منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - رؤية حول الرهاب الاجتماعي
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-2013, 09:37 PM
  #2
حلم وواقع
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 1
حلم وواقع غير متصل  
رد : رؤية حول الرهاب الاجتماعي

من زيادة الخوف على الذات والمشاعر الذاتية ينتج الرهاب الاجتماعي ، وكأن الشخص يجب أن يكون كاملاً .

والذي تهمه نفسه ستجده يطلب رأي الناس في كل شيء ، مثل أن يقول : هل إذا أخذت الشهادة سيمدحني الناس ؟ هل هذا الشيء يكرهه الناس ؟...الخ ، وذكرهم الله تعالى في كتابه ، فقد قال : {وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم} .

إن الشخص إذا عرف قدر نفسه يهون عليه الانتقاد ، فحينها سيقول لنفسه : من أنا حتى لا اُنتقد ؟ وبهذا يكون ابتعد عن التكبر .

ولن يكون الإنسان جميلاً حتى يخرج من ذاته وأنانيته، وحينها سيكون مركز جذب ، وسيحبه الناس .

والخروج عن الذات يساعدك في نقطة تقبل النقد ، لأنك تنتقد نفسك أساساً ، ولا تكتمل الثقة بالنفس حتى يتقبل الشخص جميع الانتقادات من جميع الأذواق والمشارب بكل أريحية ، وهذه علامة من علامات الصحة النفسية والثقة بالنفس، ولا يقولها إلا شخص ممتلئ من الداخل ، وأيضاً لا يبالغ بقيمة ذاته ، لأنه يأخذ الرأي الصحيح ، ومستعدٌ أن يأخذ قسمته ونصيبه ..

أيضاً قضية الاهتمام بالنِّعم قبل الاهتمام بالنواقص ، فمن علامات الشخص الطيب أنه يشكر ، واهتمام المسلم بالشكر سيجعله يبحث عن ميزاته ، ويأتي غيرك وينتقدك أيضاً ، وهذه إضافة لك وفائدة في إصلاح هذا الشخص الآخر الذي هو أنت ، و ربما كنت أنت قد سبقت نقدك لنفسك؛ لذلك ربما لا يأتون بجديد إذا انتقدوك .

فالشعور الأناني وشعور الغيرة من الغير قد يأتيك ، لكن اقمعه واقضِ عليه .

الأنانية تأتي من الاهتمام بالمجتمع ، ومع الوقت تبدأ بالتنازل عن ذوقك وتميُّزك وكيانك ، ويتعلق رضاك برضا المجتمع ، وهذا ما لا يُدْرَك ، وهذا الوضع يؤدي لنفس النتيجة ، فإن أخرجت الناس من حساباتك فستخرج عن ذاتك والعكس .

الذي يرتبط بذاته لن يكون له طريق إلا طريق واحد : هو نفسه ، ولكن إذا لم يهتم لنفسه فسيكون له طريق آخر وهو طريق الأخلاق والفضائل ، ومن خلاله يعرف إذا كان يفكر بأنانية أو لا ، لأنك لا تعرف الشيء إلا اذا خرجت عنه .

الأناني لا يعرف الأخلاق ، لأنه ليس له طريق آخر يقارن عن طريقه ومن خلاله ، فيقع في الرذائل وهو لا يدري ، ويقع في الفضائل وهو لا يدري ، فيحسب أن الفضائل أنانية ، ويحسب أن الرذائل مصالح .

لا بد أن تفصل نفسك ، وتتعامل مع نفسك كشخص آخر مختلف ، تحبُّه إذا عمل العمل الطيب ، وتكرهه إذا عمل العمل السيء ، وتحاول أن تسعى للوصول إلى المثالية في كل حياتك .

ولا يسخط على ذاته السخط الكثير المستمر إلا شخصٌ متكبرٌ يريد كما أراد المتنبي في قوله :

أريد من زمني ذا أن يبلغني .. ما ليس يبلغه من نفسه الزمنُ

فهو لم يجلد نفسه فقط ، بل جلد الزمان معه!
وهذه من صور الطموح ، فالطامح دائماً يعذب نفسه . مثل من يقول : النوم أكثر من أربع ساعات = فشل ، فيعتبر أن في نومه هذا إضاعة للوقت الذي قد يستغله بالمزيد من المصالح.

