بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم هذه القصة لأم متسلطة أو معاندة أو قوية الشخصية ،
وفيها بيان واضح للزوجة المسيطرة
أو الأم المتسلطة، وماذا جنت في نهاية حياتها سوى المرارة
والنكد على أولادها، ولم تسلم من كلام الناس،
ولم تنل رضا الله تعالى و فشلت في إرضاء زوجها وإسعاد أولادها.
لعلها تسلية وتثبيت لمن لا تصبر على زوجها من ناحية أو على أم زوجها .
وهي قصة حقيقية حقا ووقعت مثلها تماما لصديق عزيز علي
وهذه الكلمات كتبتها أم متسلطة بنفسها أو زوجة قوية الشخصية تقول:
أروي لك قصتي عسي أن تستفيد بها بعض الأمهات اللاتي يحتجن إلى النصيحة,
فأنا سيدة تزوجت من محاسب عمل لفترة طويلة بالخارج..
وصاحبته في مقر عمله بضع سنوات في البداية,
ثم حين تقدم الأبناء في مراحل الدراسة استقر رأينا علي
أن أرجع بهم إلى مصر ليواصلوا دراستهم وأتفرغ لرعايتهم..
علي أن يأتي زوجي إلىنا كل ستة أشهر, ويقضي معنا شهر الإجازة الصيفية..
أو نذهب إلى نحن فيها..
واستقرت حياتنا علي هذا النحو..
وارتبطت خلال هذه الفترة بابني الاثنين ارتباطا شديدا
حيث أصبحت بمثابة الأب والأم والمرشد والصديق لهما,
ولأنني قوية الشخصية بطبعي فلقد فرضت عليهما سيطرتي الكاملة..
بحيث لا يخطوان خطوة دون استشارتي وقبولي..
وإذا غضبت علي أحد منهما أنزوي خجلا وراح يستعطفني
أن أسامحه وأعفو عنه, أما زوجي فكان قد استسلم لسيطرتي عليه منذ البداية..
وراح يستجيب لكل طلباتي المادية والعائلية..
ورحت أنا أنفق ببذخ علي نفسي وبيتي وأشتري أشياء
ربما لا أحتاج إلىها, لكني أتلذذ بعملية الشراء نفسها,
وأشعر بالفخر وأنا عائدة من الشارع محملة بأكياس الحقائب الجلدية والأحذية والملابس
والاكسسوارات, وتسعدني تعليقات الجارات والصديقات علي كثرة مشترياتي..
وواصل الابنان دراستهما إلى المرحلة الجامعية..
وتخرج الابن الأكبر.. وكالعادة أحب ابنة الجيران وأراد أن يتزوجها
وفاتحني في ذلك
فرفضتها علي الفور لأنها من أسرة عادية وليست ثرية,
ولم اقتنع بما قاله لي من أنه يحبها ولن يجد سعادته إلا معها, لأنني لا أعترف بالحب ولا أومن به.. وأؤمن فقط بأن الزواج لابد أن يكون متكافئا بين الطرفين في المال..
وحبذا لو كانت العروس أكثر ثراء لكي تشتري أثاثا فاخرا وتسهم بدخلها في نفقات الحياة..
ولم يقتنع ابني برأيي.. وصدمت لمخالفته لي لأول مرة..
لكني لم أستسلم للغضب حين ألح علي بالموافقة علي اختياره ومساعدته علي خطبة فتاته, وقررت أن أتبع معه طريقة أخري,
فأقنعت أباه بأن نسايره ونتظاهر بالموافقة علي اختياره,
ثم أقوم أنا بطريقتي الخاصة بتدمير هذه العلاقة وإنهائها..
وفعلنا ذلك وسعد ابني كثيرا بتغير موقفي
وصحبناه إلى بيت أسرة الفتاة لقراءة الفاتحة وتقديم الدبلة ـ وتظاهرت بالفرح والابتهاج بخطبة ابني.
ومن الأيام التالية علي الفور بدأت في التخطيط لإفشال هذه الخطبة.
