رد : وقفات مع النفس ( متجدد ) .....
هاتفتها جارتها :
فلانة اليوم في درس في المسجد الفلاني عن بر الوالدين ، فاضية نروح سوا ؟
وافقت وذهبتا
كان درس مفيد وممتع خاطب الأرواح والعقول ، وبعد الانتهاء تم فتح المجال للأسئلة والنقاش الذي لم يخلوا من الجدل من نساء يعانين المشاكل مع أمهاتهن
حتى طلبت سيدة أن تعطى لها الفرصة للتحدث ، فكان لها ما طلبت
وقفت أمامهن ، وعرفت بنفسها :
فلانة ام فلان ، شارفت على عقدي السابع من عمري أم لثلاثة أولاد
خبرت الحياة ، ورأيت الكثير وعلمتني الأكثر
ولكني اليوم سأخبركم عن تجربتي مع أمي
كنت الابنة الوحيدة لأمي ، ومنذ أن ابصرت وفهمت الحياة أدركت أن أمي لو كان الوصف يختصر بكلمات لكان أقل وصف إنها سيئة المعشر بإمتياز ، حتى تكاد كلمة صباح الخير تخلق معها مشكلة ، لم أكن أسلم من أذاها وانتقاداتها وتوبيخها
وفي ليلة اخذت دفتر قديم لي كنت اخصصه للخربشات وجدته أمامي بالصدفة ، وبكل تلقائية رسمت خط قسم الصفحة نصفين ، في القسم الأول كتبت : أمي ، وفي الثاني : كتبت : أنا
وبدأت أكتب ما ارغب أن تقدمه لي أمي ، وعندما انتقلت للخانة المخصصة لي وقفت ولم أكمل الكتابة
أيقنت إنني إبنة لهذه المرأة ( أمي ) ويا ويلي من هذه المسؤولية أمام خالقي إن لم أقم بواجبي تجاهها ، إن لي عليها حقوق نعم ، ولكني لن استطيع ان اجعلها تقوم بها ، او ان افرض عليها ان تعاملني كما اريد ، ولن استطيع أن اغيرها
وفي المقابل هناك واجبات علي تجاهها ، وهي كثيرة
ذرفت الدموع خوفاً ورجاءاً ولم استطيع النوم حتى سمعت صوت أذان الفجر
ولكن شئ داخلي جعلني ادرك انه كلما كان الاختبار صعب كلما كان الأجر أعظم والهدايا التي ستنتظرني من الله أجمل
قمت لاصلي الفجر وسألت الله عز وجل ان يعينني ويرزقني بر أمي وأن يهديها فهي لا شك مسكينة وتحتاج مني انا ابنتها للكثير من الدعاء
ايقنت ان تعاملي معها يجب ان لا ولن يكون ندياً ، اخذت عهداً على نفسي ان ارضي الله فيها ، ولن يرى الله مني تجاهها الا ما يرضيه عني ، لن اجادلها ابداً حتى لو كنت محقة وكانت مخطئة ، لن ارفع صوتي امامها مهما بلغت عصبيتها وتعنيفها لي ، لن اتوقف عن مساعدتها مهما انتقدت عملي واستهزئت به وسأحاول حتى انال رضاها واستحسانها وارعف ما يرضيها ويريحها ، لن اغضب منها مهما فعلت بي ، لن اصحح لها اخطائها واحاول تقويمها او تغيير افكارها او تغييرها بل سألجئ لله وادعوه بهذا
واستمرت الحياة وكنت اجاهد نفسي مع امي من اجلك يا الله وكل يوم ينتهي وقد حققت تلك الامور التي عاهدت الله عليها كنت اشعر بانتصار على نفسي وراحة في قلبي
حتى تزوجت في سن صغيرة ورزقني الله اولادي الذين سعيت جاهدة ان اعاملهم بعكس ما كانت تعاملني امي تماما ولا اخفيكم لم اكن اجد الطاعة التي كنت احلم بها ، كنت اجد مشقة وتعب وصعوبة في ان اربيهم كما كنت احب وارغب فشخصياتهم مختلفة وهذا يحتاج لصبر كبير ولجأت للدعاء ان يرزقني الله برهم وفي المقابل لم اتوقف عن بري لأمي وعن احساني لها ابداً
واتى ذلك اليوم
ذهبت لزيارة أمي ومعي اولادي كالعادة
ومضى اليوم بشكله المعتاد حتى دخلت المطبخ اساعد امي وكنا نتحدث وكان اولادي يجلسون امامنا ويستطيعون ان يرونا ونحن نقف امامهم ، اكبرهم 12 سنة واصغرهم 8 سنوات اي في سن يدركون فيه كل شئ
كانت امي تتحدث عن مشكلة لقريبة لنا فعلقت على الامر بكلمة عادية
فجأة
التفتت أمي
واذا بها تصفعني على وجهي بقوة توقفت فيها لحظات لادرك ما الذي حدث ، هل سقط سقف المطبخ علي ؟ هل فقدت السمع ، واولادي تركوا اللعب ووقفوا ينظرون مصعوقين مما رأوه
وفي لحظة مرت كالدهر
بللت فمي الذي جف بلساني وتنفست بهدوء
ثم
نزلت أرضاً و.....
