منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - السبل المثلى لإصلاح البيوت
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-06-2005, 09:51 AM
  #2
Shark
قلم مبدع
تاريخ التسجيل: Dec 2003
المشاركات: 1,757
Shark غير متصل  
شرح الحديث

قوله: "فقلت له يا أمير المؤمنين من المرأتان" في رواية عبيد بن حنين في كتاب التفسير: "فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه؟ قال: تلك حفصة وعائشة، فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبةً لك: قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به".
وقوله تعالى: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما أي: قال الله تعالى لهما: إن تتوبا من التعاون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعنى تظاهرهما أنهما تعاونتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حرَّم على نفسه ما حرَّم.
قول عمر رضي الله عنه: "واعجبًا لك يا ابن عباس"، تعجب عمر من ابن عباس يسأل عن هذا مع شهرته في العلم وخاصة بالتفسير وكيف خفي عليه مع عظمته في نفس عمر وتقدمه في العلم على غيره، أو تعجب من حرصه على طلب فنون التفسير حتى معرفة المبهم، وقيل: تعجب عمر من ابن عباس دليل على أنه كره ما سأله عنه وقد جزم بذلك الزهري كما في رواية مسلم عنه.
قوله: "عائشة وحفصة". وفي رواية: "حفصة وأم سلمة" والأولى هي الأكثر والأشهر.
قوله: "ثم استقبل عمر الحديث يسوقه". أي يسوق القصة التي كانت سبب نزول الآية.
قوله: "كنت أنا وجار لي من الأنصار" هذا الجار هو عتبان بن مالك كما قال الحافظ: أفاده ابن القسطلاني، لكن لم يذكر دليله، ثم جزم ابن حجر أن هذا الجار هو أوس بن خولي بن عبد الله بن الحارث الأنصاري، كما جاء في رواية عن عائشة عند ابن سعد. ثم قال: وهذا هو المعتمد.
وقوله: نغلب نساءنا أي نحكم عليهن ولا يحكمن علينا بخلاف الأنصار، فكانوا بالعكس من ذلك، وفي رواية: "كنا ونحن بمكة لا يكلم أحد امرأته إلا إذا كانت له حاجة قضي منها حاجته"، وفي رواية أخرى: "ما نعد للنساء أمرًا". وفي ثالثة: "كنا لا نعتد بالنساء ولا ندخلهن في أمورنا".
قوله: "فطفق" فعل ناقص من أخوات "كاد" ومعناه أخذ أو جعل، أي أنهن أخذن في تعلم ذلك.
قوله: "من أدب نساء الأنصار" أي من طريقتهن، وفي رواية: "من أرب" وهو العقل، وفي رواية أخرى "يتعلمن من نسائهم". وفي ثالثة: "فلما قدمنا المدينة تزوجنا من نساء الأنصار فجعلن يكلمننا ويراجعننا".
قوله: "فصخبت" وفي رواية: فسخبت بالسين وهما بمعنى والمقصود الزجر من الغضب، وفي رواية "فصحت" من الصياح وهو رفع الصوت.
قوله: "فأنكرت أن تراجعني" أي تراودني في القول وتناظرني فيه وتناقشني، وفي رواية: "فقلت لها: وما تكلفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبًا لك يا ابن الخطاب، ما تريد أن تراجع". ووقع في رواية أخرى: "فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك حقًا علينا من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا، وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي"، وفي رواية: "فقمت إليها بقضيب فضربتها به، فقالت: يا عجبًا لك يا ابن الخطاب".
قوله: "تنكر أن أراجعك، فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل": وفي رواية قالت: تقول لي هذا وابنتك تؤذي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية الطيالسي: "فقلت: متى كنت تدخلين في أمورنا؟ فقالت: يا ابن الخطاب، ما يستطيع أحد أن يكلمك وابنتك تكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى يظل غضبان".
قوله: "فقلت لها قد خاب" كذا في أكثر الروايات، وجاء في رواية عقيل: "فقلت: قد جاءت من فعلت ذلك بعظيم" وهو الصواب في هذه الرواية التي فيها "بعظيم" وأما غيرها فالصحيح "خاب" بدليل عطف خسر عليه.
قوله: "ثم جمعت عليَّ ثيابي" أبي لبستها جميعها.
قوله: "أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتهلكي". بنصب تهلكي بأن مضمرة بعد فاء السببية في سياق الاستفهام، وفي رواية قال: "فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله".
قوله: "لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم . أي لا تطلبي منه الكثير، و"سليني ما بدا لك". أي ظهر لك.
