رد : فكرة الارتباط /أختي الفاضلة نور الايمان
حبيبتي غيدا ربي يسعدك ويريح بالك
غاليتي انتي بنوتة مازلتي صغيرة وتبارك الله لك من المميزات الكثير جدا
ولذلك اريد ان انصحك غاليتي
انهكتي جسدك ولم تصلي للنتيجة التي تبعدك عن فكرة الارتباط ، في حين نجد من هن اكبر منك سنا واقل منك انشغالا بكثير جدا مثلا ربات بيوت او غير موظفات لا يعملن ولكنهن لا ينشغلن بتلك الفكرة بنفس درجة انشغالك
لماذا ؟
لان كل شئ في حياتنا نقوم ونشعر به يبدأ من المخ
وغالبا كلما زادت البيئات حفاظاً او بعضها انغلاقا كلما سيطرت فكرة الزواج وما يرتبط به حتى تصبح هاجس عند الشخص ، هذا سبب عام وشائع
ولكن لو تعمقنا في حالتك بشكل تخصصي اكثر سنجد لهذا سببان
السبب الاول هو النمط الذي تندرج تحته شخصيتك وهو الشخصية الدقيقة القلقة او كما يطلق عليها الشخصية الوسواسية او كما يطلق عليها شخصية المتميزين المبدعين العباقرة الطموحين للكمال والمثالية والإستغراق بالتفاصيل والترتيب والتنظيم والجداول ، شخصية تتميز بشدة الدقة بالتفاصيل والتفاني الزائد في العمل والإنتاجية إلى درجة التخلي عن الصداقات وأوقات الراحة ، وغيرها من الصفات والمميزات التي تتواجد بك بشكل لافت وظاهر لاي قارئ لشخصيتك على وجه السرعة
السبب الاخر والذي ينبثق من السبب الاول انك تعانين غاليتي غيدا مما يعرف علمياً ب وسواس الفكرة التسلطية القهرية ، فما تعاني منه ليس طبيعيا او في الحدود الطبيعية للتفكير بالارتباط ، ولا اعرف ما اسم الطبيب او المشفى الذي راجعتيه وذكر انك لا تعاني من اي شئ
فأنتِ تعاني من وسواس أو فكرة وسواسية تسلطية، على هيئة شعور او صورة تسلطية ، فقد لاحظت لديك ان فكرة الارتباط تحشر نفسها في عقلك الواعي وتفرض نفسها على تفكيرك رغماً عنك رغم انها تنشأ من مخك أنتِ ، وقد تتاكدي بينك وبين نفسك ان الامر قد لا يستحق كل هذا الانشغال به لهذه الدرجة مقارنة بمن حولك ولكنك رغم ذلك غير قادرة على ترك التفكير والانغشال بها طوال الوقت ولذلك فأنتي غاليتي في محاولة مستمرة دؤوبة وقد تكون مجهدة لك جسديا ونفسياً لمقاومة الفكرة وَعدم الاستسلام لها ، ولكن رغم كل ما تبذلينه لمحاربتها ونسيانها والانغشال عنها الا ان إحساسك بسيطرة هذه الفكرة وقوتها القهرية عليك يزيد ، وقد تشعري احيانا انك كلما قاومتيها كلما زادت إلحاحا وسيطرة عليك ، فتقعي في دوامة من التكرار الذي لا ينتهي.اي شعورك بعدم القدرة على التحكم في افكارك
حيث يفترض في كل إنسان أنه يشعر بقدرته على التحكم في أفكاره ، فهو يستطيع أن يفكر في ما يشاء من أفكار ويستطيع أن يطرد ما يشاء من الأفكار من وعيه متى شاء كما أنه يشعر بامتلاكه لأفكاره ويشعر تجاهها بأنها تعبر عن توجهاته أو مشاعره الشخصية ، فإذا طرأت على وعي الانسان فكرة ما فالمفروض طبيعيا ان يمكنه إبقاؤها في وعيه أو التخلص منها والتفكير في غيرها متى شاء
أما في حالة الفكرة التسلطية ( الاقتحامية ) أو الوسواسية فإن الأمر يختلف حيث يشعر الشخص المنطوي تحت هذا التصنيف بأن الفكرة تحشر نفسها في وعيه رغما عنه ، ويوقن بالطبع أن مصدرها هو عقله لكنه يحس بأنها تشغل حيزا كبيرا من عقله المفروض ان لا تشغله بهذا الحجم وهذه المساحة وهذا الزمن فتكون رد فعله القلق والضيق فيحاول أن يتخلص منها بانشغاله او محاولة دحرها لكنه يعجز عن ذلك ، وكلما قاومها كلما زادت حدة إلحاحها على وعيه
فيتضح مما سبق أن إحساس الإنسان بالفكرة الوسواسية مختلف عن إحساسه بأفكاره العادية فالفكرة الوسواسية فكرة تستحوذ على عقله ، فكرة ملحة متكررة ومقتحمة للوعي رغما عنك وقد ترفضيها بمعاناة وانزعاج شديدين ولكنها تزيد إلحاحا كلما زدتي انزعاجا أو مقاومة، يعني حدث عقلي واعي يتسم بالتسلط والإلحاح رغما عن صاحبه تقتحم عليه وعيه وهي بالتالي تزعجه فيحاول التخلص منها لكنه كلما حاول الخلاص كلما زاد إلحاح الفكرة عليه وزاد قلقه وتوتره وعذابه بحيث يشعر وكأنما سقط في حلقة مفرغة لا يستطيع الفكاك منها.
