منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-2018, 10:05 AM
  #199
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، نود أيضا أن نعرف الأخطاء التي تكون في منى، وفي المبيت فيه؟
الجواب: من الأخطاء التي تكون في الذهاب إلى منى: ما سبق ذكره من الخطأ في التلبية؛ حيث إن بعض الناس لا يجهر بالتلبية مع مشروعية الجهر بها، فتمر بك أفواج الحجاج، ولا تكاد تسمع واحداً يلبي، وهذا خلاف السنة، وخلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فالسنة للإنسان في التلبية أن يجهر بها، وأن يرفع صوته بذلك، ما لم يشق عليه، وليعلم أنه لا يسمعه شيء من حجر أو مدر، إلا شهد له يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى.
ومن ذلك أيضا: أن بعض الحجاج يذهب رأسا إلى عرفة ولا يبيت في منى، وهذا وإن كان جائزاً ـ لأن المبيت في منى قبل يوم عرفة ليس بواجب ـ لكن الأفضل للإنسان أن يتبع السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث ينزل في منى من ضحى اليوم الثامن، إلى أن تطلع الشمس من اليوم التاسع؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) .
لكنه لو تقدم إلى عرفة، ولم يبت في منى ليلة التاسع، فلا حرج عليه؛ لحديث عروة بن المضرس أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر بعد العيد في مزدلفة، وقال: يا رسول الله، أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، فلم أر جبلا إلا وقفت عنده ـ يعني: فهل لي من حج؟ ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا، فقد تم حجه، وقضى تفثه)) . ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم المبيت في منى ليلة التاسع، وهذا يدل على أنه ليس بواجب.
ومن الأخطاء في بقاء الناس في منى في اليوم الثامن: أن بعض الناس يقصر ويجمع في منى، فيجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وهذا خلاف السنة؛ فإن المشروع للناس في منى أن يقصروا الصلاة بدون جمع، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان الجمع جائزا؛ لأنه في سفر، والمسافر يجوز له الجمع حالا وسائرا، لكن الأفضل لمن كان حالا ونازلا من المسافرين، الأفضل ألا يجمع إلا لسبب، ولا سبب يقتضي الجمع في منى، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يجمع في منى ولكن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين في وقتها، والمغرب ثلاثا في وقتها، والعشاء ركعتين في وقتها، والفجر في وقتها.
هذا ما يحضرني الآن فيما يكون من الأخطاء في الذهاب إلى منى والمكث فيها في اليوم الثامن.
فضيلة الشيخ، بالنسبة للأخطاء التي يمكن أن يقع فيها بعض الحجاج في الخروج إلى عرفة، والوقوف بها؟
الجواب: من الأخطاء في الذهاب إلى عرفة: أن الحجاج يمرون بك ولا تسمعهم يلبون، فلا يجهرون بالتلبية في مسيرهم من منى إلى عرفة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة في يوم العيد (البخاري) .
ومن الأخطاء العظيمة الخطيرة في الوقوف بعرفة: أن بعض الحجاج ينزلون قبل أن يصلوا إلى عرفة، ويبقون في منزلهم حتى تزول الشمس، ويمكثون هناك إلى أن تغرب الشمس، ثم ينطلقون منه إلى مزدلفة، وهؤلاء الذين وقفوا هذا الموقف ليس لهم حج؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((الحج عرفة)) (صححه الألباني) . فمن لم يقف في عرفة في المكان الذي هو منها، وفي الزمان الذي عين للوقوف بها، فإن حجه لا يصح، للحديث الذي أشرنا إليه.
وهذا أمر خطير، والحكومة السعودية - وفقها الله عز وجل - قد جعلت علامات واضحة لحدود عرفة لا تخفى إلا على رجل مفرّط متهاون، فالواجب على كل حاج أن يتفقد الحدود حتى يعلم أنه وقف في عرفة لا خارجها.
ومن الأخطاء في الوقوف بعرفة: أن بعض الناس إذا اشتغلوا بالدعاء في آخر النهار، تجدهم يتجهون إلى الجبل الذي وقف عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن القبلة تكون خلف ظهورهم أو عن أيمانهم أو عن شمائلهم، وهذا أيضا جهل وخطأ؛ فإن المشروع في الدعاء يوم عرفة أن يكون الإنسان مستقبل القبلة، سواء كان الجبل أمامه أو خلفه، أو عن يمينه أو عن شماله، وإنما استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الجبل، لأن موقفه كان خلف الجبل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، وإذا كان الجبل بينه وبين القبلة، فبالضرورة سيكون مستقبلا له.
ومن الأخطاء التي يرتكبها الحجاج في يوم عرفة: أن بعضهم يظن أنه لابد أن يذهب الإنسان إلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم الذي عند الجبل ليقف هناك، فتجدهم يتجشمون المصاعب، ويركبون المشاق، حتى يصلوا إلى ذلك المكان، وربما يكونون مشاة جاهلين بالطرق؛ فيعطشون ويجوعون إذا لم يجدوا ماء وطعاما، ويضلون ويتيهون في الأرض، ويحصل عليهم ضرر عظيم بسبب هذا الظن الخاطئ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف)) ، وكأنه صلى الله عليه وسلم يشير إلى أنه ينبغي للإنسان أن لا يتكلف ليقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم، بل يفعل ما يتيسر له؛ فإن عرفة كلها موقف.
ومن الأخطاء أيضا حال الوقوف بعرفة: أن بعض الناس يعتقدون أن الأشجار في عرفة كالأشجار في منى ومزدلفة، أي: أنه لا يجوز للإنسان أن يقطع منها ورقة أو غصنا أو ما أشبه ذلك؛ لأنهم يظنون أن قطع الشجر له تعلق بالإحرام كالصيد، وهذا ظن خطأ؛ فإن قطع الشجر لا علاقة له بالإحرام، وإنما علاقته بالمكان، فما كان داخل حدود الحرم، أي: داخل الأميال من الأشجار، فهو محترم، لا يعضد ولا يقطع منه ورق ولا أغصان، وما كان خارجا عن حدود الحرم، فإنه لا بأس بقطعه، ولو كان الإنسان محرما.
وعلى هذا: فقطع الأشجار في عرفة لا بأس به، ونعنى بالأشجار هنا الأشجار التي حصلت بغير فعل الحكومة، وأما الأشجار التي حصلت بفعل الحكومة، فإنه لا يجوز قطعها، لا لأنها محترمة احترام الشجر في داخل الحرم، ولكن لأنه اعتداء على حق الحكومة وعلى حق الحجاج أيضا؛ لأن الحكومة ـ وفقها الله ـ غرست أشجارا في عرفة؛ لتلطيف الجو، وليستظل بها الناس من حر الشمس، فالاعتداء عليها اعتداء على حق الحكومة وعلى حق المسلمين عموما.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس