اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين و لا متخذي أخدان و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين.
فقد اشترط الله الإحصان في الزواج. و من ههنا ذهب الإمام أحمد إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليها و إلا فلا، و كذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة، لقوله تعالى: {وحرم ذلك على المؤمنين}.
عن عبد اللّه بن عمرو قال: كانت امرأة يقال لها أم مهزول و كانت تسافح، فأراد رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن يتزوجها، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين} (رواه النسائي و الإمام أحمد). وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رجل يقال له (مرثد بن أبي مرثد) وكان رجلاً يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها (عناق) وكانت صديقة له، وأنه واعد رجلاً من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظل تحت الحائط، فلما انتهت إليَّ عرفتني، فقلت: مرثد، فقالت: مرحباً وأهلاً، هلم فبت عندنا الليلة، قال، فقلت: يا عناق حرم اللّه الزنا، فقالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم، قال: فتبعني ثمانية ودخلت الحديقة، فانتهيت إلى غار أو كهف، فدخلت فيه فجاءوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فظل بولهم على رأسي، فأعماهم اللّه عني، قال: ثم رجعوا فرجعت إلى صاحبي فحملته، وكان ثقيلاً حتى انتهيت إلى الأذخر، ففككت عنه أحبله، فجعلت أحمله ويعينني حتى أتيت به المدينة، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت: يا رسول اللّه أنكح عناقاً أنكح عناقاً - مرتين؟ - فأمسك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة فلا تنكحها". (رواه الترمذي والنسائي وأبو داود واللفظ للترمذي).
فإما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج، لما روي عن ابن عباس وسأله رجل فقال: إني كنت ألم بامرأة آتي منها ما حرم اللّه عزَّ وجلَّ عليّ فرزق اللّه عزَّ وجلَّ من ذلك توبة، فأردت أن أتزوجها، فقال أناس: إن الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، فقال ابن عباس: ليس هذا في هذا، انكحها فما كان من إثم فعليّ (أخرجه ابن أبي حاتم عن شعبة مولى ابن عباس رضي اللّه عنهما).
الخلاصة إذا لم تتب الزانية توبة نصوحة، يحرم الزواج منها:
((و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين.))
منقول