. وكان سلاحي هو الاستعلاء والتكبر علي أسرة الفتاة,
وانتهاز كل فرصة لإشعارها بتكبري عليها وبالفارق الاجتماعي والمادي
بيننا وبينها.. وافتعال المشاكل معها.. ومحاولة الإيقاع بين ابني وفتاته,
لكنهما صمدا للعجب أمام كل هذه المحاولات
وازدادا تمسكا ببعضهما بعضا.. فلم أجد في النهاية من وسيلة لتشويهها
هي وأسرتها سوي الادعاء بأنهم طامعون في مالنا لأنهم فقراء.
ورحت أردد هذا الكلام في كل مكان لكي يصل إلى أسرة الفتاة..
وعاتبني بعض الأهل علي ذلك فلم أستجب لهم..
وواصلت حملتي علي أسرة الفتاة.. حتى حققت أغراضها وشعر والدها بجرح كرامته,
وتحدث إلى ابني أكثر من مرة.. وعاتبني ابني,
فأنكرت, ولم يتحمل والدها الإهانة فبادر هو بفسخ الخطبة
وحبس ابنته في البيت ومنع ابني من زيارتها أو الاتصال بها..
وشعرت أنا بالزهو والانتصار.. وتظاهرت بالأسف لفشل الخطبة,
ووعدت ابني بأن أرشح له من هي أفضل منها.. ولم يرق قلبي
له وأنا أراه حزينا مكتئبا ويشعر بالإهانة, وأنزوي ابني في
غرفته لا يغادرها إلا إلى العمل, وتوقف عن الكلام معي ومع أبيه..
ولم يعد يتحدث مع أحد سوي شقيقه الذي يصغره بعامين,
وبعد عدة شهور تزوجت الفتاة بإلحاح من أبويها من شاب مناسب
وانتقلت إلى مسكن الزوجية, وعلم ابني بذلك فازداد صمتا وانطواء
وبعدا عنا, وبعد شهور أخري فوجئنا به يجمع ملابسه وأشياءه الخاصة,
ويقول لنا إنه قد تعاقد للعمل في إحدى الدول العربية وسيسافر إلىها الليلة!
ودهشنا كيف لم يبلغنا بذلك من قبل, وسألناه عن عنوان عمله
ومسكنه في البلد العربي فأجاب باقتضاب بأنه لا يعرفهما بعد,
وأن مندوبا من الشركة سينتظره في المطار وينقله إلى استراحة الشركة.
. ثم يستقر بعد ذلك في مسكن.., إذن كيف نتصل بك.. ومتي ستتصل
بنا لتطمئننا عليك؟ فيجيب بأنه سيتصل بشقيقه ويبلغه بكل شيء..
وسافر وأنا في شدة الضيق والعصبية والغم..
فلقد خرج عن نطاقي نهائيا, وأصبح يفكر ويخطط ويتصرف وحده.
وانتظرت أن يتصل بنا بعد وصوله إلى مقر عمله.. فلم يتصل,
وعلمت أنه يتصل بشقيقه علي التليفون المحمول من حين لآخر,
ويطمئنه علي أخباره, لكنه لا يسأل عن أبيه وأمه خلال الاتصال,
ولا يعطي أخاه عنوانه أو رقم تليفونه لكيلا نعرفه منه..
ولكي يكون صادقا أقسم لنا أنه لا يعرفهما ومضت بنا الأيام.
. وجاء إلىوم الذي فاتحني فيه ابني الأصغر برغبته في الزواج..
ورحبت بذلك ووعدته بأن أختار له عروسا ممتازة له..
ولأنه قد تعلم من درس تجربة أخيه فلم يعارض وإنما استسلم لكل رغباتي ووافق علي الفتاة التي اخترتها له وقبل بكل ما أمليته عليه من خطوات وشروط.., وأبدي أهل الفتاة قدرا كبيرا من المرونة فلم يتمسكوا بشيء اعترضت عليه أو رفضته.. وكأنما قد خبروا قدرتي علي الهدم والتدمير فخشوا أن استخدمها معهم.
