المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Neat Man
موضوع رائع أخي الفاضل، أشكرك عليه.
ينشأ المجتمع على واقع سلبياته وفساده وتناقضاته منتشرة حتى العظم داخله، فينشأ الفرد والمجتمع على أن الحقيقة والعقل كما هو الواقع، يصعب على المجتمع أن ينتقل إلى الأخلاقيات والمبادئ الدينية لأن جذب الواقع أقوى بكثير من تلك المثاليات التي هي في السماء بينما الواقع في الأرض فكلما حاول أن يقفز للأعلى اجتذبه ماهو أسفل منه، وبالتالي بالرغم من أن المجتمع يصف نفسه بالمتدين إلا إنه يمر مرور الكرام على آيات وأحاديث تخالف واقعه الاجتماعي المتشبث به أو المسيطر عليه فالتفكير الاجتماعي أقرب مايكون إلى المخدر الذي لايستطيع المرء التخلص من تأثير، بل الأمر أدهى من ذلك لأن المجتمع يظن أنه على الحق والرأي السديد الذي لا يماريه أية شبهة، وكما ذكرت أن المجتمع يزعم أنه متدين وحين تحاصره آيات قرآنية أو دينية فإنه يحاول أن يلوي عنقها حتى تتوافق مع ما آلفه من عادات أو يلجأ إلى أحاديث ضعيفة أو غيرها من استشهادات دينية أقل قوة أو تراثية ليبرر واقعه الاجتماعي والثقافي. لذلك العادة والواقع أقوى وأنكى من المثاليات المتمثلة بالأخلاقيات والدين.
لم أذكر أمريكا الشمالية ولا أوربا الغربية، والسبب أن هذه المجتمعات بالرغم من أن لديها شيئاً مما ذكرته إلا أن الأخلاقيات والآداب والمبادئ والمنهجية في الحياة لها أثرها في الواقع الاجتماعية فالهوة بين الأخلاق أو الدين أو المثاليات وبين الواقع الاجتماعي ليست شاسعة كما هو الحال لدى المجتمعات السابق ذكرها، لذلك يردد كثير من الناس حين يذهبون إلى أوربا الغربية وآمريكا وكندا عن أخلاقيات تلك الشعوب وعن احترامهم للطريق وللإنسان وللطفل وللعمل، ومدى وجود عامل الآمانة، وشخصياً أرجع هذا السبب إلى النقد الثقافي وإلى القطيعة مع الماضي وخزعبلاته وعدم سطوته على الواقع ولصرامة القانون وتطبيقه على الجميع، هذه العوامل أدت إلى أن يكون المجتمع ويردم الهوة بين المثاليات وبين الواقع، أو بعبارة أخرى يجعل من المثاليات واقعاً مفعولاً في مجتمعه، ولذلك لأن الفرد هناك قد تربى على الإلتزام بالمبادئ والأخلاقيات فإننا نجد كثير ممن يسلمون في الغرب يلتزمون بشكل كبير في دينهم الجديد بالرغم من أن مجتمعهم يتيح لهم كل الوسائل التي هي محرمة في الدين الإسلامي إلا أن تطبيق الدين ومبادئه لدى أغلبهم يجعلهم ناجحون بامتياز في أتباع دين الله وآوامره.
|