فالتوازن النفسي لا يكون إلا لشخص مؤمن بالله ، فإذا نظرت للناس تجد مشاكلهم ناتجة عن معرفة ما يستطيعه الشخص وما لا يستطيع ، ومشاكل أخلاقية من تكبر وحسد وقلة الشكر وغيره ، وهذه لا تأتي إلا من ضعف إيمان ، أو ضعف في فهم الأخلاق مع الله ، فحينما تغار من أحد أن أعطاه الله نعمة ، فمن أنت حتى تطلب من الله أن يزيل نعمته عنه وينقلها إليك ؟ وهل الله ضيعك أساساً حتى تقول ذلك ؟

{وأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن ، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن}

مشاكل الأمراض النفسية هي مشاكل أخلاقية مع الله .

الخروج عن الذات لا يكون إلا لأحد سلم نفسه لله ، فليس الله أهم من نفسك . وفي نفس الوقت فإن بقاءك على نفسك يجلب لك الأمراض ، فتخيل شخصين : أحدهما يفكر بنفسه ومشاكله وشؤونه الخاصة فقط ، وشخص آخر ترك نفسه وبدأ يساعد الناس ويتعلم ...الخ ، تركناهما لمدة سنة ، وعندما نعود إليهما وننظر ماذا حدث لهما ، سنجد الشخص الأول مريض جداً ويعاني من العقد النفسية ، بينما الشخص الآخر تجده كوّن علاقات طيبة مع الآخرين وكسب فوائد مادية ومعنوية تعود على الذات بالنفع .

والخروج من النفس أنواع منها :
الخروج الراجع : مثل من تجده يحاول الدخول بالمجتمع عن طريق العمل والصداقات النفعية كي يستفيد لا ليفيد الآخرين .
ليس هناك أسوأ من شخص يفكر بذاته كثيراً ، فتجده مثلاً حينما يخرج من اجتماع لأصحابه تجده يفكر : لماذا هذا الشخص نظر إلي هكذا ؟ لماذا اهتموا بهذا ولم يهتموا بي ؟ ... الخ

قم بأعمالك لوجه لله ، والله سيعمل لمصلحتك : {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} ، ومن سخط فله السخط ، اقبل نفسك التي قبلها الله لك ، وما الشيء الذي يمنعك من قبولها ؟

إن كثرة النظر لما عند الآخرين يفقدك قيمة ما عندك ، فالله لا يخلق لا شيء .

لا بد أن ندفع جزاء النعم التي أعطانا الله إياها ، والله قد أعطاك ، والله يرحم من يرحم عباده ، و دائماً تتعلم إذا علّمت أولاً . ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، ومن يخدم غيره سيسخّر الله من يخدمه ويهتم لأمره .

إن السعادة ليست تأتي من داخل الذات ، بل تأتي من خارجها .
كل ألم وتعب يصيبك ، فهو يعني أنك منحرف عن الخط السليم .

الخروج عن النفس كما قلت هو باب العلاج النفسي ، ولكن لا يوازن هذا معرفة الله عن طريق الأخلاق ، فتجد المسلم يقول : إن لله محياي ومماتي ، وليس لنفسي ورغباتي وشهواتي . فالعابد لله لا يكون أسيراً لنفسه ، لأن الدنيا غدّارة ومتقلبة ، فالمؤمن لا يهمّه كل هذا ، لأنه مستقر على ثابت ، فالشهادة والمنصب والطموح مثلاً ليست أشياء ثابتة يُعتمد عليها ، فالكثير من أصحاب المناصب ورجال الأعمال انتحروا وهم في أوج مجدهم .

هوِّن على نفسك يا أخي ولا تقسو عليها ، فهي غالية .

وشكراً ..

[/B][/SIZE](( كتبه الورّاق، وجزى الله خيراً من نقله دون اجتزاء مع ذكر المرجع "مدونة الورّاق"