وتم زواج ابني الأصغر تحت إشرافي ووفقا لشروطي..
وابني يستجيب لكل ما أقرره طلبا للسلام,
وامتثلت زوجته لأوامري في كل شيء حتى مواعيد حضورها
مع ابني للزيارة كما أردتها.. ولأوامري لها بعدم زيارة أهلها إلا مرة واحدة
لبضع ساعات كل شهر, وبدا أن الجميع سعداء وراضون بسيطرتي وأوامري.
. لكني فوجئت بعد عدة شهور بابني الأصغر
يبلغني بأنه سيسافر بعد غد إلى البلد العربي الذي يعمل به شقيقه,
لأنه تعاقد للعمل بإحدى الشركات هناك بمساعدة أخيه,
وأنه سيقيم معه لفترة في البداية, ثم يتخذ لنفسه مسكنا مستقلا
ويستدعي زوجته بعد أن تضع حملها خلال أسابيع! يا ربي متي حدث كل ذلك؟
ولماذا لم تبلغني به في حينه, ولماذا أفاجأ دائما بنبأ رحيل ابني قبل موعد الطائرة بساعات؟ وبغير أن يجيب أدركت أنا أنه قد عمل بوصية شقيقه الأكبر له, بأن يتكتم نية السفر عني وعن أبيه لكيلا أعترض أو أثير له المشاكل أو أضيع عليه الفرصة, كما أضعت علي ابني الأكبر حلمه بالزواج من فتاته. وثرت ثورة هائلة وصببت جام غضبي علي رأس ابني وزوجته التي اتهمتها باللؤم والخبث وسوء الطوية والتخطيط لانتزاع ابني من أمامي, وانهلت باتهاماتي علي أهلها وأسرتها.. حتى زوجي لم ينج مني بالرغم من قسمه لي بأنه لم يعرف بالخبر إلا مني.
وتحمل الجميع ثورتي لكن زوجة ابني بكت طويلا وشعرت بالمهانة
وأقسمت ألا تدخل لي بيتا مرة ثانية, فلم أتوان عن طردها من البيت أمام زوجها, وسافر ابني وهو ممرور مني لإهانتي له ولزوجته ومنعتني كبريائي من أن أطلب منه أن يتصل بنا للاطمئنان عليه وابلاغنا برقم تليفونه.. وآثرت الاستعلاء علي إظهار أي ضعف أمومي تجاهه.
ومضت الأيام والأسابيع وهو لا يتصل بنا.. وتصورته وهو يروي لشقيقه
في الغربة ما فعلته معه..
ويشتركان معا في مهاجمتي وانتقادي
فامتلأت نفسي سخطا وغضبا, وقررت أن أتحدى الضعف
وأثبت للجميع أنني لم أخسر شيئا.. وإنما الخاسر هما ابناي.
. فنهرت زوجي حين اتهمني بتطفيش الابنين والقسوة عليهما حتى ابتعدا عنا.
. وطلبت منه ألا يعود للحديث في هذا الموضوع مرة أخري,
وبدأت أكثر من الخروج وحدي أو مع زوجي في زيارات عائلية واجتماعية
وإلى النادي.. وفرضت علي زوجي أن نسافر في رحلات سياحية إلى أجمل
الأماكن في مصر من شرم الشيخ إلى الغردقة إلى الأقصر وأسوان وأنفقت بجنون..
وغيرت سيارة زوجي التي أقودها نيابة عنه, وجددت أثاث الشقة واندمجت في شلة صديقات جدد بالنادي, وأصبحنا نقضي وقت الضحى والظهيرة معا ثلاث مرات أسبوعيا
بالنادي.. وبدوت أمام الجميع دائما سيدة قوية وميسورة الحال
وسعيدة بحياتها وزوجها ويعمل أبناؤها بالخارج,
وخلال ذلك ترامت إلى أنباء غريبة..
