أسأل الله أن يربط على قلبك، وأن يلهمك الرشد، وصواب القرار.

أنا مطلقة ولدي ابن ، تطلقت في عامه الأول، والده في منطقة أخرى ورحل دون عودة ، فكبر وهو لا يعرف أباه، علمته أن يكون رجلا منذ الصغر، وعندما ذهب إلى المدرسة كانت الطامة بالنسة لي ، لأني لا أستطيع متابعته، ففي مجتمعنا السعودي لا تتواصل الأم مع المدرسة لتطمئن عليه إلا في الحالات النادرة . بالنسبة لي يتكفل خاله به، ولكن لا يستطيع متابعته باستمرار.
وأكون في قلق أحيانًا.
ومنذ سنواته الأولى في المدرسة يتغيب عن كل حفلاتهم ورحلاتهم، أحاول مرارا أن أشجعه على الذهاب، وأنه سيستمتع مع أصحابه ولكنه يرفض، ولا يذهب مطلقًا لمثل هذه الرحلات. لكن بعد سنوات شعرت أنهم ربما يستدعون أولاء الأمور ويتهرّب من ذلك .
كما شعرت أنه يتضجر من الاستمارات الفصلية، عن أحوال الطالب، وأحوال والديه، وفي الفصل الماضي أخبرني أنه مزّق هذه الورقة المشؤومة.
أفهمته منذ الصغر أنك بلا أب، وأنك أب لنفسك، ورجل صغير، لأزرع في نفسه المسؤولية، وفي أسوأ الظروف التي تواجهه في المدرسة يتغيب، الآن بدأ يحكي لي كثيرا مما يحصل في المدرسة، يحكي لي عن مجاملات المعلمين لأبناء الوكلاء أو المعلمين، ووقوع العقاب على مثله.
وذات يوم أخبرني أنه تشاجر مع أحد الطلاب، فطلبوا منه في غرفة المدير أن يحضر ولي أمره ، فقال لهم ما تريدونه أنا أمامكم تفاهموا معي بشأنه ، وليّ أمري شيخ مسنّ لا أستطيع احضاره لكل أمر .
أحيانًا أتمنى لو أن الذي أنجبت بنتا ربما تكون أسهل من حيث الدراسة والمتابعة، ولكني أعود وأقول لنفسي بل الابن أسهل لأن البنت تحتاج لأبيها أكثر عندما تكبر عدا عن أن مسؤوليتها أكبر .

الحمد لله، ربما هذه الحياة أهون وأفضل من حياة الظلم لو استمرت الحياة.