....الجزء الثاني ....
والخامس : أن صلتي بأهل المرأة لم يجاوز إلى الآن ، بعد ثمن قرن من
الزمان ، الصلة الرسمية : الود والاحترام المتبادل ، وزيارة الغب ،
ولم أجد من أهلها ما يجد الأزواج من الأحماء من التدخل في شؤونهم ،
وفرض الرأي عليهم ، ولقد كنا نرضى ونسخط كما يرضى كل زوجين ويسخطان ،
فما دخل أحد منهم يوما في رضانا ولا سخطنا .
ولقد نظرت إلى اليوم في ألكثر من قضايا ألخلاف ألزوجي ، وصارت لي خبرة
أستطيع أن أؤكد القول معها بأنه لو ترك الزوجان المختلفان ، ولم يدخل
بينهما أحد من الأهل ولا من أولاد الحلال ، لانتهت بالمصالحة ثلاثة
أرباع قضايا الزواج.
والسادس : أننا لم نجعل بداية أيامنا عسلا ، كما يصنع أكثر الأزواج ،
ثم يكون باقي العمر حنظلا مرا وسما زعافا ، بل أريتها من أول يوم أسوأ
ما عندي ، حتى إذا قبلت مضطرة به ، وصبرت محتسبة عليه ، عدت أريها من
حسن خلقي ، فصرنا كلما زادت حياتنا الزوجية يوما زادت سعادتنا
قيراطاوهكذا حتي وصلنا الي هذا العمر من زواجنا ونحن نكاد نصل الي
المثاليه الزوجيه فيما بيننامن سعاده حاضره ووله عند الغياب .
والسابع : أني لا أكتمها أمراً ولا تكتمني ، ولا أكذب عليها ولا
تكذبني ، أخبرها بحقيقة وضعي المالي ، وآخذها إلى كل مكان أذهب إليه
أو أخبرها به ، وتخبرني بكل مكان تذهب هي إليه ، وتعود أولادنا الصدق
والصراحة ، واستنكار الكذب والاشمئزاز منه . ولست والله أطلب من
الإخلاص والعقل والتدبير أكثر مما أجده عندها . فهي من النساء
السعوديات اللائى يعشن للبيت لا لأنفسهن . للرجل والأولاد ، تجوع
لنأكل نحن ، وتسهر لننام ، وتتعب لنستريح ، وتفني لنبقي . هي أول أهل
الدار قياماً ، وأخرهم مناماً ، لا تني تنظف وتخيط وتسعى وتدبر ، همها
إراحتي وإسعادي . إن كنت أكتب ، أو كنت نائماً أسكتت الأولاد ، وسكنت
الدار ، وأبعدت عنى كل منغص أو مزعج .
تحب من أحب ، وتعادى من أعادى . إن حرص النساء على رضا الناس كان
حرصها على إرضائي . وإن كان مناهن حلية أو كسوة فإن أكبر مناها أن
تكون لنا دار نملكها نستغني بها عن بيوت الكراء.
تحب أهلي ، ولا تفتأ تنقل إلى كل خير عنهم . إن قصرت في بر أحد منهم
دفعتني ، وإن نسيت ذكرتني ، حتى أني لأشتهي يوماً أن يكون بينها وبين
أختي خلاف كالذي يكون في بيوت الناس ، أتسلى به ، فلا أجد إلا الود
والحب ، والإخلاص من الثنتين ، والوفاء من الجانبين . إنها النموذج
الكامل للمرأةألسعوديه (وألايمانيه في التعامل والسلوك) ، التي لا
تعرف في دنياها إلا زوجها وبيتها ،والتي يزهد بعض الشباب فيها ،
فيذهبون إلى أوربا أو أميركا ليجيئوا بالعلم فلا يجيئون إلا بورقة في
اليد وامرأة تحت الإبط ، إمرأة يحملونها يقطعون بها نصف محيط الأرض أو
ثلثه أو ربعه ، ثم لا يكون لها من الجمال ولا من الشرف ولا من الإخلاص
ما يجعلها تصلح خادمة للمرأة الشرقية ؛ ولكنه فساد الأذواق ،وفقد
العقول ، واستشعار الصغار ،وتقليد الضعيف للقوى . يحسب أحدهم أنه إن
تزوج امرأة شقراء ، وأى امرأة ؟ من نساء الشاشات ، فقد صاهرالملوك ،
وملك ناطحات السحاب ، وصارت له القنبلة الذرية ، ونقش اسمه على تمثال الحرية . .
إن نساءنا خير نساء الأرض ، وأوفاهن لزوج ،وأحناهن على ولد ، وأشرفهن
نفسا ، وأطهرهن ذيلا ، وأكثرهن طاعة وامتثالا وقبولا لكل نصح نافع
وتوجيه سديد . وإني ما ذكرت بعض الحق من مزايا زوجتي إلا لأضرب المثل
من نفسي على السعادة التي يلقاها زوج المرأة العربية (وكدت أقول
السعوديه) المسلمة ، لعل الله يلهم أحدا من عزاب القراء العزم على
الزواج فيكون الله قد هدى بي ، بعد أن هداني !
من المؤلم....أن تحب بصدق....و تخلص بصدق....و تغفر بصدق
ثم تصدم بنهاية تخذل كل الصدق الذي قدمته
ومن العذاب..أن تكتب لمن لا يقرأ لك..وأن تنتظر من لا يأتي لك..وأن
تحب من لا يشعر بك..وأن تحتاج من لا يحتاج إليك
\" ثم تكتشف أن أجمل العمر كان سرابا\"
تحياتي .. أمين ..