منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-03-2018, 10:49 AM
  #5
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث


فضيلة الشيخ، إذا أمن هذا، هل يمكن أن يقع ثواب بعض الأعمال للنائب؟
الجواب: نعم؛ لأن النائب لا يلزمه إلا أن يقوم بالأركان، والواجبات، وكذلك المستحبات بالنسبة للنسك، وأما ما يحصل من ذكر، ودعاء، فما كان متعلقا بالنسك، فإنه لصاحب النسك ((للمستنيب)) وما كان خارجا عن ذلك، فإنه لصاحبه ((النائب)) .
فضيلة الشيخ، حبذا لو حدثتمونا فضيلتكم عن النيابة الجزئية في الحج؟
الجواب: النيابة الجزئية في الحج معناها: أن يوكل الإنسان عنه من يقوم ببعض أفعال الحج، مثل أن يوكل من يطوف عنه، أو يسعى عنه، أو يقف عنه، أو يبيت عنه، أو يرمي عنه، أو ما أشبه ذلك من جزئيات الحج، والراجح: أنه لا يجوز للإنسان أن يستنيب من يقوم عنه بشيء من أجزاء الحج أو العمرة، سواء كان ذلك فرضا أو نفلا؛ وذلك لأن من خصائص الحج والعمرة، أن الإنسان إذا أحرم بهما صار فرضا ولو كان ذلك نفلا، أي: لو كان الحج أو العمرة نفلا؛ لقوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ) (البقرة: 197) .
وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج، أي قبل قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران: 97) ، وهذا يدل على أن تلبس الإنسان بالحج أو العمرة يجعله فرضا عليه.
وكذلك يدل على أنه فرض إذا شرع فيه؛ قوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: 29) ، وهذا يدل على أن الشروع في الحج يجعله كالمنذور، وبناء على ذلك: فإنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً في شيء من جزئيات الحج ولا أعلم في السنة أن الاستنابة في شيء من أجزاء الحج قد وقعت إلا فيما يروى من كون الصحابة رضي الله عنهم يرمون عن الصبيان، ويدل لهذا أن أم سلمة رضي الله عنها لما أرادت الخروج قالت: يا رسول الله، إني أريد الخروج وأجدني شاكية، فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) (البخاري ومسلم) ، وهذا يدل على أنه لا يجوز التوكيل في جزئيات الحج.
فضيلة الشيخ، ذكرتم أن التوكيل في الجزئية يكون مثلا في الطواف أو الرمي أو الوقوف أو ما أشبه ذلك، فهل إذا جاز التوكيل في الرمي مثلا يقاس عليه بقية أجزاء الحج؟
الجواب: لا، نحن قلنا هذا تمثيل على التوكيل في الجزئية، وليس حكما بأن ذلك مباح؛ ولهذا قلنا: لا نعلم في السنة أنه ورد التوكيل في شيء من الجزئيات، أو أن أحدا يقوم عن أحد إلا في الرمي، وقلنا: إن الإنسان إذا تلبس في الحج أو العمرة، صار فرضا عليه يلزمه هو بنفسه؛ وعلى هذا فلا يجوز التوكيل في أي شيء من أجزاء الحج أو العمرة فرضا كانت أم نفلا، إلا في الرمي؛ لوروده في حق الصغار، وكذلك من لم يستطيع الرمي بنفسه من الكبار.
فضيلة الشيخ، لكن إذا جاز التوكيل في الرمي، هل هناك شروط للنائب والمنيب؟
الجواب: نعم، أما المنيب فيشترط ألا يستطيع الرمي بنفسه لا ليلا ولا نهارا، وأما النائب، فقال الفقهاء رحمهم الله: أنه لابد أن يكون ممن حج تلك السنة، وأن يكون قد رمى عن نفسه.
فضيلة الشيخ، إذا عجز الحاج عن إكمال النسك فماذا يصنع؟
الجواب: إذا عجز الحاج عن إتمام النسك، فلا يخلو من حالين:
إما أن يكون عجزه بصد عدو صده عن البيت؛ كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم حين صده المشركون عام الحديبية، ففي هذه الحال: يحلق بعد أن ينحر هديه ويحل من إحرامه؛ لقول الله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (البقرة: 196) ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عام الحديبية أن يحلقوا، ولما تأخروا رجاء أن ينسخ الحكم، أو لسبب آخر غلب عليه الصلاة والسلام في ذلك، حتى أشارت عليه إحدى أمهات المؤمنين أن يخرج إليهم فيحلق رأسه، ففعل، وحينئذ تتابع الناس على حلق رؤوسهم، والإحلال من إحرامهم، وفي هذه الحال، لا يلزمه أن يقضي ما أحصر عنه، إلا إذا كان لم يؤد الفريضة، فإنه يلزمه أداء الفريضة بالأمر الأول، لا قضاء عما أحصر فيه، هذا إذا كان الحصر بعدو.
أما إذا كان الحصر بغير عدو، كما لو أحصر بذهاب نفقة أو بمرض أشتد به، فإنه في هذه الحال يحل من إحرامه، بعد أن ينحر هديا ويحلق، إما قياسا على حصر العدو، وإما إدخالا له في العموم، وهو قوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (البقرة: من 196) ، فإن هذا الإحصار شامل، وكون الإحصار بالعدو هو الذي وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، لا يمنع أن تتناول الآية غيره.
على كل حال: إذا حصر بغير عدو، من مرض، أو ذهاب نفقة، أو ما أشبه ذلك، فالقول الراجح: أنه يحل بهذا الإحصار، بعد أن ينحر هديه ويحلق رأسه، ويلزمه القضاء، أي: قضاء ما أحصر فيه إلا إذا كان واجبا بأصل الشرع، مثل أن يكون لم يؤد الفريضة من قبل، فيلزمه فعل الفريضة بالخطاب الأول، أي: بالأمر الأول، لا من حيث إنه قضاء.
هذا إذا لم يكن اشترط في ابتداء إحرامه، أنه ((إن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني)) ، فإن كان قد اشترط في بداية إحرامه أنه ((إن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني)) ، فإنه يحل من إحرامه مجاناً ولا شيء عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير، وقد أرادت الحج وهي شاكية: ((حجي واشترطي، وقولي: اللهم، محلي حيث حبستني)) (البخاري ومسلم) .
فضيلة الشيخ، هذا ما يتعلق بالحاج إذا عجز عن النسك، لكن لو توفي الحاج أثناء تلبسه بالنسك ما الحكم؟
الجواب: إذا توفي الحاج أثناء تلبسه بالنسك، فإن من أهل العلم من يقول: إذا كان حجه فريضة، فإنه يقضى عنه ما بقي، ومنهم من يقول: إنه لا يقضى عنه ما بقي، وهذا القول هو القول الراجح؛ ودليله حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)) (البخاري ومسلم) ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضي أحد عنه ما بقي من نسكه، ولأننا لو قضينا ما بقي من نسكه، لكان هذا النائب الذي قام مقامه يحل من إحرامه، وحينئذ لا يبعث الرجل يوم القيامة ملبياً؛ لأن نائبه قد حل من الإحرام الذي تلبس به بدلاً عنه، وعلى كل حال: فالقول الراجح بلا شك: أن الإنسان إذا مات أثناء تلبسه بالنسك، فإنه لا يقضى عنه، سواء كان ذلك فريضة أم نافلة.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس