مو أي رجال لايحبها، لكن الكثير من الرجال وخاصة في مجتمعاتنا يحبون أن تكون المرأة تحت سلطتهم وأن تطيع كلامهم وأن تسير وفق مايرونه صحيحاً، ويعتبرون المرأة التي تعارض كثيراً وترفض أو تستقل بذاتها أو تكشف عن مدى كبير من الاستقلالية عن زوجها هو نوع من الخروج عليه ونوع من عدم الاحترام أو التقدير لسلطته وشخصيته، حتى ولو كان الأمر يسيراً فإنه يحب أن تكون الزوجة تسمع له كثيراً، وهناك من هو متطرف في هذا الأمر وهناك من هو مقل، وكلُ حسب التنشئة والشخصية والمبادئ التي يراها.
بالنسبة لي أؤمن باتاحة مساحة كبيرة لزوجتي لأن أؤمن أن المساحة هذه من حقها أولاً وانعكاساتها ايجابية على أكثر من صعيد، المهم ألا تستغل هذه المساحة على حساب العائلة، لأن العائلة تأتي أولاً، وبالنسبة لطليقتي كنت أتمنها تكون مستقله لأهداف كثيرة، منها ألا تعتمد بكل شيء علي، وأن تعرف كيف تتصرف لو كنتُ بعيداً عنها، فمن الأشياء التي كانت تعتمد على الغير هو أن تطلبني أسأل عن سعر قطعة معينة أو بعض التفاصيل، وكنت أرفض ذلك وأطلب منها أن تسأل وتناقش وتتعود على ذلك، لأنه لايعجبني هذا السلوك ويبين عن شخصية لا تتحرك إلا بوجود شخص بجانبها، بينما ستواجها أحداث كثيرة وأصعب يتطلب منها الحديث والنقاش والتفاوض دون وجود شخص معها.

لا أود أن أتحدث عن ذلك لأني لا اريد أن تترسخ الفكرة بذهنك وتفسري أي تصرف مستقبلي من خلال ما أقوله، ولأني لا أعرف الرجل ولم اطلع على مواقف مختلفة، ولأنك مقبلة على حياة زوجية يجب أن تدخليها بروح التفاؤل والأمان وليس القلق والترقب، وبما أنكِ ترغبين في سماع ذلك، أقول أن بعض العوائل أو الطبقات الأعلى قد تتربى على نوع من الاحساس بالتميز والتفوق الذي يتيح لهم الحق عن بقية البشر خصوصاً في الدول التي تغيب فيها ثقافة حقوق الإنسان والمساوة، وبالتالي يشعر وينشأ هؤلاء الناس بأن لهم الحق بالوصاية والتدخل بالأخرين خصوصاً ممن هم أقل منهم طبقة أو ممن هم تحت سلطتهم، هذا بالإضافة إلى الطبيعة الشخصية للفرد بغض النظر كان غنياً أو فقيراً وميله لممارسة السلطة على من يشعر أنه دونه سواء كان طفلاً أو إمرأة ويعزز ذلك لو كان غنياً أو صاحب منصب أو صاحب جاه أو سلطة.

قد تجدين اختلافاً كبيراً ومن هنا أقول لك يجب أن تتعايشي وتطولي بالك، المساحة التي توفرت لك لم تتوفر حتى لمثيلاتك من ابناء بلدك بل من بلدان أخرى أكثر تفتحاً، وهي مساحة أعرف جيداً ماذا تتيح للمرأة وتعزز فيه روح الاستقلالية وتغرس فيه روح المبادرة وتنمي الاعتماد على الذات، وحينما يأتيها من يتدخل في شؤونها فإنها تضجر وتمل ولاتستيغ ولا تستوعب مايقال لها لأنه شيء جديد عليها وتراه غير معقول، حتى أولئكَ البنات اللائي يتربين مع أهلهن وبمساحة صغيرة من الاستقلالية حينما تنتقل لزوج يأمر وينهى فإنها تضجر فما بالك فيك التي لديها مساحة أوسع بكبير.

لذلك الحل في هذا الأمر يكمن في الوعي بكل التفاصيل المتمثلة في الثقافة السائدة لمفهوم الزوج والزوجة والأسرة، في شخصية الزوج وطبيعته، في التفهم للمرحلة الجديدة والتعايش معها وتقبلها تماماً، في خلق بيئة زوجية متزنة وسعيدة، في عدم الاستعجال برد الفعل أمام بعض المواقف التي قد لاتكون مقبولة لك، في النظر للنصف المليان من الكوب بمميزات الرجل التي تجعلك تتنازلي وتغفري بعض الأشياء، وهنا يكمن فن التعايش.


ربما يكون ذلك غيرة منه (وهذا أمر طبيعي جداً) ولازم تتفهميه، كثير من الرجال يشعرون بتلك الغيرة حينما يشاهدون زوجاتهم أو أخواتهم يتحدثون مع رجال أغراب حتى ولو كان الهدف عملياً وليس شيء آخر، ولا يستطعون التفريق بين هذا وذاك، وأعتبر هذا ليس مشكلاً كبيراً، وسوف يزول مع قادم الأيام حينما تعيشون مع بعض.
أيضاً بعض النساء قد تشتعل الغيرة ويزيد القهر لو شاهدوا رجلاً يطيل المكالمة مع إمرأة حتى ولو كان بسبب عملي، وهذا أيضاً مفهوم ولا يتطلب التحسس، المهم الحرص على عدم إثارة غيرة الطرف الآخر أو أشعاره بأن الدعوى فري عندك كما يفهم.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..