منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - رحلتى العلاجية الى ألمانيا مع جيش عرمرم من أسرتى .. بالصور .
عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-2006, 09:06 PM
  #84
محمد الشرقاوى
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية محمد الشرقاوى
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 1,426
محمد الشرقاوى غير متصل  
إن هذا ليوم عصيب

انقلبت حالة الوالدة مائة وثمانين درجة في اليوم التالي بعد يوم حافل من المرح في مدينة الملاهي وكأنها لم تتحمل كل هذا الجهد الذي بذلته منذ وصولنا إلى ألمانيا !! .. أحسست بالذنب وبمسؤليتي الكاملة عن هذا الاندفاع الذي كنت أنا السبب فيه !! .. فشعوري بأن الوالدة في قمة نشاطها وحيوتها جعلاني أحملها أكثر من طاقتها في الحركة واللف والدوران ما بين كولون وبون .. اعتقدت أنني كلما جاريتها في رغبتها في التنزه والمشي كان هذا أفضل لها لاسترداد صحتها والتخفيف من مرضها .. واتضح أنني كنت مخطئا في اعتقادي هذا ..
عاودتها الآلام بأشد مما كانت في السابق !! .. تذكرت حديث الدكتور ماير عن أن شعورها بأنها قد تحسنت شعور مؤقت !! .. فاتصلت به وذهبنا إلى زيارته قبل الموعد المحدد .. استقبلنا وقام بفحص الوالدة عن طريق تحويلها إلى أحد الأطباء المختصين وعندما تأكد من أن هذه الأعراض والآلام ليس لها سبب طبي قام بتغير نوع الدواء الذي اقترحه علينا في السابق وأعطانا دواء جديد ونصح الوالدة بالعودة إلى تناول الأدوية القديمة التي أحضرتها معها من الرياض إضافة إلى الدواء الذي وصفه .. وطلب أن ترتاح الوالدة ولاتبذل مجهود ولم يكن هناك حاجة لتنويمها في المستشفى فخرجنا من عنده على أن نعود لمعرفة نتيجة تحليل الدماغ !! ..
حرصت على أن ترتاح الوالدة ولا تتحرك .. وقمت بمواصلة البحث عن شقة جديدة فوجدت واحدة ذات سعر مناسب يملكها أحد اللبنانيين ( حسب ما ذكر السمسار ) .. زرت الشقة وكانت نظيفة تحتوي على غرفتين نوم وصالة وحمامين ومطبخ وشرفة تطل على الشارع وكانت قريبة من شقتنا الأولى في منطقة جود سبيرج إلا أنها أعلى سعرا .. أحسست بان مكان هذه الشقة وموقعها سوف يحسن من نفسية الوالدة لاسيما عندما تجلس في الشرفة للتناول بعضا من الشاي !! .. لاسيما وأن موقع الشقة مناسب وبها مصعد وهذا هو المهم في الموضوع !! .. استأجرت الشقة لمدة أسبوع ودفعت المبلغ مقدما وأحضرت باقي العائلة أو الجيش العرمرم لمشاهدتها .. انشرحت نفس الوالدة عندما رأت الشقة وأحست براحة كبيرة .. كان الأثاث نظيفا ومرتبا ( هكذا حال اللبنانين دائما نضافة واهتمام بالديكور والتفاصيل الصغيرة مهما كانت حالتهم المادية !! ) .. كانت شرفة الشقة تطل على شارع فرعي وحولها مباني أخرى مبنية حسب الطراز الأوروبي المعروف



