السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أولا تحية إكبار وإجلال للأخ الفاضل همام..فقد كان رده ينم عن شخصية فذة عاقلة متأنية (ما شاء الله لا قوة إلا بالله)...مع احترامي للآخرين .وما ذكره يفسر أحيانا على أن فيه شيئ من مهاجمة الشرع أو اعتراض على التعدد وهو في الحقيقة رؤية ثاقبة وفهم عميق للواقع .فما كان مناسبا في عصر من العصور قد لا يكون مناسبا في عصر آخر ،وما كان يسيرا في وقت قد يكون صعب التطبيق في وقت آخر.ولاحظو أننا هنا نتكلم عن أمر من المباحات لا عن واجبات الدين القطعية.وأحب أن أضيف بعض النقاط التي ربما أضافت بعدا للموضوع إلى جانب ماذكره أخونا الفاضل همام:
أولا:التعدد أمر مباح من المباحات فهو ليس مندوبا ولا مكروها فمثله مثل الطعام والشراب وغيره من المباحات من احتاج إليه وكان قادرا عليه فعله بشروطه وضوابطه ’ومن لم يكن تركه ولاضير في ذلك كما يظن كثير من الإخوة حيث قال أحدهم المعدد أفضل من المفرد.
ثانيا:من قال أن التعد سنة فإن الإفراد أيضا سنة فـ"لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت"كما في رواية مسلم.وورد في فتح الباري :مما كافأالنبي صلى الله عليه وسلم خديجة في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها.....إلى أن قال:عاش صلى الله عليه وسلم بعد أن تزوجها 38 عاما انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاما........ومع طول المدة فقد صان قلبها من الغيرة ومن تكدر الضرائر" انتهى كلامه. وهذا مما يساند كلام الأخ همام أن تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كان له أسبابه المختلفة.
ثالثا:يجهل بعض الناس أن من حق المرأة إن لم تصبر على الغيرة أو طالها الأذى بزواج زوجها عليها -طلب الطلاق ولا تأثم بذلك ...وإن كنا نرى أن الصبر والاحتساب أولى .والدليل على ذلك حديث المسور بن مخرمة الذي أخرجه البخاري ومسلم .وهو الحديث الذي يذكر قصة خطبة علي بن أبي طالب لابنة أبي جهل وما كان من موقفه صلى الله عليه وسلم عندما قال"فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد بن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم " فبعض العلماء ذكر أن هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم والبعض قال بغير ذلك وذكر في شرح الحديث أقوالا كثيره منها :تقرير حق المرأة المسلمة وأهلها في الاعتراض على التعدد وطلب الطلاق إذا كانت المرأة شديدة الغيرة وتتضرر ضررا جسيما.بل وبوب البخاري لهذا الحديث ب"باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة ..."
وتراجع بقية الأقوال في فتح الباري وغيره من الشروح والكتب الأخرى التي ذكرت الحديث لمن أراد.
رابعا:استنبط بعض أهل العلم من الحديث السابق استحباب إعلام الرجل زوجته أو أباها بعزمه على الزواج من أخرى.
خامسا :لم أكتب ما ذكرته تأليبا للزوجات فأعوذ بالله أن أكون كذلك ولكني قلت ذلك إحقاقا للحق الذي أسال المولى عز وجل ألا أكون قد جانبت فيه الصواب ولأن كثيرا من النساء تنفر من بعض أمور التشريع لأننا نخبرها بما عليها من واجبات ولا نخبرها بما لها من حقوق .ومن حقها أن تعرف ما لها وما عليها وهي بعد ذلك سيدة الموقف بحيث توازن بين المصالح والمفاسد وتتخذ قرارها في ظل ذلك.وأكرر لأخواتي أن من ابتليت بهذا الأمر فعليها بالصبر والاحتساب ومراعاة المصالح...وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.