قبلت قدمي أمي الاثنتين اليمين ثم اليسار ، امسكت كل قدم بيدي الاثنتين وقبلتها بفمي بصدق ، ثم وقفت وقلت لها بهدوء وخجل : سامحيني
لم تعلق استدارت واكملت ما كانت تقوم به
كانت دهشة اولادي مما قمت به اكبر مما قامت به أمي
لم اقم بهذا الامر لاني كنت مخطئة ، ولا لانها تستحق هذا الصنيع وان كانت الام تستحق اعظم من هذا ولن نوفيها حقها ، ولا لحبي لها
بل من أجل الله عز وجل
ومن ثم من أجل فلذات كبدي
دخلت خلسة عن الجميع وبكيت ثم خرجت كأن شيئاً لم يكن واكملت باقي يومي بشكل عادي مع أمي واولادي اضحك معها واشرب معها الشاي واتناول معها الطعام واطرح امامها الاحاديث التي تضحكها حتى انتهى اليوم
عدت البيت ، ظننت انهم نسوا الامر
ولكنهم اتوا كلهم عندي وكان السؤال المتوقع
ماما ليش الجدة ضربتك كف ؟ ماما ليش نزلتي قبلتي رجليها ؟
وكان جوابي الذي غير اولادي 360 درجة بعد معاناة 12 سنة من مشقة تعليمهم البر والطاعة ، استطاع هذا الموقف في ثواني ان يعلمهم ما لم استطع ان اعلمهم اياه في 12 سنة
وكان جوابي لهم :
لانها
( أمي )
اوصاني الله عليها في القرآن الكريم واوصاني بها رسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي سينتظرني عند الحوض لاشرب من يده الشريفة شربة لا اظمئ بعدها ابداً لانني اطعت الله ومن ثم اطعته
لو ضربتني امي كف سأسلمها الكف الاخر لتضربه ثم انزل لقدميها اقبلهم لاني اغضبتها وجعلتها تغضب مني
هذه أمي التي رضاها عني سيدخلني الجنة
سيعاقبني الله في الدنيا قبل الآخرة لو اغضبته او رفعت صوتي عليها او هجرتها او غضبت منها
وقف الثلاثة يستمعون لي كأنهم يتابعون احب كرتون لهم على الاطلاق ، رأيت نظراتهم كانت تقول انتِ ايضا أم يا ماما ، وسنعاملك مثل ما عاملتي امك
ما اعظم شأن الأم
ومنذ ذلك اليوم لم يرفض لي ولد منهم امر ، بل حتى قبل ان انطقه ، من نظراتي يفهموني ، كبروا وتزوجوا واصبحت جدة ولم يخالفني احد منهم في كلمة او رأي ، حتى لو عصبت او غضبت منهم دون اي وجه حق لا ارى منهم اي اعتراض او تأفف او هجر بل مزيدا من الطاعة والقرب والحب لانهم يشعرون انهم قد يعاقبهم الله لو اغضبوني ، والحمدلله لم اكن آمرهم بمعصية او اتسبب بأي خلاف بينهم وبين زواجتهم ابداً
مسكين كل من له ام واب ويحفر في الصخر ليتحصل على بر اولاده او يعلمهم اياه من الكتب ، فعندما يرى اولادي انني احترم امي واطيعها سوف يفعلوا مثلي بكل بساطة
ليس لي علاقة بشخصية امي ولا باخلاقها ولا سلوكها ولا دينها
طالما اصبحت امي فأصبح واجبي برها ومعاملتها بالاحسان
وبعد ان اصبح أنا أم لم تعد علاقتي بها البنت مع امها فإن لم يكن حبا لها فمن اجل اولادي
فالبر يقضتي الاحسان ولا يوجب الحب والا لاصبحت كارثة عند كثيرين ولكن الله حكيم خلق كل شئ بحكمة فلا مجال لأي عقوق ولا عذر لاي عاق
عندما تضربني امي على وجهي وامام اولادي ساسلمها خدي الاخر وانزل على الارض واقبل قدميها حتى اعلم اولادي درساً عملياً في طاعتي وسماع كلمتي واحترامي
فكما ارى الان اني على حق وامي مخطئة فسوف يأتي علي يوم وتمر بي مواقف يرى فيها اولادي وفق زمانهم انهم على حق وانا مخطئة وسيعاملونني كما عاملت امي
فيجب ان نعامل والدينا وفق ما يرونه هم بر وليس وفق ما اراه انا بر ، فلو كانت امي ترى الجدل عقوق فلن اجادل حتى لو كان من وجهة نظري انه امر عادي واني محقة ، لو كانت ترى العقوق في اي امر مهما كان عادي فلن اقترب منه ابتغاء رضى الله عني وحتى يرزقني بر اولادي لي وقد كان
يا الله ادخل كل أم الفردوس الاعلى وفي حياتها سأدعوا لها بما احب ان يدعوا به اولادي لي في المستقبل واكثر وهذا اقل حقها علي فلو لم يكن لها حق علي ما جعلني الله بنتاً لها وما جعلها أماً لي الا لانه يريد بها الخير فيا رب تقبل دعائي لامي ولكل أم
وهذه كانت خلاصة تجربتي أهديها لكل بناتي
[IMG]http://im4.***********/2011-07-03/1309690306665.bmp[/IMG]