منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 27-03-2018, 09:53 AM
  #4
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، لكن ما الأولى بالنسبة لهذا الحاج الذي يعرف أن الإتيان إلى مكة يصعب عليه؟
الجواب: كما قلت لك يأتي بالعمرة بعد الحج؛ لأن هذا ضرورة.
لكن أليس الأولى أن يأتي مثلا متمتعا أو قارنا ليسلم من المحظور؟
الجواب: نعم هذا هو الأولى، لكن نحن فرضنا أنه أتى مفردا فيه.
فضيلة الشيخ، ما حكم الانتقال من نسك إلى نسك آخر؟
الجواب: الانتقال من نسك إلى نسك آخر تقدم في صفة القران، أنه من الممكن أن يحرم الإنسان أولا بعمرة، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، فيكون انتقل من العمرة إلى الجمع بينها وبين الحج، وكذلك يمكن أن ينتقل من الحج المفرد أو من القران، إلى عمرة ليصير متمتعا، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، من لم يكن منهم ساق الهدي، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قارنا، وكان قد ساق الهدي، وساقه معه أغنياء الصحابة رضي الله عنهم، فلما طاف وسعى، أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، فانتقلوا من الحج المفرد أو المقرون بالعمرة إلى أن يجعلوا ذلك عمرة، ولكن هذا مشروط بما إذا تحول من حج أو قران إلى عمرة ليصير متمتعا، أما من تحول من قران أو إفراد إلى عمرة، ليتخلص من الإحرام ويرجع إلى أهله، فإن ذلك لا يجوز.
فضيلة الشيخ، هل يجوز أن يتحول من التمتع إلى الإفراد؟
الجواب: من التمتع إلى الإفراد لا يجوز ولا يمكن، وإنما يجوز أن يتحول من الإفراد إلى التمتع، بمعنى أن يكون محرما بالحج مفردا، ثم بعد ذلك يحول إحرامه بالحج إلى عمرة؛ ليصير متمتعا، وكذلك القارن يجوز أن يحول نيته من القران إلى العمرة، ليصير متمتعا، إلا من ساق الهدي في الصورتين: فإنه لا يجوز له ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين معه أن يجعلوا إحرامهم بالحج المفرد أو المقرون بالعمرة، أن يجعلوه عمرة، ليصيروا متمتعين، إلا من ساق الهدي.
فضيلة الشيخ، لو تحدثنا أيضا عن النيابة الكلية في الحج من حيث الأحكام والضوابط؟
الجواب: النيابة في الحج إن كان الإنسان قادرا، فإنها غير مشروعة، أما في الفريضة، فإنه لا يجوز أن يستنيب الإنسان أحدا عنه، يؤدي الحج أو العمرة فريضة؛ لأن الفريضة تطلب من الإنسان نفسه أن يؤديها بنفسه.
فإن كان عاجزا عن أداء الفريضة:
فإما أن يكون عجزه طارئا يرجى زواله، فهذا ينتظر حتى يزول عجزه، ثم يؤدي الفريضة بنفسه؛ مثل أن يكون في أشهر الحج مريضا مرضا طارئا يرجى زواله، وهو لم يؤد الفريضة، فإننا نقول له: انتظر حتى يعافيك الله وحج، إن أمكنك في هذه السنة فذاك، وإلا ففي السنوات القادمة.
أما إذا كان عجزه عن الحج عجزا لا يرجى زواله؛ كالكبير والمريض مرضا لا يرجى زواله، فإنه يقيم من يحج ويعتمر عنه، ودليل ذلك: حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وسلم: فقالت: إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج، شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) (تقدم تخريجه) .
فهذا حكم النيابة في الفرض، أنه إن كان المستنيب قادرا، فإن ذلك لا يصح، وإن كان عاجز عجزا لا يرجى زواله، فإن ذلك يصح، وإن كان الإنسان عاجزا عجزا طارئا يرجى زواله، فإنه لا يصح أن يستنيب أحدا، ولينتظر حتى يعافيه الله، ويؤدي ذلك بنفسه.
أما في النافلة: فإن كان عاجز عجزا لا يرجى زواله، فقد يقول قائل: إنه يصح أن يستنيب من يحج عنه النافلة، قياسا على استنابة من عليه الفريضة، وقد يقول قائل: أنه لا يصح القياس هنا؛ لأن الاستنابة في الفريضة استنابة في أمر واجب لابد منه بخلاف النافلة؛ فإن النافلة لا تلزم الإنسان، فيقال: إن قدر عليها، فعلها بنفسه، وإن لم يقدر عليها، فلا يستنيب أحدا فيها.
أما إذا كان قادراً على أن يؤدي الحج بنفسه، فإنه لا يصح أن يستنيب غيره في الحج عنه، على إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهي عندي أقرب؛ لأن الحج عبادة يتعبد بها الإنسان لربه، فلا يليق أن يقول لأحد: اذهب فتعبد لله عني، بل نقول: أدها أنت بنفسك؛ لأنه ليس لديك مانع حتى تستنيب من يؤدي هذه النافلة عنك، هذه الاستنابة في الحج على وجه الكمال، يعني بمعنى: أنه يصير في كل حج.
فضيلة الشيخ، ما هي شروط النائب في الحج؟
الجواب: النائب يشترط أن يكون قد أدى الفريضة عن نفسه إن كان قد لزمه الحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: ((من شبرمة؟)) يقوله النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: أخ لي، أو قريب لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حججت عن نفسك؟)) قال لا، قال: ((حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة)) (ابوداود وابن ماجة) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ابدأ بنفسك)) ، ولأنه ليس من النظر الصحيح أن يؤدي الإنسان الحج عن غيره مع وجوبه عليه، قال أهل العلم: ولو حج عن غيره مع وجوب الحج عليه، فإن الحج يقع عن نفسه، أي: عن نفس النائب، ويرد للمستنيب ما أخذه منه من الدراهم والنفقة.
أما بقية الشروط فمعروفة، وقد تكلمنا عليها من قبل؛ مثل: الإسلام، والعقل، والتمييز، وهي شروط واجبة في كل عبادة.
فضيلة الشيخ، ما حكم من أخذ نقودا ليحج عن غيره، وليس في نيته إلا جمع الدراهم؟
الجواب: يقول العلماء: إن الإنسان إذا حج للدنيا لأخذ الدراهم، فإن هذا حرام عليه، ولا يحل له أن ينوى بعمل الآخرة شيئا من الدنيا؛ لقوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ) (15) (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (هود: 15، 16) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من حج ليأخذ، فليس له في الآخرة من خلاق، وأما إذا أخذ ليحج، أو ليستعين به على الحج، فإن ذلك لا بأس به، ولا حرج عليه، وهنا يجب على الإنسان أن يحذر من أن يأخذ الدراهم للغرض الأول، فإنه يخشى ألا يقبل منه وألا يجزئ الحج عمن أخذه عنه، وحينئذ يلزمه أن يعيد النفقة والدراهم إلى صاحبها، إذا قلنا بأن الحج لم يصح ولم يقع عن المستنيب، ولكن يأخذ الإنسان الدراهم والنفقة ليحج بها عن غيره، ليستعين بها على الحج، ويجعل نيته في ذلك أن يقضي غرض صاحبه، وأن يتقرب إلى الله تعالى بما يتعبد به في المشاعر، وعند بيت الله.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس