تخيل أيها الرجل (روتين الزوجة اليومي وتبعاته)
تخيل أيها الرجل أن تستيقظ يومًا وأنت تشعر بخمول وتعب وصداع وثقل في كل أعضاء الجسم، تستيقظ وتتمنى لو كان بمقدورك الاستمرار في النوم فجسمك ليس بحالته الطبيعية، لكنك تتحامل على نفسك وتستيقظ قبل الجميع، تلاحظ أن وزنك زاد قليلًا وكما لو أنه مملوء بالماء، وملابسك أصبحت ضيقة عليك قليلًا، تشعر باختناق وضيق وكرب ومزاج متوتر.
تتجاهل كل ذلك وتعدّ الإفطار لنفسك ولزوجتك التي ما تزال نائمة، توقظها ثم تفطران معًا وأنت تحاول أن تحافظ على ابتسامتك رغم كل التعب.
تخرج لعملك، تحاول أن تؤدي كل شيء على أكمل وجه فلن يرحم تقصيرك أحد ولن يدرك أحد ما تشعر به.
تعود للمنزل بنفسية منهكة ومزاج مرتبك، لا تعرف سبب التغير الذي يطرأ عليك.. تشعر بالضيق والحزن إضافة لكل تلك الآلام الجسدية.
تستقبلك عائلتك بالكثير من المتطلبات، لا يمكنك أن تؤجل أي عمل إلى الغد، تحاول أن تخفي عمن حولك ما تشعر به، تتمنى لو يواسيك أحد، لو يتفهمك أحد.. لو يشعر بك أحد، لكن لا جدوى.
إذا خرجتَ عن طورك أو عبّرت عن اعتلال مزاجك.. ستواجه المزيد من النكد والتبرم.
يستمر هذا الحال لأسبوع أو لعشرة أيام وأنت تقاوم وتقاوم.. وتقاوم، وما زال كل شيء حولك كما هو، آلامك وقسوة أقرب الناس إليك.
تستيقظ ذات يوم على ألم عاصف في البطن، إسهال شديد، آلام في كل الجسد.. كمن يضرب عظامك بحجار صلبة، وكمن يغرز سكاكين في بطنك وخاصرتك، تتوقف الآلام لثوان ثم تعود أشد من بدايتها.
البرد ينهش جسدك.. ثم تفاجئك حمّى، ثم تتناوب الأوجاع على جسدك.. فلا تدري من أيها تتوجع.
تضطر للذهاب لدورة المياه كل ساعة أو ساعتين، قد تتقيأ كل شيء تتناوله حتى الماء.
مع ذلك.. رغم كل هذا التعب.. تكون ملزمًا بأداء واجباتك، لن يعذر تقصيرك أحد، تذهب لعملك وأنت مصفرّ من الألم، يحدث أن تسخط في وجه زوجتك لسبب ما ولأن الأمر خارج عن إرادتك.. وبدل أن تتفهمك زوجتك.. تفتعل مشكلة معك وتتجاهلك وأنت في قمة تعبك، وأنت بحاجة إلى كلمة حانية أو لمسة رقيقة.
تتمادى في هجرانك واستفزازك.. فتصبح بحاجة فقط إلى أن يتركك الآخرون وشأنك.
تقول لنفسك: كثيرًا ما صبرت على تقلباتهم، وكثيرًا ما سهرت على راحتهم وهم مرضى، وكم مرة فتحت صدري وخبأت أوجاعهم فيها، وكم.. وكم..
واليوم وأنا في قمة الضعف.. ينفضّ أقرب الناس عني، بل ويؤنبونني على التقصير أو الحزن أو التعب.
تخيل أن يستمر هذا خمسة أيام متتالية، ولا تدري خلالها هل تداوي أوجاع جسدك.. أم جراح روحك!
ولا تنتهي أيام مرضك إلا وقد اصفرّ لونك، وذهب ضياؤك.. كمن خرج من القبر، أو كالذي دهمته فاجعة، تخرج بجسد هزيل لشدة ما اعتراه من التعب، ونفس كليلة عليلة لشدة ما عالجت من الجحود والنكران.
تخيل أخي الرجل أن يحدث ذلك كل شهر، بنفس التواتر، بنفس الألم، وعلى مدى سنين طويلة، وأنت تواجه قدرًا من أقدار الله بصبر واحتساب ورضا.. ثم يأتي الحبيب والشريك والسند بعد الله.. لينكّل بك وقت تعبك، لأسباب عديدة.. إما أن تكون منطقية أو غير منطقية.. وفي كلا الحالتيْن هي تنبئ عن عدم تفهم وقلة حبّ وأنانية وجهل.
هذا وصف تقريبي لما يحدث للأنثى جراء دورتها الشهرية، بل إن ما يحدث لها أقسى وأشد، فهل يمكن أن تشعر بشريكتك وترحمها كما رحمها الله وأعفاها من تأدية الفروض لعلمه سبحانه بما يعتريها في هذه الأيام العصيبة من كل شهر؟
أم سيستمرّ بك الصلف والجهل وتخسر رصيد الحب والامتنان في قلب زوجتك؟
(( تم التعديل ليتناسب مع المضمون))
التعديل الأخير تم بواسطة مدن السلام ; 01-01-2014 الساعة 09:18 AM