التوبة
عن المزني قال: دخلت على الشافعي في علته التي مات فيها, فقلت: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت من الدنيا راحلا...ولإخواني مفارقا, ولكأس المنية شاربا, ولسوء أعمالي ملاقيا, وعلى الله تعالى واردا, فلا أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنئها أو إلى النار فأعزيها...ثم بكى وأنشأ يقول :
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
جعلت الرجا مني لعفوك سلما
ومازلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجود وتعفو منة ً وتكرما
أعلم أنك حزين ..
وتحمل على عاتقيك قلباً يريد الله
وإن فيك نفساً أخرى .. تريد السفر إلى الله
وأنك تحمل إلى جانب حياتك .. حياةً أخرى تريد الدليل والتوضيح
ونقول إن الخروج من ذاتك الأولى .. ماهو إلا دليل التوبة والإنابة
ويقول يحيى بن معاذ
ذنب أفتقر به إليه....أحب إلي من طاعة أفتخر بها عليه
وإن الطريق مفتوح .. قد فتحه الله .. مصراعي بابه عند أطراف المشرق والمغرب ..
ولأن الله يحبك .. فإنه ألهمك التوحيد .. وألهمك قلباً عند ذكره يلين
فابدأ اليوم .. طريقا ً كثير العقبات
كثير السقطات
واعلم أن الشيطان يترصدك عند أول سقطة .. لكن ترصده أنت بدورك عند أول توبة
و أنك كلما خلقت في داخلك منفذ للشيطان .. فاعلم أن الشيطان لا تضيع منه الفرص أبداً .. فاغلق مغاليق القلب بالدعاء واخرج من محنتك وكن كسلفٍ صالح كاد أن يغرق في محنته
{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }
وكلما غفل القلب عن الله .. نبِّهه بأن الله (قريب)
وكلما ابتعد العقل عن الله .. نبِّهه بـ (أيام ٍ معدودات)
وكلما فترت الهمة .. فحاول تغيير النفس قليلا ً (ولا تنس نصيبك من الدنيا)
كيف أحب نفسي وقد عصيتك...وكيف لا احبها..وقد عرفتك؟
(يحيى بن معاذ)