منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - المرأة والحقوق المهضومة -1
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-06-2005, 11:11 AM
  #2
قيثارة الحب
عضو نشيط جدا
 الصورة الرمزية قيثارة الحب
تاريخ التسجيل: Mar 2005
المشاركات: 690
قيثارة الحب غير متصل  
** الثالث: العناد

فمن الآباء من يعاند ويكابر لا لسبب مقنع أو مُرض إلا ليستبد برأيه، حتى لا يقال إن فلانة تزوجت بفلان وقد عارض الأب في بداية الأمر ثم ضغط عليه فوافق، ومنهم من يبغض فلاناً من الناس، فمن أجل ذلك لا يمكن أن يزوج ابنته من ولده، فأقول: نعم قد تكون تلك الأسرة سيئة السيرة فهذه لا يرغب في مصاهرتها عاقل، أما إذا كان الشاب مستقيماً ومتمسكاً بتعاليم دينه، وحسنة أخلاقه، وطيبة سيرته، فخسارة أن يفرط في مثله، بل الواجب عليك أن تسعى أنت أيها الأب لتزويجه من ابنتك، وتحرص على الوفاق والوئام بين الأسرتين حتى يتم هذا الزواج، واترك عنك وساوس الشيطان وأوهامه، واترك عنك الجهل ولعب الرجال بك، واختر لابنتك الرجل الكفء الذي تعيش معه سعيدة فرحة مستبشرة، وكلما رأتك تذكرت رحمتك لها واختيارك الزوج الصالح لها، فلا تكاد تراها إلا وهي داعية لك بالرحمة والمغفرة. واحرص من عكس ذلك.

** الميراث

لقد كانت المرأة في العصور الجاهلية القديمة تعد من سقط المتاع، بل هي من الميراث، فلا ميراث لها عند أولئك الكفرة الفجرة، أولئك الجهلة الظلمة، إلى أن جاء النور المحمدي الشريف من لدن رب العزة والجلال، فرفعت المرأة رأسها، وأشرفت على الناس أجمعين، شامخة أبية، فقد أنصفها الدين الإسلامي وجعلها مساوية للرجل، إلا فيما فضل الشارع الرجل عن المرأة، كالقوامة، وجعل الطلاق بيد الرجل، وجعل شهادة رجل واحد بشهادة امرأتين، ودية المرأة نصف دية الرجل، وهكذا نرى أن الإسلام حفظ للمرأة مكانتها، وصان عرضها وعفافها، فأعطيت جميع الحقوق، ومن ذلك الميراث، قال تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "، فالمرأة في الميراث تأخذ نصف ميراث الرجل، لأن الرجل هو المسؤول عن الإنفاق، وهو المكلف بجلب المهر للمرأة، أما المرأة فلا نفقة عليها للزوج، ولا مهر عليها، لذا كان نصيبها من الميراث نصف ما للرجل، وهذه حكمة عظيمة بالغة من لدن حكيم خبير، والمصيبة العظمى، والطامة التي لا مثيل لها عندما نجد بعض المسلمين ممن ينتسبون إلى هذا الدين، وهم يغالطون أنفسهم ببعدهم عن خالقهم، وتركهم لسنة نبيهم، وذلك بهضم حقوق المرأة في الميراث، وعدم إعطائها أياً من حقوقها جهلاً بحقوق المرأة التي حفظها الإسلام، وتساهلاً بأوامر الدين، التي أمر بها الشارع الكريم، فالمرأة لها من الميراث ما قضى به الشارع الكريم، فإما أن تكون بنتاً، أو أماً أو أختاً أو زوجة أو غير ذلك، فلكل واحدة نصيبها من الميراث وفق الشرع المطهر، ويحرم هضم حقوق المرأة من الميراث، أو كتابة الوصية للذكور دون الإناث، ويحرم إعطاء البنات جزءاً من أرض، وتخصيص الذكور بالأجزاء الكبيرة من الميراث، ولا ينبغي إشراك بعض البنات مع بعض إخوانهن لما في ذلك من ظلم وهضم لحقوقهن، بل الصواب في ذلك أنه لا وصية لوارث، كما صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإعطاء المرأة حقها من الميراث وفق الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة، والحذر كل الحذر من ظلم الإناث، أو أكل حقوقهن، أو عضلهن، أو منعهن من الميراث، فكل ذلك حرام، لم تحله الشريعة الإسلامية، بل أبطلت مثل تلك العادات الجاهلية القديمة، وعلى الولي والأب أن يتق الله في نفسه، فهو قادم على ربه تبارك وتعالى، فلا يلقى ربه وعليه مظلمة لأحد من الناس، فكيف إذا كان المظلوم والمغبون والمغشوش هي البنت، التي أمر الإسلام بتوقيرها ، ورَفْعِ مكانتها، وإعْلاءِ شأنها، وحَرَّمَ ظُلمها، أو الاستهتار بها، أو أكْلِ حُقُوقِها، الميراث ياعباد الله لا يقسم عن جهل، وتعصب لأحد دون الآخر، فهذا من أعظم الظلم، ومن أشد أنواع الاعتراض على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يوزع الميراث إلا وفق ما جاءت به الآيات الكريمات، ووفق ما جاء في السنة المطهرة، قال تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "، ولا يكون ذلك إلا عن طريق العلماء، أو المحاكم الشرعية، التي تحكم بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والتي لا يكون فيها محاباة لأحد دون أحد، أما أن يوزع الميراث عشوائياً، فهذا حرام لا يجوز، وصاحبه معاقب، ومأزور غير مأجور، فعلينا معاشر المسلمين أن نعتز بديننا ونفخر بشريعتنا، التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة مما يحتاجه المسلم والمسلمة في أمور دينه ودنياه إلا وبينته بياناً شافياً كافياً، فلله الحمد من قبل ومن بعد.