وما أريد أن أبينه هو مدى قسوة الإحساس بعدم القدرة على التحكم في محتوى الوعي لدى الإنسان وهو ما يصل ببعض المصابين بها إلى حالة من اليأس والإعياء تجعل المحيطين به يشعرون بالشفقة وبالرثاء لحاله ، وأسأل الله ان يعينك وينولك كل ما تريدين غاليتي غيدا
فأنا أعرف أن من الناس المحيطين بك كثيرون لا يدركون معاناتك ولعلهم لذلك نقلوا لك الشعور بعدم اهتمامهم، ولكن عذرهم أنهم لا يستوعبون ما تعانين منه لأنهم لا يفهمون ما هي الأفكار التسلطية وأؤكد أن ما تعانين منه هو احد اشكال اضطراب الوسواس القهري ولذلك فإن شفاءك أكيد بفضل الله عز وجل ولذلك انصحك طالما انك غير قادرة لوحدك على التغلب على سيطرة هذه الفكرة ان تقومي باستشارة مختص ثقة ذو خبرة لترحمي نفسك غاليتي ، توجهي لاخذ رأي طبيب مختص ، وافيدك غاليتي ان علاج هذه الحالة قد يكون علاج معرفي سلوكي أو عقاري اي دوائي أو كليهما معاً مع التحدث مع الطبيب المختص عن مدة العلاج وكل ما يهمك معرفته ومدى نجاح العلاج السلوكي المعرفي لوحده في حالتك على ان يكون طبيب ماهر وخبرة بتخصصه ، اما عن الاثار التي تنجم من الدواء فهذا لفترة مؤقتة تكون بداية العلاج اي اول اسبوع او اسبوعين فقد يشعر ( البعض ) ان الحالة زادت ثم ما تلبث ان تختفي نهائيا بفضل الله وقد لا تمري بتلك الاثار الجانبية وهذا طبقا لنوع الدواء ومهارة الطبيب وحاجتك للادوية
ولذلك اطمئنك ان حالتك لها علاج بفضل الله
وسانصحك بجانب العلاج ان تغيري هدفك من هدف للانشغال عن فكرة الارتباط لهدف آخر افضل ، مثلا دورة التحفيظ اجعلي الهدف رضا الله وحفظ كتابه وتعليمه وليس بغرض الانشغال عن تلك الفكرة وهكذا باقي اعمالك
شئ آخر لا تجعلي لك امل ان اقابل اليوم في العمل او التحفيظ من تطلبني للزواج من قريبها او اخوها او ابنها لان هذا سيزيد الامر سوء ، حاولي ان تجعلي هدفك محدد للآخرة او لحاجتك الدنيوية مثلا دخل جيد او ترقية في منصب اعلى على ان تحتسبي جهدك وعملك خالصا لله حتى يتقبله ويضاعف لك الاجر دنيا وآخرة
واعذريني غاليتي لاني اكتب على عجل الان ولي عودة لك بإذن الله
أسأل الله لك سعادة لا تشقين بعدها وان يرزقك وتنولي كل ما ترجينه بفضله جل وعلا