الولد هذا طوال وجودنا في ألمانيا وهو مصمم يلبس نفس الملابس !! .. وخاصة الفانيلة القطنية التي يوجد بها صورة رجل يقطع الخميرة من البيت !! .. يا ابن الناس غير الشكل .. الشنطة مليانة ملابس ما في فايدة !! ..يغسل ويلبس في هالبنطلون والفنيلة !! .. ويالله بالقوة أقنعناه يغير ( الديزاين !! ) ..
لم نخرج من الشقة في هذا اليوم وبقينا بجانب الوالدة نخفف عنها وبدأت في التحسن رويدا رويدا .. في اليوم التالي زرنا الطبيب ( ماير ) وأبلغنا بأن فحوصات الدماغ سليمة ولا يوجد أية أورام والوالدة تحتاج فقط لمجرد متابعة نفسية ووقت العلاج سوف يطول !! .. لم يكن عند الطبيب ماير أي خطة علاجية كما اكتشفنا فيما بعد واتضح أنه يجرب بعض الأدوية من باب لعل وعسى طالما أن هناك من يدفع !! .. وسوف أتطرق إلى هذا الموضوع فيما بعد .. كنت أتمنى لو تم تحويل الوالدة عند طبيب عربي فهو أفضل من الأجنبي لاسيما عندما يكون المرض نفسيا يحتاج إلى شخص يتحدث نفس لغة المريض ويستطيع أن يتفاهم معه مباشرة بدلا من ترجمة الكلام وإهدار الوقت والجهد في توصيل المعلومة بطريقة صحيحة !! ..
ورغم أن صابر أدى عمله على خير ما يرام إلا أنني كنت أحس بأن اللغة تقف عائقا أمام العلاج الفعال الذي يشمل فيما يشمل استخراج كل ما عند المريض من انفعلات وأحداث وليس مجرد الاقتصار على صرف بعض الأدوية والعلاجات !! .. عدنا إلى المنزل بعد زيارة الطبيب وكانت الوالدة في افضل حالاتها بعد ليلة عصيبة خفنا فيها من وقوع مكروه ولكن الله سلم بواسع رحمته وفضله ..
عندما شعرت أمي ببعض التحسن أصرت على الخروج رغم محاولاتي العديدة لثنيها عن قرارها خوفا على صحتها من التدهور ولكنها اصرت وألحت فالفيتو الذي تملكه الأمهات أمضى من أي فيتو آخر !! .. فلم أملك سوى الاذعان لمطالبها وأنا أدعو الله أن يمتعها بالصحة والعافية وأن يعدي اليوم على خير !! .. خرجنا بعد أن اتصلت بصابر ولم يكن هناك مكان محدد .. اقترحت الوالدة بعد أن ركبنا في السيارة أن نستقل الباخرة ونقوم برحلة نهرية !! .. قلت لها : يا أمي اهتزازات الباخرة قد تتعبك وقد تشعرين بالدوار ولكنها حفظها الله كانت تريد أن تحقق أمنية أخي وأختي بركوب النهر .. يالها من أم حنونة ومجاملة !! ( معليش أمدح أمي أمامكم لأن كل واحد منا لا يملك سوى أم واحدة فقط !! ) .. توجهنا صوب النهر وقطع صابر التذاكر وكانت موعد الرحلة بعد حوالي ساعة وتستغرق ساعتين تصل إلى مكان محدد مسبقا ثم تعود مرة أخرى .. ركبنا السفينة التي كانت تتكون من طابقين .. طابق علوي مفتوح لمن يريد أن يستمتع بمنظر النهر والبيوت القلاع المحيطة وطابق أرضي مسقوف لمن يريد أن يظفر ببعض الهدوء والسكينة !! ..





طبعا لا أحتاج إلى أن أخبركم بأنني فضلت الهدوء والسكينة وجلسنا في الطابق الأرضي فيما توجه أخي وأختي إلى الطابق العلوي وجلس صابر في أحد نواحي القارب مستمتعا بمشروب غازي لعله يخفف بعضا من حرارة الصيف الذي لم يكن وقعه شديدا ذلك اليوم !! .. تحرك القارب وهو يحمل مجموعة من السياح وبعض طلاب وطالبات المدارس .. كانت الرحلة هادئة والمقاعد شبه خالية في الطابق الأرضي سوى من عائلة ألمانية مكونة من الأب والأم وطفلهما ..
صعدت لاستكشاف السطح والبحث عن أخي وأختي .. صعدت إلى الطابق الثاني ووجدت المقاعد والطاولات مزدحمة بالناس والكل يستمتع بمشاهدة المناظر من حوله على الضفتين الجانبيتين للنهر وأخي وأختي يحتلان مقعدين بين هذه الجموع البشرية ..

