رد: الزوج والسلطة: هل السبب مادي!؟
شكراً للجميع
وردودكم أثرت الموضوع، وساهمت في رؤية الأمر من جوانب وتحاليل مختلفة.
ومن وحي ردودكم أكمل:
هناك اعتبارات وأسباب كثيرة ذكرها بعض الأعضاء إلى جانب السبب الثقافي والديني والمالي، مثل حرص المرأة على الاستقرار، وخوفاً من تحولها كمطلقة قد يصعب عليها مواجهة الحياة خصوصاً إذا كان لديها أبناء فتستسلم لموضوع السلطة المطلقة.
إن كل تلك الأسباب الآنفة الذكر لها عمقها في تعزيز هذا التسلط والخضوع وشرعنته، إن الإنسان المسلم اجمالاً وهو الرجل الذي يدعي أنه يتبع تعاليم دينه، في الحقيقة هو ضعيف دينياً وغير قادر على استيعاب وتقبل فكرة العدل الديني وعدم الظلم مهما كان يظن نفسه متديناً لأن عامل التربية الثقافية والمجتمعية تشكل عقله وتصرفاته ومواقفه والتي يغطيها -شعر أو لم يشعر- بمقولاته أو نصوص دينية لا تمت بصلة لمواقفه وسلطته وظلمه، إن المتدين الحقيقي هو الذي يكفه دينه عن الطغيان على زوجته أو ابناءه أو منهم تحته، إن الإنسان بطبعه متمرد ولا يردعه إلا دين حقيقي متأصل (وليس شكلي كما هو الحال عند الكثيرين "وبنسب متفاوتة") أو قانون صارم يطبق عليه وعلى غيره أو ضمير حي يحثه على العدل ومعرفة مايحق له وما لا يحق.
تشتد ضراوة حماقة بني البشر وظلمهم حينما يمنحون المال لمن تحتهم، إذ أن المعادلة الواعية واللاواعية هي أنا أعطيكَ مالاً إذاً أنا متفضل عليك، ولذلك يجب عليك أن تعاملني بشكلٍ مختلف، أن تسمع كلامي، وأن تتغاضى عن زلاتي، لأنك إن حرثتها فسوف أمنع عنكَ ذلك المال، ولذلك يجب أن تستمر في ذلك النفاق، وهكذا تفسد الحياة والأخلاق.
والأمر ذاته ينطبق في الحياة الزوجية، وتلعب هذه المعادلة دورها، فالرجل لايتصور كونه يعطي المال لتلك المرأة التي هي أصلاً محجّمة ومصنفة ثقافياً واجتماعية من أعوام ضاربة في القدم على أنها ضعيفة ويجب أن تقاد وتكون تابعة، وهي نفسها اقتنعت بذلك أيضاً بسبب ظروف متراكمة لاطاقة لها بمقاومتها، أقول لايتصور الرجل أن يرى زوجته شريكة ومساوية له، وحين لايكون هناك تعادل في العلاقة فإنه سيطغى الطرف الأخر (وغالباً يكون الرجل) وحين يكون أيضاً هو المانح للمال فإن تمرده وتسلطه سيكون أقوى وأشد ضراوة، وبالطبع يختلف هذا التسلط من شخص لأخر حسب شخصيته وعقليته ونشأته ورؤيته للحق والعدل وانصافه من نفسه.
إن للمال لغته الفصيحة، ويكاد يجمع البشر كلهم على أن يتغاضوا ويتنازلون ويوالوا ويعادوا حينما يكون للمال دور في تكوين تبادل العلاقات، وحين تكون المرأة صاحبة المال وهي التي بيدها القدرة على البذل والعطاء والكرم الموجه للشريك، فإن هذا الشريك الذي هو الرجل سيتنازل كثيراً وسيخضع وسيدور في محراب تلك المرأة لأنها صاحبة المال، إلا أن العنصر الثقافي والارث الاجتماعي والذي يشَرعن دينياً وغياب سطوة ووضوح القانون، يجعل الرجل يتكئ عليهم بشكل لا إرادي غالباً ليلتف ويظلم تلك المرأة ويسطو عليها وعلى مالها بطرقٍ متفاوتة، وبحسب المرأة فهناك من النساء من تستطيع أن توجه مالها الخاص للتحكم بهذا الرجال وقيادته نحو وجهة هي ترتضيها، خصوصاً إذا وافق ذلك ضعفُ عند الرجل وقدرة قيادية لدى المرأة، إلا أن حالات كثيرة دعمها كما ذكرتُ قبلَ قليل الضعف القانوني وغطاء الفهم الديني المشوه والإرث الثقافي والاجتماعي والتاريخي لرؤية حجم المرأة وتحجيم دورها وجعلها مجرد تابع (بشكل سلبي)، وكونها في موقع الأكثر حرصاً على استقرار الحياة الزوجية بالرغم من أنها هي صاحبة المال والنفقة إلا أن الرجل وبدعم من المكونات السابقة استطاع الالتفات عليها وعلى مالها وبالتالي افراز صور كثيرة من الظلم عليها، فمالها لم يستطع انتشالها وجعلها موازية أو متسلطة على الرجال بشكل عام كما هي العلاقة الجدلية والتي تقول أن صاحب المال هو المتحكم وهو الذي يسوغ له الظلم والتسلط، لأن ومرة أخرى غياب قوة القانون وأثر الواقع الاجتماعي والإرث الثقافي والتاريخي والفهم الخاطئ للدين لنظرة المرأة ساهموا في إضعاف القوة لدى المرأة المتمثلة بالمال، وغلبتها تلك المكونات المجتمعة ليطغى عليها وعلى مالها من خلال صور متعددة لاتخفى على المتابع.