رد: رحلة الأحلام في المغرب
الصويرة
في الصباح توجهتُ إلى الصويرة، مدينة قديمة ضاربة في القدم، أحدى الوجهات التي يفضلها الأجانب بالرغم من صغر مساحتها وقلة عدد سكانها مقارنة بمدن أخرى في المغرب، ولا أدري ماسر ذلك بالرغم من أني حاولت معرفة ذلك لكن لم أحصل على إجابة، تتكئ الصويرة على المحيط الأطلسي بين أكادير والدار البيضاء، تتنشر حولها الكثبان الرملية ذات الجودة العالية، كما يشتهر فيها أجود أنواع الخشب في المغرب مثل العرعار، كما تشتهر بصيد الاسماك وغيرها من البحريات،
وصلتُ إلى الصويرة، وكنتُ قد حجزتُ ليوماً واحداً بالمدينة القديمة المسورة بالجدران ولها عدة أبواب، المدينة القديمة لعلها المكان الرئيسي الذي يتبضع فيه سكان مدينة الصويرة باكمالها، حجزتُ غرفةٍ في رياض، غرفتي في الدور الثالث، الرياض ملاصق جداً للبحر، حيث وأنتَ نائم فإنكَ ستنام حتماً على صوت الأمواج التي تداعب أذنك وكأنها ترعاك وتسهر عليك، الجو بارد والهوء النقي كثيف، والمكان عبق، وبرودة الجو تسحبكَ لتنام وتنسى نفسك..
هناك تجولت في المدينة القديمة التي أسكن في قلبها، شوارع ضيقة، وباعة في كل مكان، ومطاعم ومقاهي منتشرة، الناس طيبون، انتقل من شارع إلى شارع حتى انتهى بي المطاف إلى ساحة على طرف المدينة القديمة وخلف هذه الساحة مطاعم بحرية، وخلف هذه المطاعم مرسى ترسو فيه السفن المحملة بالصيد بعد ساعات يقضيها الصيادون في المحيط، على طرف الساحة جلستُ في مقهى، وطلبتُ منه آتاياً، وكان الذي يقدم الشاي سوسياً فحدثته بالسوسية، ورأيتُ سعادته وقال أنتَ أول واحد من خارج المغرب يسمعه يتحدث، جاء الآتاي واتكأتُ على الكرسي وأمامي الساحة مفتوحة بذراعيها، والناس تذهب وتجئ، وكل فردٍ له وجهته وحاجته، حتى انتهيت من الاتاي وواصلت المسير اكتشف تلك المدينة، حتى مررت بشارع ضيق سقفه منخفض يبدو أنه قد بني قديماً، وبهذه المناسبة للبرتغاليون بصمة على هذه المدينة، تجولت بهذا الشارع الذي يحوي الجلديات وبعض التحف المغربية التراثية، حتى وجدتُ نفسي بمكانٍ يبيع الناس فيه أنواع التحف الخشبية، كانت تبدو أصيلة وجميلة وذات مظهر جذاب، ودخلت على بناية قديمة، ففي داخلها عدد من الغرف كل غرفة يصنع أو يعرض أو يبيع صاحبها مالديه من خشب مثل الطاولات والتحف بأنواعها إلى الأواني المنزلية الخشبية، وكان ثمنها مرتفعاً قليلاً، وهذا مفهوم كون الخشب أصلي، واكتشف أن هذا المبنى عبارة عن جمعية للخشابين، وحدثني رئيسها وأخذني بجولة داخل المبنى، وتمنيت لو أن لي بيتاً فإنه سأغرقه بهذه التحف وهذه الجمليات التي تسر العينين، وخرجت من ذلك وواصلت التجول داخل المدينة الصغيرة، حتى سألت عن محلات الاسماك، فأشار لي أحدهم أن هناك تجمع للباعة داخل المدينة، حيث يأتي السمك طازجاً، ويمكنك شراؤوه ثم شويه عند المحل الموجود هناك، بالفعل ذهبت، وطلبت سمكاً وتناولته بعد شويه، وحل الظلام، واتجهت إلى مقهى، ولم يعجبني الحال، وكنتُ متعباً فعدتُ إلى الرياض الذي سكنتُ به، ولما دخلت وجدتُ المرأة التي تدير هذا الرياض وهي مغربية أربعينية، فتجاذبنا الأحاديث حول مواضيع شتى، وطلبتُ منها آتاياً فصوبته وقدمته لي، ثم غادرت إلى بيتها، وبعد أن انتهيت من شرب الآتاي، ذهبتُ إلى غرفتي وانهيت بعض الاشغال الخاصة عبر اللاب توب، حتى هجم عليَ الناس، فنمت والأمواج تغني لي بكل حب حتى غرقت في النوم.
__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..