قوله: "جارتك" أي ضرتك، وعائشة كانت جارتها على الحقيقة، ويمكن حمل اللفظ على المعنيين، والعرب يطلق على الضرة جارة، وكان ابن سيرين يكره تسميتها ضرة، ويقول: إنها لا تضر ولا تنفع ولا تذهب من رزق الأخرى بشيء وإنما هي جارة، وقال القرطبي: اختار عمر تسميتها جارة أدبًا منه أن يضاف لفظ الضرر إلى أحد من أمهات المؤمنين.
وقوله في الرواية التي في التفسير من رواية عبيد بن حنين: "قال: ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها، فقالت أم سلمة: عجبًا لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فأخذتني والله أخذًا كسرتني عن بعض ما كنت أجد فخرجت من عندها". فقوله: "كسرتني" أي: أخذتني بلسانها أخذًا دفعني عن مقصدي وكلامي، وفي رواية لابن سعد: فقالت أم سلمة: إي والله إنا لنكلمه، فإن تحمل ذلك فهو أولى به، وإن نهانا عنه كان أطوع عندنا منك. قال عمر: فندمت على كلامي لهن. وقد أخرج المصنف في تفسير سورة البقرة من حديث أنس عن عمر قال: "وافقت الله في ثلاث" الحديث، وفيه: وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه فدخلت عليهن فقلت: لئن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيرًا منكن، حتى أتيت إحدى نسائه فقالت: يا عمر، أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ وهذه المرأة قيل هي زينب بنت جحش وقيل أم سلمة.
قوله: "خابت حفصة وخسرت" خصها بالذكر لكونها ابنته وقد كان قريب عهد بتحذيرها ذلك. ووقع في رواية: "فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة". وكأنه خصهما بالذكر لكونهما كانتا السبب في ذلك.
قوله: "فنكست منصرفًا" أي رجعت إلى ورائي منصرفًا.
قوله: "فإذا هو مضطجع على رمال حصير". الحصير المرمول هو المنسوج، وفي رواية: "على رَمْلٍ" أي رمل حصير، وفي رواية أخرى "على رمال سرير"، ووقع في رواية: "على حصير وقد أثر الحصير في جنبه"، وكأن السرير نسج كما ينسج الحصير وليس بينه وبين جنب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرش فأثر السرير بنسيجه في جنب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
قوله: "فقلت وأنا قائم: أطلقت نساءك؟ فرفع إليَّ بصره، فقال: لا، فقلت: الله أكبر"، لما جزم الأنصاري لعمر بأن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه واستفسر عمر من النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فلم يجد له حقيقة كبر تعجبًا من نقل الأنصاري أوكبَّر حامدًا الله تعالى على عدم وقوع الطلاق، وفي حديث أم سلمة عند ابن سعد: "فكبر عمر تكبيرة سمعناها ونحن في بيوتنا فعلمنا أن عمر سأله: أطلقت نساءك؟ فقال: لا، فكبر حتى جاءنا الخبر بعد".
قوله: "غير أَهَبَةٍ ثلاث" جمع إهاب وهو الجلد قبل أن يدبغ، وقيل هو الجلد دبغ أو لم يدبغ.
قوله: "ادع الله فليوسع على أمتك". وفي رواية: "فبكيت، فقال: وما يبكيك؟ فقال: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله". وفي رواية ثالثة: "فابتدرت عيناني فقال: ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ فقلت: وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول اللَّه وصفوته".
قوله: "فجلس وكان متكئًا فقال: "أو في هذا أنت يا ابن الخطاب؟" وفي رواية: أوفي شك أنت يا ابن الخطاب"؟ ومعناه أتشك في أن التوسع في الآخرة خير من التوسع في الدنيا؟
قوله: "إن أولئك قوم قد عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا". وفي رواية: "ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة"؟
قوله: "فقلت: يا رسول الله، استغفر لي" أي عما بدر مني في هذا.
قوله: "فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه من أجل ذلك الحديث الذي أفشته حفصة إلى عائشة"، وكان قال صلى الله عليه وسلم : ما أنا بداخل عليهن شهرًا من شدة موجدته عليهن، حين عاتبه الله، من شدة موجدته أي من شدة غضبه.
والعتاب الذي عوتب به صلى الله عليه وسلم هو قوله تعالى: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك الآيات.
