منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - رحلة الأحلام في المغرب
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-06-2017, 05:59 PM
  #93
Neat Man
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية Neat Man
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 4,683
Neat Man غير متصل  
رد: رحلة الأحلام في المغرب

إلى شفشاون

ياشفشاون يانوارة يالحبيبة يالمنارة

شفشاون اللؤلؤة الزرقاء القابعة في شمال المغرب، لم تكن شفشاون بتلك الشهرة التي هي عليه اليوم ربما قبل أكثر من عقد، كلما مرّ يوم أصحبت المدينة تكتسب شهرة وأهمية أكثر، يزورها الناس من كل أنحاء المغرب، بل لايكاد زائراً من أنحاء العالم إلا وتكون هي وجهته وأولويته، أكتسبت أهميتها من كون أغلب مبانيها باللون الأزرق، وتقع وسط الجبال الشاهقة المكتنزة بالأشجار الخضراء، يتخللها مياه الأنهار المتدفقة طوال العام.

كنّا ثلاثة اتجهنا من طنجة صوب شفشاون في ذات صباح، والطريق إلى شفشاون أو الشاون كما يختصر أسمها المغاربة يأخذ من وقتكَ ساعةً ونصف، إذ الطريق يمر بطرق منحدرة ومنحرفة، فضلاً عن أنكَ قد تضطر إلى الوقوف للتصوير بجانب المناظر الجميلة أو عند بعض الوديان لتروي من الماء المنسكب من أحدى الفتحات، كنتُ أقود السيارة في البداية فقال لي أحدهم، خصك توقف ونسوق بدلاً عنك، فأنتَ هنا من يجب أن يكونَ متفرغاً للمشاهدة، وكان رأياً سديداً، وكنتُ حينهاً عيّاناً حيث لم أنم جيداً تلك الليلة، المهم فجأة توقف قائدنا وإذا بنا ننزل لنشرب من الماء المنحدر من الجبل، وكان هناك مجموعة من الناس كل شخص معه قرعته، وبينما نحن لانملك سوى أيدينا، أخذنا نقلب كفينا كيف نسقي أنفسنا، وكيف نأخذ مايكفينا للطريق إذ بشخصٍ خلفي يقول لي هاك هادي القرعة، وكان قد أتى بقرعتين (قارورتين) ليملئهما، إلا أنه آثار على نفسه وأعطانا أحدهما، شكرته وملئتها، وعدنا راكبين وقفلنا إلى شفشاون، التي لطالما اكتسبت أهميتها لدي خلال السنوات القليلة الماضية.
وصلنا إلى شفشاون، وأوقفنا السيارة، ومشينا على الأقدام، حتى وقفنا على شلالٍ صغير ونهرٍ جار، رحنا ننظر إليه بانسجامٍ تام والناس من حولنا يفعلون كما نفعل، ثم انتقلنا إلى مكانٍ يأخذ به النساء والرجل الصور حيث يلبسون اللباس التقليدي الخاص ب(جبالة) وهو اللون الازرق للرجال، وغطاء للرأس، وكذلك اللون الأحمر للنساء وقماش أحمر تلف به النساء انفسهن في النصف الأسفل من أجسادهن، والجبالة هم من يسكنون الجبال الممتدة من أصيلة والعرائش وصولاً إلى تطوان ومابعدها بكيلو مترات قليلة باتجاه الشرق حتى تأتي مناطق الريف، ومن طنجة شمالة إلى وزان نزولاً عند تازة، وهي منطقة مليئة بالجبال، ويقال أن أهلها أطلق عليهم (الجبالة) نسبة إلى سكنهم بالمناطق الجبلية، كما يشار إلى أنهم من نزحوا من الأندلس بعد سقوطها، وسكان هذه المنطقة يتميزون بأشكالٍ معينة قد تختلف عن الصورة المغربي الذي يظهر شكله في الذهن حين نتذكره، فإن لدي القدرة على تميزيهم عن غيرهم من أبناء بلدهم، كما أن لدي القدرة في تمييز الأمازيغي من العربي، وتمييز أمازيغ السوس والاطلس المتوسط والريف عن بعضهم البعض، وإن كنتُ لا أزعم أني أصيب دائماً إلا أنني في الغالب أقترب من الصواب، وهؤلاء الجبالة يتميزون بمزيجٍ من البياض والاحمرار في الغالب، وباجسام ربما تتخذ جانب العرض والطول وشعورٌ ناعمة عادة ماتسرد على أحدى الجهتين من الرأس، ولا أدري هل أنا دقيق في الوصف أم إلا، إلا أني أجزم أني أستطيع تميزيهم عند اول نظرة،
