والله في عون العبد
والله مع المتقين
ومع المحسنين
ويحب الصابرين
ويفوي الصابرين أجرهم بغير حساب
فالصبر والتصبر والاصطبار
الباب الرابع في الفرق بين الصبر والتصبر والاصطبار والمصابرة
الفرق بين هذه الأسماء بحسب حال العبد في نفسه وحاله مع غيره فإن حبس نفسه ومنعها عن اجابة داعى ما لا يحسن ان كان خلقا له وملكه سمى صبرا وان كان بتكلف وتمرن وتجرع لمرارته سمى تصبرا كما يدل عليه هذا البناء لغة فإنه موضوع للتكلف كالتحلم والتشجع والتكرم والتحمل ونحوها واذا تكلفه العبد واستدعاه صار سجية له كما في الحديث عن النبي أنه قال ومن يتصبر يصبره الله وكذلك العبد يتكلف التعفف حتى يصير التعفف له سجية كذلك سائر الأخلاق وهي مسألة اختلف فيها الناس هل يمكن اكتساب واحد منها أو التخلق لا يصير خلقا أبدا كما قال الشاعر
يراد من القلب نسيانكم % وتأبى الطباع على الناقل وقال آخر
يا أيها المتحلى غير شيمته % ان التخلق يأتى دونه الخلق وقال آخر
فقبح التطبع شيمة المطبوع %
قالوا وقد فرغ الله سبحانه من الخلق والخلق والرزق والأجل وقالت طائفة أخرى بل يمكن اكتساب الخلق كما يكتسب العقل والحلم والجود والسخاء والشجاعة والوجود شاهد بذلك قالوا والمزاولات تعطى الملكات ومعنى هذا أن من زاول شيئا واعتاده وتمرن عليه صار ملكه له وسجيه وطبيعه قالوا والعوائد تنقل الطبائع فلا يزال العبد يتكلف التصبر حتى يصير الصبر له سجية كما أنه لا يزال
كتاب عدة الصابرين، الجزء 1، صفحة