هذا صحيح وفاء، طبعاً هذا السلوك يعكس أبعاد ثقافية عديدة نستطيع قراءتها من خلال هذا السلوك، فالتصرف أو السلوك الذي يحدث في أي ثقافة لابد أن يرمز إلى أشياء كثيرة، هذه حركة عفوية، ولكن لها ابعادها، فيمكن أن نقرأها من خلال الأوجه التالية:
* رغبة العطاء والاهتمام في هذه الثقافة لدرجة أنه يقوم من مكانه ويتحويك بيده ويبالغ في الحرص على الافادة والخدمة
* من خلال الملامسة ووضع اليد على الكتف الرغبة في الاندماج والاقتراب الانساني وكأنه نوع من الاحتضان، وأذكر أني كنت أدرس اللغة بامريكا، وكنا في الكافتيريا مع مجموعة من الجنسات المختلفة، وكنا نتحدث عن الاختلاف الثقافي، وكانت أحدى الأخوات من دولة تشيلي تستنكر وتستغرب كيف أنه لايمكن أن نرى في أمريكا مسك لليدين أو ملامسة بين الناس أثناء الحديث العفوي أو الطبيعي كما يحدث في الدول الشرقية، وكانت تقول نحن لسنا جمادات بل بشر من الطبيعي أن يكون هناك التفاعل الجسدي اللارادي كما يحدث بين الصديق وصديقه أو الصديقة وصديقتها أو الاخت واختها أو الأخ وأخيه وغيرهم، في حين أن في مجتمعات مثل أوربا الغربية أو أمريكا من النادر أن تجدي شخصين إلا وبينهما مساحة وصعب أن تلحظ ملامسة تلقائية بينهما، وهذا لايمكن ألا أن يفهم أنه نوع من السلوك الثقافي الذي لايجب أن ينتقد لا هنا ولا هناك.
* أخيراً أن الملامسة ووضع اليد على الكتف يعكس حالة من طبيعة المجتمع هو أن الثقافة وطبيعة التعامل بين الأفراد ليس فيها حدود أو حواجز وهذا يدل على تدخل الناس في شؤون بعضهم وكأن لهم الحق في ذلك وغياب الحرية والخصوصية، خلاف وعكس عن بعض الدول التي لايتلامس أفرادها كأنعكاس للحرية والفردية والخصوصية التي لايجب أن يقترب منها أحد وتتجلى في طبيعة التواصل والملامسة والمكان.

لكل ثقافة وكل ثقافات داخل ثقافة واحدة لها انماط التواصل وطريقة التعبير، وهناك الكثير من لغة الجسد التعبيري لاحظتها ومثيرة للانتباه والاعجاب، فمثلاً حين يقول لك أحدهم أن المكان ممتلى فإنه يضع ابهام أصبعه على ذقنه ويرفع رأسه في تعبير أن المكان عامر، أو أنه أكل حتى شبع للنهاية، وهذه الحركة عادة يقوم بها الرجال المغاربة ولم أرى النساء يعبرن بها، وغير ذلك التعابير الجسدية المختلفة التي توصل معلومة دون الحديث بها لفظاً.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..