الصنف الثالث : السعادة في المنصب أو المركز المرموق أو القوة :
الصنف الثالث :
السعادة في المنصب أو المركز المرموق أو القوة :
فبعض الأشخاص يرى السعادة، في الوظيفة والسلطة،
وتغمره السعادة عندما يفسح له في المجالس ويصغى إليه
عندما يتحدث. لهذا يحيى وعليه يموت. ولم يعتبر بمن قبله
ممن خدع بهذه السلطة، وإذا به يفقد وظيفته فتنقلب الدنيا عليه،
وتكون سعادته تلك ديناً عليه، يقضيه هماً وغماً،
تضطره تلك الوظيفة بعد فقدها إلى أن يغلق باب بيته عليه،
ينشد نسيان ذلك الماضي التعيس الذي جر عليه الهم والغم.
فهل السعادة منصب يجعل العبد مترفعا على الناس،
متكبرا على عباد الله فيصبحون له خدماً وخولاً؟
والزوج الذي يمتلك منصبا أو يشعر أنه في مركز قوة،
فالكل في العمل يسمع كلامه وينفذ أوامره ويطيع تعليماته،
ويعمل بتوجيهاته ، يريد في المنزل أن يفرض آراؤه،
ويسيطر على زوجته ويحول منزله إلى سكنة عسكرية ،
أوامر وطاعة ، نظام وقيادة، سيطرة وتحكم،
بعض الناس يظن أن السعادة بين الزوجين
تتحق في قوة الشخصية ، والحزم والجدية سواء أمام الناس
أو في المنزل . وللأسف تؤمن بعض الزوجات بمبدأ السيطرة على الرجل ،
وقد قرأنا في المنتدى كثيرا عن تلك الشخصية التي ترفض القوامة للرجل،
وتظن أنها ستحقق النجاح والسعادة إذا كسرت جناح الرجل .
وتظل الأسرة تعاني من تسلط بعض الزوجات، من قلب الآيات ،
وتغيير الحقائق، وتفشل الأسرة لفقدها القائد ،
وتتفكك العائلة لضعف الزوج القيم.
ثم يستيقظ الزوج متأخرا بعد فساد العلاقات وهدم البنيان.
فالتعامل مع الناس بالحسنى ومساعدتهم بقدر المستطاع
وتقديم الخدمات لهم وحب الخير والرفق وتقديمه
على الشر واجتنابه والتفاؤل والاقتناع هي السعادة الحقيقية .
مثال من التاريخ :
لقد طلب السعادة فرعون من هذا الطريق المنحرف ،
وثق في مركزه ، فكان ذلك سبباً لدماره وهلاكه .
قدم حب السيطرة و الملك، على الاستجابة لنداء الخالق
صار ملكه بلا إيمان، وتسلط بلا طاعة، لخالق الأرض و السماء
فتشدق في الجماهير: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي [الزخرف:51].
ونسي أن الذي ملكه هو الله، والذي أعطاه مصر هو الله،
والذي جمع له الناس هو الله، والذي أطعمه وسقاه هو الله،
ومع ذلك يجحد هذا المبدأ ويقول:
ما علمتُ لكم من إله غيري [القصص:38].
فكان جزاء هذا والتكبر والتمرد على الله؛
إنه لم يتحصل على السعادة التي طلبها، بل كان نصيبه الشقاء
والهلاك واللعنة بعينها فأخذه الله نكال الآخرة والأولى [النازعات:25].
ويقول الله عنه وعن مثله: النار يُعرضون
عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:46].
لقد شقي أناس بمناصبهم، وشقي آخرون بعواقب وظائفهم،.
ولكن لنتأمل كتاب الله جل شأنه لنجد أن الله لم يخلقنا لنشقى،
كيف ذلك، والله يقول
لنبيه: طه ، مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَىٰ [طه:1، 2]، ويقول:
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ [طه:123]،
إذا يا إخواني نحن الذين نسعى للشقاء، ونظن أنا نسلك درب السعادة،
السعادة ليست في وفرة المال ولا سطوة الجاه، ولا كثرة الولد،
السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشترى بالدنانير،
لا يملك بشر أن يعطيها، كما أنه لا يملك بشر أن ينتزعها ممن أوتيها.
السعادة دين يتبعه عمل كما سبق وشرحت
أن السعادة في الإيمان وعمل الصالحات للوصول للحياة الطيبة
كما قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل:97].
وللموضوع بقية
__________________
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)سورة الطلاق
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ الله عَنْه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
{ ما مَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعٌو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلاّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ }.[size=1]رواه مسلــم [/
size]،
أخوكم المحب الناصح همام hamam129