منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - لماذا يا مجتمع !!؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-2014, 06:45 PM
  #5
Neat Man
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية Neat Man
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 4,683
Neat Man غير متصل  
رد : لماذا يا مجتمع !!؟

موضوع رائع أخي الفاضل، أشكرك عليه.

فيما يتعلق بموضوعك يتعامل الإنسان في حياته مع أمرين، الأمر الأول: الواقع الثقافي والاجتماعي وهو الذي يشكل قرارات وأفكار وتقييمات المجتمع لكل الظواهر والأشياء والأفكار والعلاقات والعادات، وهذه الأمور يشترك فيها أغلب أفراد المجتمع فتتكون تصوراتهم وآرائهم أعتقادتهم وفهمهم للصحيح والخطأ وللعيب وللطبيعي وللمبادئ على أساسها.
الأمر الآخر: وهو عالم الفكر والمثال والنموذج والدين والأخلاق، وهذه مراتب سامية وفاضلة والتي يفترض أنه على أساسها يستمد المرء مبادئه ومناهجه وتصوراته وقراراته وأحكامه.

أكثر المجتمعات تعيش بين هذين الأمرين بين سطوة الواقع وجذبه وهو المتمثل في الأمر الأول وبين المثاليات المتسامية والمتمثلة في الأخلاقيات والدين التي تحكم الفرد وعلاقاته وسلوكياته ومبادئه.

ينشأ المجتمع على واقع سلبياته وفساده وتناقضاته منتشرة حتى العظم داخله، فينشأ الفرد والمجتمع على أن الحقيقة والعقل كما هو الواقع، يصعب على المجتمع أن ينتقل إلى الأخلاقيات والمبادئ الدينية لأن جذب الواقع أقوى بكثير من تلك المثاليات التي هي في السماء بينما الواقع في الأرض فكلما حاول أن يقفز للأعلى اجتذبه ماهو أسفل منه، وبالتالي بالرغم من أن المجتمع يصف نفسه بالمتدين إلا إنه يمر مرور الكرام على آيات وأحاديث تخالف واقعه الاجتماعي المتشبث به أو المسيطر عليه فالتفكير الاجتماعي أقرب مايكون إلى المخدر الذي لايستطيع المرء التخلص من تأثير، بل الأمر أدهى من ذلك لأن المجتمع يظن أنه على الحق والرأي السديد الذي لا يماريه أية شبهة، وكما ذكرت أن المجتمع يزعم أنه متدين وحين تحاصره آيات قرآنية أو دينية فإنه يحاول أن يلوي عنقها حتى تتوافق مع ما آلفه من عادات أو يلجأ إلى أحاديث ضعيفة أو غيرها من استشهادات دينية أقل قوة أو تراثية ليبرر واقعه الاجتماعي والثقافي. لذلك العادة والواقع أقوى وأنكى من المثاليات المتمثلة بالأخلاقيات والدين.

التفكير الجمعي وهو مايصف به المجتمع الذي يتخذ من واقع المجتمع منطلق لبنية تصوراته، في المقابل هناك نسبة قليلة من المجتمع يشعرون أن مايجري لا يمكن قبوله وفق المنطق العقلي والديني والأخلاقي، ولذلك تكون آرائهم وأفكارهم وتوجهاتهم وأخلاقياتهم ومبادئهم وتعاملاتهم خلاف واقع المجتمع، حتى هؤلاء ستجد بينهم تباين منهم من يجذبه واقع المجتمع في بعض الأحيان ومنهم من يظل مقاوماً وهم الأندر.


هذا الأمر ليس فقط في مجتمعنا، بل في كثير من المجتمعات المختلفة في الدول العربية وفي أفريقيا وآسياء وأمريكا الجنوبية وأوربا الشرقية، ستجد التناقض الكبير بين الأخلاقيات والمبادئ السامية والدينية وبين الواقع الاجتماعي المناقض لها.

لم أذكر أمريكا الشمالية ولا أوربا الغربية، والسبب أن هذه المجتمعات بالرغم من أن لديها شيئاً مما ذكرته إلا أن الأخلاقيات والآداب والمبادئ والمنهجية في الحياة لها أثرها في الواقع الاجتماعية فالهوة بين الأخلاق أو الدين أو المثاليات وبين الواقع الاجتماعي ليست شاسعة كما هو الحال لدى المجتمعات السابق ذكرها، لذلك يردد كثير من الناس حين يذهبون إلى أوربا الغربية وآمريكا وكندا عن أخلاقيات تلك الشعوب وعن احترامهم للطريق وللإنسان وللطفل وللعمل، ومدى وجود عامل الآمانة، وشخصياً أرجع هذا السبب إلى النقد الثقافي وإلى القطيعة مع الماضي وخزعبلاته وعدم سطوته على الواقع ولصرامة القانون وتطبيقه على الجميع، هذه العوامل أدت إلى أن يكون المجتمع ويردم الهوة بين المثاليات وبين الواقع، أو بعبارة أخرى يجعل من المثاليات واقعاً مفعولاً في مجتمعه، ولذلك لأن الفرد هناك قد تربى على الإلتزام بالمبادئ والأخلاقيات فإننا نجد كثير ممن يسلمون في الغرب يلتزمون بشكل كبير في دينهم الجديد بالرغم من أن مجتمعهم يتيح لهم كل الوسائل التي هي محرمة في الدين الإسلامي إلا أن تطبيق الدين ومبادئه لدى أغلبهم يجعلهم ناجحون بامتياز في أتباع دين الله وآوامره.
__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

التعديل الأخير تم بواسطة Neat Man ; 03-02-2014 الساعة 06:50 PM
رد مع اقتباس