** اليتيمة

لقد ألحق النبي صلى الله عليه وسلم الضرر والحرج والهلاك على من ضيع حق اليتيم، بل وألحقه الإثم، لأن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الأيتام في آيات كثير من كتاب الله تعالى، حيث قال تعالى: { فأما اليتيم فلا تقهر } ( الضحى 9 ) يقول بن سعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: [ أي لا تسيء معاملة اليتيم، ولا يضيق صدرك عليه، ولا تنهره، بل أكرمه وأعطه ما تيسر واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك ]، وقال تعالى: { فذلك الذي يدع اليتيم { ( الماعون 2 ) يقول بن سعدي: [ أي يدفعه بعنف وشدة، ولا يرحمه لقساوة قلبه فهو كالحجارة أو أشد قسوة، ولأنه لا يرجو ثواباً ولا يخاف عقاباً ] ( تيسير الكريم الرحمن 5/414 –441 )، وقال صلى الله عليه وسلم: [ اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة ] ( رواه أحمد وغيره بإسناد حسن ).

وقال صلى الله عليه وسلم: [ أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ] وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما، ( رواه البخاري )، ووالله إن شر البيوت البيت الذي يساء فيه إلى يتيم، وخير البيوت البيت الذي يحسن فيه إلى يتيم، وأخص بذلك اليتيمة لأنه لاحول لها ولا قوة إلا بالله تعالى، فاحذر يا مسكين أن تجعل لك خصماً يوم القيامة، فمن أجل ذلك فليحذر من تولى أمر يتيمة من عاقبة ظلمها أو تزويجها بغير رضاها، فإن ذلك إجحاف بها، وهضم لحقها، وتهاون بأمرها، وعدم اهتمام بحياتها، وكل ذلك من الظلم الذي لا يرضى عنه الله ولا رسوله ولا المؤمنين.

بل هناك من الناس من يحرم اليتيمة من الزواج لأكل مالها إن كانت صاحبة مال، أو يحرمها الزواج من أجل أكل مالها إن كانت صاحبة وظيفة، ومنهم من يجبرها على الزواج من أجل أكل مهرها، وكل ذلك من أكل المال الحرام، قال تعالى: { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً } ( النساء10 ).

قالت عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن } ( النساء127 ) قالت: هذا في اليتيمة التي تكون عند الرجل، لعلها أن تكون شريكته في ماله، وهو أولى بها فيرغب أن ينكحها، فيعضلها لمالها، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في مالها، ( رواه البخاري )، وقالت في هذه الآية: { ويستفتونك في النساء.. .. . } ( النساء 127 ) قالت: هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب أن يتزوجها، ويكره أن يزوجها غيره، فيدخل عليه في ماله فيحبسها، فنهاهم الله عن ذلك.

فيحرم على الولي أن يحرم اليتيمة من الزواج لأجل أكل مالها، وأن ذلك من الذنوب العظيمة التي تودي بصاحبها إلى النار.

ولقد عد النبي صلى الله عليه وسلم آكل مال اليتيم بالعذاب الأليم بقول الله تعالى في الآية التي سبقت، وعُد ذلك أيضاً من السبع الموبقات المهلكات التي تهلك صاحبها، وتورده نار جهنم والعياذ بالله، فقال عليه الصلاة والسلام: [ اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها: وأكل مال اليتيم ] ( متفق عليه ).

** كلمة أخيرة

أيها الآباء لا شك أن الشيطان عدو الإنسان وقد أشعل فتيل نار الحرب منذ القدم لغواية بني آدم، وكل الناس خطاء وخير الخطائين التوابون، وليس عيباً أن يخطئ المرء، ولكن العيب كل العيب أن تعرف الحقيقة ثم تغالط نفسك وتستمر في الخطأ، تعالياً وتكابراً من وسخ من أوساخ الدنيا، فإن حصل منك تعد وجور وظلم لمن ولاك الله أمرها فتدارك نفسك بتصحيح ذلك الخطأ قبل أن تندم ولا ينفعك الندم، وأحسن إلى وليتك ما دمت حياً لعل الله أن يقبل منك إحسانك إليها فيتجاوز عما فعلته بها من هدم لسعادتها وقتل لها وهي حية، وذك بتزويجك إياها من لا ترغبه، أو بمنعك إياها ممن ترغبه، فالحق بقطار التائبين ولندم على ما فعلته، واعزم على ألا تعود لمثل ذلك، واستحلل من أسأت إليها واطلب الصفح منها، ثم عُد إلى الله تعالى وأكثر من التوبة والاستغفار وأكثر من نوافل الأعمال، وتصدق على الفقراء والمساكين والأيتام، وادع الله تعالى ليل نهار، أن يتوب عليك ويمحو حوبتك ويقبل توبتك ويتجاوز عن سيئاتك فهو سبحانه قريب مجيب الدعاء ويفرح بتوبة عبده إذا تاب.
__________________