برأيي أنك تسيرين في الطريق الصحيح، قلبك كبير، وتعاملك رائع.
صبرك لن يضيع سدى، سينفعك مع زوجك، وسينفعك مع ربك، يكفيك أن الله تعالى يقول: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) هل تدرين معنى (بغير حساب) أي: يصب عليهم الأجر بدون حساب، وفضل الله واسع، صحيح أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف، لكن الصبر أكثر من ذلك، فأبشري وأمّلي خيرا، ولا تخافي من المستقبل، يخبئ الله في المستقبل الخير، وزوجة رائعة مثلك، ستنجب رجالا رائعين، قد يخطئ أبوهم في حقهم إن لم تتحسن حالته، لكنه في المقابل لن يكون خطؤه إلا نادرا، وسيربيهم تربية صالحة، وأنت كذلك، لو غضب عليهم فعلا، وأرجو ألا يكون كذلك فسيكونون أقوياء يعرفون يتعاملون مع كل الأمور، أقول هذا تفاؤلا، لا سيما وأن زوجك رجل صالح في أصله.

قريبتي امرأة كبيرة الآن ربما قاربت السبعين، كان زوجها أشد غضبا من زوجك، وكان يضربها، ويؤذيها، ولم تكن تشتكي لأمها، كانت تشتكي لأمي رحمها الله فقط، وأبوها متوفى، وأمها كبيرة ليس بيدها حل ولا ربط، وأقاربها ليسوا قريبين منها، وليس لها إلا أخ صغير.
مرة ضربها زوجها برجله، فقالت له على الفور: الله يكسرها، هكذا دون شعور، وبعد فترة ربما شهر أو نحوه انكسرت رجله، فقال لها: أنت السبب! لماذا دعوت علي!
المهم أنها بعد معاناة طويلة مع هذا الرجل الذي لم يكن صالحا في نفسه ولا مع أهله، أنجبت عددا من الأبناء، وكل واحد منهم خير من الآخر، نجحوا في دراستهم، وتفوقوا، وتبوؤوا مناصب، فعوضها الله بصلاح أبنائها.
قبل سنوات قليلة توفي زوجها، وأذكر أحد أبنائه عندما جئت أعزيه، يقول: حللوا أبي.
لأنه يخشى أن أباه قد اعتدى على أحد بكلمة أو خطأ أو نحوه.
المهم: أن المستقبل أمره بيد الله سبحانه.

لا أدعوك لإهمال نفسك وحقك، بل خذي حقك إن رأيت أنه الأنسب لك، ولكني أشيد بمواقفك معه، كما اشيد بتراجعه عن الخطأ، فإن كثيرا من الأزواج يخطئ على زوجته ويعلم أنه مخطئ، لكنه يكابر ويعاند.
وأنت إذا رأيت زوجك لم يعتذر، فاعلمي أنه في مرحلة المكابرة، وفي قرارة نفسه ندم داخلي.
إذا لم تتطور الحالة فحسنات زوجك أكثر من سيئاته، هو يحتاج لمن يأخذ بيده نحو بر الأمان فكوني له عونا، واحمدي ربك أنه ليست له علاقات نسائية، أو يقع في محرمات، وأنت ترين في هذا المنتدى شكاوى من هذا الجانب، تعتبر أسوأ من شكواك، فالحمد لله رب العالمين.

قد يحتاج زوجك فعلا لتدخل طبيب معالج، لكن هذا الأمر ليس سهلا على زوجك، ولو طرحتيه عليه لا تدرين عن ردة فعله، لكن إن قدرت على إيصال هذه الفكرة في وقت مناسب له، فهذا جيد، وأخبريه أن هدفك مصحلته هو قبل كل شيء، ومصلحته أبنائه في المستقبل، وكذلك مصلحتك أنت.
تأملي كيف فعل تدخل قريبتك منك، ماذا لو علم أهلك وهم لا يرضون لابنتهم الضيم، فلا تدخليهم في الموضوع ما دمت تجدين حلا، وما دمت قادرة على الصبر.
وإن عادت قريبتك لتخبيبك فاشكريها على حرصها واطلبي منها عدم ذكر ذلك مستقبلا، وأيضا أخبريها أن هذا الموقف كانت له إيجابية أن زوجك حفظ معروفك وصار يحاول التعويض عن خطئة.
ما ذكرته هنا إشادة بمواقفك السابقة، وفي حال تطور الوضع، قد يختلف الرد، وقد يكون من الحكمة حل المشكلة بطرق أخرى.

وفقك الله وسددك وأصلح حالك مع زوجك، وأصلح لك زوجك وذريتك.

__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا

مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.

مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.