها الماء عندما تتعب؟


فكرت ان آخذ العش واضعه داخل شقتي لأن الجو بالخارج حار جداً,
ولكن عندما تعود العصفورة ولن تجد عشها او بيضها ماذا تفعل ؟
ربما تصاب بالجنونأو تصاب بالسكته القلبيه أو تنتحر لن اكون سبب في جنونها وموتها
انا اعرف مدى حب ألأم لصغارها بأي حق اسلبهم منها
حسناً سأجعل النافذه مفتوحه واترك العش مكانه ربما تشعر العصفورة ببرودة الجو في شقتي فتنقل عشها الى داخل غرفتي .
ولكني اخشى ان ترى نافذتي مفتوحه فتخاف وتغادر وتترك عشها وبيوضها لمن تتركهم لوحش مثلي لا اعرف كيف ارعاهم
لن اجعل نفسي سبباً في هروبها وقتل صغارها وتشريدهم وضياع مستقبلهم , من سيطعمهم من سيربيهم من سيعلمهم الطيران؟ من سيعلمهم التغريد
لن اكون عصفوراً أباً ولن يتعلمو على يدي أي شيء من ثقافة العصافير
ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟ هل اقدم للعصفوره دعوه لتسكن معي وانا اتكفل بكامل مصاريفها, لكن هل سترضى العصفورة بالتخلي عن نعمة الطيران لتسكن مع شخص مثلي؟ , هل ستتنازل عن الفضاء الوسيع والسماء الرحيبه لتعيش معي أنا؟ صحيح ان عقلها صغير لكن لن تترك كل شي لأجل رجل تعيس مثلي
لا اضن ذلك فما فائدة جناحيها إذن؟.

لابد أن أحكم عقلي وأن اتصرف بالمنطق ..سأغلق نافذتي وادع العصفورة وصغارها ليمارسوا حياتهم الطبيعيه
لا أريد أن احكم على العصفوره المسكينه بالسجن المؤبد معي
لأني أعرف اننا لن نتفاهم ولن نستطيع العيش سوياً فمنطقي يختلف عن منطقها وطريقة تفكيري تختلف عن طريقة تفكيرها
ومن الضلم ان اجبرها على مالايتوافق مع الطبيعه وانا لن أغير الكون
سأكتفي بتقديم فتات الخبز و الماء وسأشتري لها بعض من الحبوب وسأطل عليها كل صباح
ليس طمعاً بها وليس تودداً فيها ولكن حق الجيره, فهذه العصفوره هي وبيوضها
أصبحو جيراني ولابد أن اتوصى فيهم خيرا وعدت لتنظيف شقتي المبعثره


إنتهى


حرر بقلم مالكـ(لاحب بعد اليوم)
الزمان:نهار الخميس23/7/2009
المكان: شقتي/ الدور الرابع