جلست إلى جانبهما والهواء يحرك شعري الأسود الفاحم الناعم !! .. ويصطدم بهدوء بجبهتي الواسعة !! .. قالت لي أم سلطان يوما في ساعة صفاء وانشراح أنها قبلت بي زوجا بسبب جبهتي الواسعة والعريضة !! .. يعني ما همتها أخلاقي وطيبتي واهتمت بجبهتي !! .. فليحرص كل واحد منكم أيها المتزوجون على العناية بجبهته حتى تحبه زوجته !!!!! .. لي كلام بعدين مع أم سلطان !! .. نعود إلى النهر من جديد .. كنت قد تحدثت معكم سابقا بأني إنسان يعشق صورة الماء .. صفحة الماء .. خرير الماء .. منظر الماء .. روعة الماء .. حتى أنه يطرب عندما يستمع لصوت المعزة وهي تقول : مااااء .. ماااااء !! ..





أشعر بالمتعة وأنا أتأمل صفحة الماء .. ولو لم أكن أنسانا لتمنيت أن أكون سمكة !! .. عفوا لتمنيت أن أكون حوتا حتى لا تأكلني الأسماك الكبيرة .. فنحن في زمن يأكل القوي فيه الضعيف حوتا كان أم إنسانا .. ألم تسمعوا بمصطلح ( الهامور ) للدلالة على غلبة القوي على الضعيف .. ألم تسمعوا بهوامير سوق المناخ ؟! .. وهوامير سوق الأسهم ؟! .. من أين أتت كلمة هامور أليس من السمك نوع الهامور ؟! .. هل سمعتم أحدا يتكلم عن الشعور أو البياض أو الزبيدي أو السردين أو البوري أو الناجل ؟! .. الكل يتحدث عن الهامور والهوامير هذه الأيام !! .. لقد شطحت كالعادة عن الموضوع !! .. نعود إلى قاربنا من جديد .. شعرت بأن الجو في السطح رومانسي فنزلت إلى الطابق الأرضي لكي ترافقني أم سلطان وطلبت من أمي أن تصحبنا ففضلت المكوث في مكانها .. جلس أخي وأختي معها وصعدت أنا وأم سلطان إلى السطح وجلسنا على إحدى الطاولات كأي عروسين يمضيان شهر العسل بعد مرور سنتين على زواجهما !!!! .. أخذنا الوقت ولم نشعر به .. وبعد قليل توقفت السفينة ونزل منها الطلبة الذين رافقونا في رحلة الذهاب وصعد سياح آخرون وعادت السفينة أدراجها بعد أن استدارت للعودة إلى محطتنا التي انطلقنا منها ..
صعدت أختي بعد قليل ولم تريحنا من سلاطة لساننا و ( غشمرتها !!) وقالت : لماذا لم تذهب إلى مقدمة القارب أنت وأم سلطان وتقلدوا التيتانك !! .. وتمدوا أيديكم وكأنكم تستعدون للطيران مثل الطيور ؟! .. زجرتها وأمرتها بالعودة إلى الطابق الأرضي بحكم أنني أخوها الكبير وأكبر منها بخمس سنوات كاملة !! .. جيل آخر زمن !!!!! .. عدنا بعد يوم هادئ وجميل .. ورست السفينة منهية رحلتها وساعد الهواء النقي على أن تشعر أمي بكثير من التحسن .. ونامت تلك الليلة بهدوء وراحة والحمد لله رب العالمين على نعمه التي لا تحصى ولا تعد فالحمد لله رب العالمين ..



ألقاكم في حلقة أخرى وتصبحون على خير ..
__________________