فلقد سمعت أن الفتاة التي كان ابني الأكبر يريد أن يتزوجها قد فشلت في حياتها الزوجية التي فرضت عليها وطلقت من زوجها ومعها طفلة في الرابعة من عمرها وليس في ذلك شئ عجيب فيحد ذاته..
أما العجيب حقا فهو أن ابني قد علم بوسيلة أو بأخرى بطلاقها,
فاتصل بأهلها وسأل عن موعد انتهاء العدة واتصل بالفتاة.. وفي الموعد المناسب جاء لمصر وتقدم لأهلها وحده دون أي فرد من عائلته وقبل به أهلها علي هذا النحو لسابق تجربتهم معي, وعقد قرانه عليها.. وعاد من حيث جاء, ولم يقض في مصر سوي48 ساعة, لم يتصل خلالها بنا ولم يزرنا.. وبعد أسبوعين سافرت إلىه فتاته القديمة مع طفلتها وبدأ حياتهما الزوجية التي تأخرت خمس سنوات بسببي!
وشعرت بغصة شديدة في حلقي ومرارة أشد في قلبي..
إلى هذا الحد نسي ابني الأكبر أمه وأباه..
وكره أن يراهما أو يتحدث إلىهما, وما ذنب أبيه وهو كما يعرف عنه مغلوب علي أمره
معي, ولم يرد له ما حدث, ألم يشعر بالشوق إلى أبيه بعد ثلاث سنوات من الغياب.
لقد علم والده بما جري بعد عدة أسابيع فحزن حزنا شديدا واشتدت
عليه وطأة المرض حتى لازم الفراش, ولم يعد قادرا علي مغادرته إلا إلى الحمام
وبصعوبة شديدة, ووجدت نفسي أقضي معظم
أوقاتي إلى جواره أرعاه وأحاول تعويضه عما جنيته عليه,
وفي هذه الفترة بدأت ولأول مرة في حياتي الاقتراب من الله,
فانتظمت في الصلاة ولم أكن أواظب عليها من قبل..
وبدأت أقرأ القرآن كل يوم لمدة نصف ساعة..
وأستمع إلى إذاعة القرآن الكريم التي لا يسمع زوجي سواها,
وكنت أضيق بها من قبل.. وبدأت أشياء كثيرة داخلي تتغير..
فندمت علي تكبري علي الآخرين وغروري واحتقاري للضعفاء والبسطاء,
وعلي بعدي عن الله في معظم سنوات عمري,
وأسفت أشد الأسف علي ما فعلت بأسرة فتاة ابني الأكبر
وادعاءاتي عليها وعلي ابنتها بالباطل,
وعلي تدبيري لإفشال خطبته لها وقسوتي علي ابني الأصغر وزوجته,
ونظرت في المرآة فوجدت الجمال الذي كنت أتيه خيلاء وغرورا به قد بدا يذبل,
والقوة التي اعتززت بها تتحول إلى ضعف ووحدة.
. وأيام وليال موحشة وكئيبة لا يزورنا خلالها أحد ولا يسأل عنا أحد
حتى أقرب الناس إلينا وهما ابناي.. إنني نادمة علي كل ما فعلت
وأريد أن يعرف ابناي ذلك وأن يتصلا بأبيهما المريض الذي يبكي كل يوم
وهو يتحدث عنهما ويتشوق إلى هما, ولن أفرض نفسي عليهما
إذا أرادا ألا يتكلما معي.. لأن المهم هو أن يتحدثا إلى
أبيهما ويعيدا إلى البسمة والأمل في الحياة..
فهل يفعلان وهل تكتب لهما كلمة تناشدهما فيها أن يفعلا
ويعفوا عما سلف ويفتحا معي ومع أبيهما صفحة جديدة خالية من المرارات؟
الحلم المتأخر جريدة الأهرام الجمعة 5/3/2004م
__________________
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)سورة الطلاق
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ الله عَنْه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
{ ما مَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعٌو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلاّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ }.[size=1]رواه مسلــم [/
size]،
أخوكم المحب الناصح همام hamam129
التعديل الأخير تم بواسطة hamam129 ; 06-02-2005 الساعة 08:47 PM