اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آفاق المجد
حييت أيها الكريم
وملحوظتك كانت ضرورية جدا ، تلك التي كتبتها بالمداد الأحمر ، لأنني قرأت الموضوع هناك قبلا !
إخالك يا سيدي الكريم تخلط بين العرف والقانون ، لا يستجيب المجتمع للقانون بالشكل المثالي الذي تحدثت عنه إلا لما صار احترام القانون عرفا اتفق على احترامه أفراد المجتمع بأسره .
أما فرض القانون بالغرامة وسلوك الإلزام لا يجدي نفعا ، واسمح لي بضرب مثال يسير لذلك :
من يسلك الطريق أولا ويعلم مكان وجود " ساهر " ينبه من وراءه بشكل أو بآخر لوجوده لئلا يدفع الغرامة ، وحال تجاوزه يعود لسلوكه الأول أعني السرعة من جديد ، وفي مناطق أحرقوا ساهرا هذا وقاوموه ، ومنهم من يخترع طرقا لتضليل اللوحة فلا يكون التقاطه للوحة واضحا .
هذا قانون وهذه محاولات للخروج عنه .
الثقافة المطلوبة لتحيل القانون عرفا يحترمه الجميع ، هي شيء يتربى عليه الجيل الناشيء من صغره ، لابد أن يعرف دور القيم في الحفاظ على نمط الحياة راقيا ، كاحترام النظام وحب الوطن والحرص على رقيه وما إلى ذلك من قيم مختلفة يترجمها سلوك حي كالحرص على انتظار الفرص دون زحام ، وكالحرص على نظافة المكان وتطوره ..
الثقافة المطلوبة أيها الكريم أعمق من القانون ، لأن احترام القانون جزء منها .
أنا متحدثة خير مني كاتبة لللأسف ، آمل أن يكون ما كتبته واضحا مؤديا لما أريد ..
|
مرحبا بكِ أختي الفاضلة آفاق المجد.
بالنسبة للقانون وتطبيقه وصنعه لثقافة تكون جزء من نسيج المجتمع، حسب مافهمت من ردك أنكِ تختلفين معي، وتضربينَ مثلاً لذلك في نظام ساهر، لكن دعينا ننظر لساهر هل هو قانون فعلي قوي أما لا.
ساهر والشعب يلعبان لعبة القط والفارة، مشكلة ساهر أنه يوضع في أماكن معينة، فمثلاً دولة كالسعودية عدد سكانها يفوق ال 28 مليون، مساحتها شاسعة جداً، ومقارنة بنقاط ساهر فإن تلك النقاط لا تكاد تكون شيئاً مذكوراً، على سبيل المثال أعتقد أن في مدينتي التي يتجاوز عدد سكانها ال700 ألف نسمة لايوجد فيها سوى 8 نقاط لساهر، ولنفترض أن الرياض فيها 40 نقطة وجدة 30 والدمام 15، ولو جمعنا كل مافي السعودية لوجدناها ربما 1000 نقطة لساهر، هذه النقاط لايمكن أن تخلق ثقافة مستمرة في المجتمع لاحقاً المتمثلة في عدم السرعة الزائدة، لأن السائق سيعرف أين توجد تلك النقاط في أماكنها المحددة وبالتالي سيلتزم فقط مدة عشر ثواني بتخفيف السرعة وبعد أن يتجاوزها سيعود لسرعته،
لكن لو كانت نقاط ساهر موجودة في كل مئتين متر، في المدينة فإن الجميع سيضطر إلى أن يقود بسرعة أقل حسب المقرر في اللوحات، بعد مرور سنوات قليلة سينظر لمن يتجاوز تلك السرعة حتى لو لم يوجد ساهر بأنه خارج عن حدود الأدب والأحترام وثقافة القيادة الصحيحة، أيضاً فيما يتعلق في المخالفات المرورية، لو كانت العقوبة صارمة لا تحابي أحد ولا تتنازل عن أي شخص لوجدتي أن الجميع ملتزم بذلك، لكن مايحدث أن شرطي المرور حين يوقفك وتترجاه بكلمتين وتصف له حالك المادي المأساوي يرق قلبه ويقولك يالله روح لاتعود لها مرة ثانية

لذلك شرط الصرامة وتطبيق القانون على الجميع هو شرط أساسي لخلق تلك الثقافة، وقد أشرت على الصرامة في المقال.
بما أننا نظرب أمثلة دعينا نتوسع قليلاً، مثلاُ الآن لو قلتي أو طالبتي بقيادة المرأة للسيارة في السعودية ربما لنلتي الكثير من الشتائم والعتاب والاستغراب وربما وصفوكِ بأكثر من ذلكَ أنكِ تريدين أن تخربي المجتمع وغير ذلك، ولكن لنفترض أن غداً سيتم السماح للنساء بقيادة السيارة، نعم ستكون هناك ردود أفعال ولكن سيضل القرار مطبقاً ويستسلم الجميع للواقع، بعد عشر سنوات تصبح القيادة شيء عادي لا يمكن الاستغراب منه أو القيام ردود فعل تجاها، بل من يقول يجب أن تجلس المرأة في البيت ولا تقود السيارة إنما تقاد بسائق أو بأحد أخوانها أو زوجها، سيقال له هل المرأة قطيع لتقاد هي من حقها القيادة وسيوصف من ينتقدها بالمتخلف والرجعي إلخ.. هنا القانون شكل ثقافة المجتمع من ناحية قيادة المرأة للسيارة وأن هذا من حقها وأنه لايتصور أن شخص ما يمكن أن يرفض هذه الفكرة إلا إن كان يعيش في العصور والوسطى
الحرية مثالاً في أمريكا، كانت معطاة للأبيض أكثر من الأسود، وكان الأبيض لايرى أن للأسود حقاً في الكثير مما يمارسه الأبيض، والآن أصبح الأبيض يدافع عن حقوق الأسود المساوية له، ويرى من ينتقص من السود أنه لا أنساني ومتوحش، والسبب الأساسي أن القانون فرض حرية المساواة بين البشر، أيضاً المرأة في أمريكا كانت لا تنتخب على حد علمي، أما الآن في تنتخب مرشحها لأن القانون كفل لها ذلك، ولنتفرض الآن أن شخصاً خرج وقال يجب على النساء ألا تخرج وتنتخب مرشحها، تصوري ماذا سيقال عنه، إذاً بالنهاية القانون يخلق الثقافة كما أشرتُ لذلك.