عضو المنتدى الفخري [ وسام العطاء الذهبي لعام 2015 ]
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 4,649
رد: تلاوة كتاب الله ( دورة اقرأ وارتق 2 )

السورة مكية وهي في مجملها واضحة في دعوتها إلى التوحيد وترك الشرك , كباقي السور المكية وتطرقت إلى أهمية الوحدة والحذّرت من خطورة الفرقة
واسم السورة مرتبط بالشورى والمشورة والتي هي من أفضل الوسائل و أنفعها في اجتماع الكلمة ودفع الاختلاف كما لايخفى على أحد .
وبذلك فهي دعوة إلى جمع الكلمة ,و دعوة إلى ترك الإختلاف المذموم , وقد بينت هذه السورة على أن الاختلاف سُنّة كونية

ومن الآيات التي ترسخ في نفس القارئ أن الاختلاف سنة كونية , وأن الإختلاف من طبيعة النفس البشرية , و لابد وأنه واقع كذلك في الأمور الشرعية , نتيجة لاختلاف الناس وآرائهم , فإن حكمته سبحانه اقتضت ذلك ليحصل الابتلاء و التكليف وعلى هذا قامت الدعوات والرسالات قال سبحانه :
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }(8)

وركزت على حٌكم الاختلاف الشرعي (أي الأختلاف في الأحكام) ودعت إلى ترك الخِلاف ونبذه , وذكرت بعض أسبابه , و كيفية معالجته , و ذكرت جزاء المختلفين من الطرفين .
ومن الوصايا التي جاءت في السورة صريحة لحل الخلافات ,الرجوع الى حكم الله وكتابه وسنة نبيه
كقوله تعالى :{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }(10)
ومن الوصايا الصريحة أيضا: الدعوة الى ما وصى الله به ألو العزم من الرسل قال تعالى:
{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} آية 13

وكل هذا يدعونا للاستقامة على أمر الله , والتحاكم إلى الشريعته لا إلى الهوى , والإيمان بالكتاب , والعدل , والتوحيد... وكل هذه الوصايا جاءت في قوله :
{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ }(15)
ولا يخفى أثر هذه الأمور جميعها لجمع الكلمة و نبذ الاختلاف والفرقة .

والشورى تكون في كل أمر ابتداء من تعامل البشر في بيوتهم إلى قضايا الحكم وغيرها. والشورى هي أصل من أصول الإسلام العظيمة وسياج لحماية المنهج في كل أمور الحياة لأن الخلاف حاصل ومتوقع وطبيعي. وعلى هذا المبدأ ولأهميته في الإسلام سميّت السورة بـ (الشورى) فلمنهج الشورى الأثر العظيم في حياة الفرد والمجتمع مصداقاً لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) آية 38.