رحنا نتجول في الشاون وبين شوارعها الضيقة المزّرقة، حتى نزلنا إلى ساحةٍ تضج بالناس، ومن أمامها القصبة الخاصة بالشاون، حتى توجهنا إلى مطعمٍ يقال له البلدي قد قرأتُ عنه من قبل وكان عامراً بالناس وكان يتوجب علينا الانتظار مايقارب الساعة، ولأن وقتنا كانَ ضيقاً قررنا الغداء في مطعمٍ أخر.
بعد أن انتهينا من الغداء تمشينا قليلاً، وكنَا قد قررنا أن نذهب لنرى شلالات أقشور المشهورة، وغادرنا شفشاون وسلكنا الطريق وإذ بنا بطابورٍ طويل من السيارات الذاهبة والقادمة من أقشور، سألنا أحد المارة عما يجري فقال أن الطريق عامر، وأن الشلالت تبعد مسافة عشر دقائق مشياً، قررنا أن نذهب أن وواحد ممن معي ويبقى الثالث في السيارة كونه شاهد الشلالت من قبل، وبينما نحن نمشي على أقدامنا والطرق مقفلة ومزدحمة بالناس، حيث كان ذلك يوم الأثنين وكان ذلك اليوم عطلة بمناسبة عيد العمال الفاتح من مايو، وبينما نحن نسير ونسابق الخطى نجد أن المسافة أبعد والناس متوترة والطرق مسدودة والسيارات لاتستطيع الحراك بحكم الزحمة، والليل يقترب منا والقيادة في الطرق الموصلة بين الشاون وتطون ضيقة وخطرة، قررنا العودة وترك الشلالات، حتى وصلنا السيارة ومشينا، ونحن عائدون وبعد بضعة كيلو مترات وجدنا شلالاً جميلاً وصغيراً ويعتبر امتداداً لشلالات أقشور، أمضينا فيه مايقارب العشرين دقيقة والتقطنا الصور، ومشينا، وحين أقفلنا عائدين وبين دور صغيرة متناثرة إذ بمن يقود السيارة يتوقف فجأة أمام عجوزٍ طاعنة بالسن، فسألها هل لديكِ شيئاً من الخبز!؟ فقالت بصوتٍ حنون وبأمانة ونقاء نعم ولكني صوبته من الصبح، فقلنا لابأس أعطينا أياه ذهبت مسرعة إلى دارها وعادت به، وأعطتنا أياه، ولما أردنا أن نعطيها بعضة دراهم قالت توكلوا على الله هذه لكم أصرينا على أعطائها إلا أنها كانت أكثر إصراراً على الرفض، دعونا لها أن يعطيها الله من رزقه وأن يرزقها الجنة، وأكلنا من تلك الخبزة الكبيرة ونحن نسير بالسيارة حتى رأينا فرناً مصنوعاً من الطين تخرج منه ألسنة العافية ومن أمامه إمرأتين تعجنان، أعجبنا المنظر وقررنا أن نوقف السيارة، فسلمنا عليهن فنظرنا إلى صنيعهن، وسألناهن عن الخبز وقلنا أن الخبز هذا مصنوع من الزرع (والمقصود بالزرع هو مثل خبز البر، أو الخبز الأسمر) فكان لابد لنا من شراء خبزة قد خرجت لتوها من رحم الفرن بثلاثة دراهم، وأخذنا بعض الصور، وحاولت أن أقوم بدور الخباز، وكانت تجربة جميلة جداً.

اقتحمنا الليل ونحن في بداية عودتنا لطنجة ولم نغادر الشاون بعد، وقد أخذ منا التعب مأخذه وخيم الصمت علينا في الطريق ننتظر وقت الوصول، حتى ذهب كلاً منَا لداره على أن نلتقي في الصباح لنقوم بمهمة أخرى، وهنا انتهت رحلة الثرية لشفشاون.

سأرفق الصور إن شاء الله خلال الساعات القليلة القادمة..
__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..

التعديل الأخير تم بواسطة Neat Man ; 19-06-2017 الساعة 06:00 PM
رد مع اقتباس