رد : من مدونتي الفكرية الخاصة.
اشتهر بلفظ : "اتق شرَّ من أحسنت إليه"
و اشتهر بلفظ : "اتق شرَّ من أحسنت إليه من اللئام ، و لقد أصابني منهم الشدائد"
و هو ليس حديثا.
(... قال العجلونى فى كتابه "كشف الخفا ومزيل الإلباس" قال السخاوى : لا أعرفه ، و يشبه أن يكون من كلام بعض السلف ، قال : وليس على إطلاقه ، بل هو محمول على اللئام دون الكرام ، ويشهد له ما فى "المجالسة للدينورى" عن على رضي الله عنه : الكريم يلين إذا اسْتُعْطِفَ ، واللئيمُ يقسو إذا أُلْطِفْ - يعنى إذا أعطى تحفة - وعن عمر رضى الله عنه : "ما وجدتُ لئيما قط إلا قليل المروءة " و فى التنزيل {وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله} التوبة : 74. ...) ...منقول.
الكلام:
لِمَ نتقي شر من أحسنا إليه ؟
حقيقةً حاولتُ استشفافَ ذلك و لم أصلْ إلا إلى هذا التحليل:
إذا أحسنتَ إلى:
الكريم : يمتنُّ لك ، و يضع معروفك طوقا في عنقه .
لأن كرم أخلاقه يمنعه من كفران جميلك ، و إن قطعته و لم تزد في إكرامه ، عذرك ، و نظر بسعة افق ، و حسن نظر إلى الكرم السابق منك إليه. ] و مسَحَتْ هالةُ الكرَمِ القديمِ على شِدَّةِ الحاجةِ – مع مَنْعِكَهُ إياها – مسحتْ لَوْعَةْ الحاجةِ ، و خيبةَ الأملِ بحصولها منك[ ....و كلما أغرته نفسه الطماعة في زيادة الكرم منك ، برزت النفس المطمئنة الطيبة مع النفس اللوامةِ ، فحجبتا عنه غيضَ حِرْمَانِ الحاجةِ و الإفتقارِ إلى كرمك . فرجع و هو يدعو لك ، و غافرا لك ذنبك ، - إذا عدَّه ذنباً لأنه تعوده منك - .
اللئيم : يمتنُّ لك امتنانا مؤقتاً – بسبب الآنيِّةِ في معدن أخلاقه - ، مع بروز رائحة الإستحقاق عليك (فكأنه من حقه أن يكون محل كرمك) ، و يضع معروفك طوقاً في يده لا عنقه ؛ كلما وجدَ منك حِرْمانا و منعا ، كسرَ الطوقَ و ألقى به أرضا.
و لا تبرز إزاء كرم الغير له إلا النفس الطماعة ، أو اللوامة (بأحد شقي التفسير لكلمة لوَّامة – و هنا أن تلوم الغير و تتهمه - ) ، أما النفس المطمئنة أو اللوامة (بالمنعى الآخر – أن تلوم صاحبها على التقصير أو الإفراط -) ، فتكون ضعيفةً لديه بسبب قوة الدواعي ، و ضعف الوازع و قلة صفاء الخُلُق الحسن.
بل : ربما نال صاحب الكرم من اللئيم الشتيمة ، و كفران الجميل ، و الجحود ، و ربما تمادى فألحق بالمنعم عليه الضرر .
و لعل من أهم تفسير حقد الشخص الذي أحسنتَ إليه هو : الحسد ؛ فحينما تكرمه ، يتمنى أن يكون هو مكانك ، و أنتَ مكانه ، و يرى أنه أجدر باليُسْر منك، و هذا لسوء الطوية ، و خبث النفس الحسودة . { وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله}.
و ما اشبه هذا بكفران المرأة حق زوجها حين تسخط منه (.... ما رأيتً منك خيراً قطُّ)و كأنها - و الله أعلم – مخصوصةٌ بذاكرةٍ مؤقتةٍ من خلالها منها يتم التغاضي و و التعتيم على كل المخزون القديم من حسن العشرة و كرم الإنفاق ؛ فلا يظهر لها وقت الغضب و الثورة إلا ما في ذاك الطبق المؤقت ، المملوء بزخم قسوة الموقف الحادث الطارئ –حسب تصويرها -.
و ما أروع قول الأول:
إذا أنتَ أكرمتَ الكريم َ ملَكْتَهُ ............ و إن أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمرَّدَا
و قال صلى الله عليه و اله و سلم (لا يشكر الله من لا يشكر الناس )
و قال (لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووا الفضلِ)
التعديل الأخير تم بواسطة الحب المستشار ; 09-08-2012 الساعة 05:51 AM