وقد اختلف في الذي حرم على نفسه وعوتب عليه على أقوال: منها أنه العسل الذي كان يأكله عند حفصة، ومنها أنه جاريته مارية القبطية، ومنها أن زينب رضي الله عنها لم ترض بنصيبها الذي أرسله إليها النبي صلى الله عليه وسلم من هدية أهديت إليه، أو من ذبيحة ذبحها، ومنها اجتماع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده يطلبن منه التوسعة حتى دخل أبو بكر وعمر وأراد كل منهما أن يضرب ابنته.
قال الحافظ في الفتح: ويحتمل أن يكون مجموع هذه الأشياء كان سببًا لاعتزالهن، وهذا هو اللائق بمكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم وسعة صدره وكثرة صفحه، وأن ذلك لم يقع منه حتى تكرر منهن موجبه صلوات الله وسلامه عليه، ورضوان الله عليهن.
قوله: "فدخل على عائشة، فقالت له عائشة: يا رسول الله إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرًا وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة". وكذلك ذكَّرَه عمر، ولا منافاة في ذلك حيث ذكره عمر عند نزوله من المشربة، وذكرته عائشة عند دخوله عليها.
وفي هذا الحديث من الفوائد الكثير نختصر منها ما يلي:
1- سؤال العالم عن بعض أمور أهله إن كانت فيه سنة تنقل أو حكم يحفظ.
2- توقير العالم ومهابته، وترقب الأوقات المناسبة لسؤاله.
3- أن شدة الوطأة على النساء أمر مذموم، وأن الصبر على الزوجات والإغضاء عما يقع منهن في حق الزوج دون ما يكون في حق الله تعالى.
4- تأديب الرجل ابنته أو قريبته بالقول لأجل إصلاحها لزوجها.
5- تواضع الطالب للعالم وصبر العالم على الطالب، وتفصيل الكلام للطالب إن كان في التفصيل مصلحة للطالب.
6- طلب علو الإسناد، حيث حرص ابن عباس على أن يسمع من عمر مباشرة هذه القصة.
7- طلب العلم والحرص عليه، مع الحرص على تفريغ وقت لطلب المعاش وإصلاح الأهل.
8- جواز اتخاذ الحاكم بوابًا يمنع من يدخل عليه عند الخلوة، إلا بإذنه.
9- للإمام أن يحجب عن بطانته وخاصته إذا أصابه هم حتى يذهب غيظه فيخرج إليهم وهو منبسط.
10- الرفق بالأصهار والحياء منهم إذا وقع للرجل من أهله ما يدعو إلى معاتبتهم.
11- السكوت قد يكون أبلغ من الكلام وأفضل في بعض الأحايين.
12- مشروعية الاستئذان وإن كان وحده لاحتمال أن يكون على حالة يكره الاطلاع عليه ومشروعية تكرار الاستئذان وأنه لا يزيد على ثلاث.
13- أن الاشتغال بالآخرة خير من تعجل نعيم الدنيا والتوسع فيه.
14- أن المرء إذا رأى صاحبه مهمومًا استحب له أن يحدثه بما يزيل همه ويطيب نفسه.
15- جواز الاستعانة في الوضوء بالصب على المتوضئ، وخدمه الصغير الكبير وإن كان الصغير أشرف نسبًا.
16- تذكير الحالف بيمينه إذا وقع منه ما ظاهره النسيان لا سيما من له تعلق به.
17- سكنى الغرفة العالية ذات الدرج، واتخاذ الخزانة لأثاث البيت والأمتعة.
18- التناوب في مجلس العالم إذا لم يتيسر المواظبة لشاغل شرعي ديني أو دنيوي.
19- قبول خبر الواحد ولو كان الآخذ فاضلاً والمأخوذ عنه مفضولاً.
20- رواية الكبير عن الصغير.
21- اهتمام الصحابة بالاطلاع على أحوال النبي صلى الله عليه وسلم جَلَّت أو قَلَّتْ.
22- أن الصحابة كانوا في أعلى درجة من رعاية خاطر النبي صلى الله عليه وسلم والقلق لما يقلقه والغضب لما يغضبه والهم لما يهمه رضي الله عنهم.
23- أن الرجل الوقور قد يحمله الغضب والحزن على ترك التأني المألوف منه.
24- كراهة سخط النعمة ولو كانت قليلة وذم احتقار ما أنعم الله به.
25- الاستغفار لما يقع من الإنسان من هفوات، وطلب الاستغفار من أولي الفضل.
26- إيثار القناعة وعدم الالتفات إلى ما خص الله به الغير من أمور الدنيا.
27- المعاقبة على إفشاء السر بما يليق بمن أفشاه من العقوبات.


نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
__________________