قصة
أورد كاتبٌ قصة مؤنسة .. وبغض النظر عن حقيقتها .. فإنها بالفعل مؤنسة
شيخٌ ذهب لنصح أحد القادة في بلاده .. فما كان من القائد إلا أن عنّف الشيخ وأمر أن يُلقى إلى الأسد ليأكله
الأسد الذي اختاروه للشيخ أغلظ ما عندهم
عارم الوحشية
هراساً
فراساً
يلوح شدقه من سعته وروعته كفتحة القبر ينبئ أن جوفه مقبرة
أجلسوا الشيخ في قاعة وأشرفوا عليه ينظرون
وهجهجوا بالأسد يزجرونه فانطلق يزمجر ويزأر ويتوهم من يسمعه أنه الرعد ووراءه الصاعقة
لكن ..
ضربته روح الشيخ فلم يبق بينه وبين الآدمي عمل
ولو أكل الضوء والهواء والحجر والحديد كان ذلك أقرب وأيسر من أن يأكل هذا الرجل
ورأى الأسد رجلا هو خوف الله .. فخاف منه
وكما خرج الشيخ من ذاته ومعانيها الناقصة
خرج الأسد من ذاته ومعانيها الوحشية
ونسي الشيخ نفسه فكأنما رآه الأسد ميتا .. ولم يجد فيه (أنا) التي يأكلها
يقول أصحاب الشيخ:
وانصرفنا عن النظر إلى السبع إلى النظر في وجه الشيخ
فإذا هو ساهم مفكر
ثم رفعوه وجعل كل منا يظن ظنا في تفكيره
فمن قائل إنه الخوف أذهله عن نفسه
وقائل إنه الإنصراف بعقله إلى الموت
وثالث يقول إنه سكون الفكرة لمنع الحركة عن الجسم فلا يضطرب
وزعم جماعة أن هذه حالة من الإستغراق يسحر بها الأسد
وأكثرنا من ذلك وتجارينا فيه
حتى سأله القائد: ماالذي كان في قلبك وفيم كنت تفكر ؟؟؟
فقال الشيخ: لم يكن عليّ بأس .. وإنما كنت أفكر في لعاب الأسد , أهو طاهر أم نجس ..!!
هو والدنيا خصمان في ميدان الحياة
غير أن أمرهما مختلف جدا
لم تقهره الدنيا لأنه لم يطمح إليها ولم يقع فيها
وقهرها هو لأنها لم تظفر به!
هو رجل تراه في ظاهره من الدنيا
ولكن باطنه يلتحق بما وراء الطبيعة !