منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - أوهن مـن بـيـوت الـعـنـكـبـوت...!!!
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2006, 07:12 AM
  #1
وجه الخير
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية وجه الخير
تاريخ التسجيل: Nov 2003
المشاركات: 10,270
وجه الخير غير متصل  
أوهن مـن بـيـوت الـعـنـكـبـوت...!!!



أوهن من بيوت العنكبوت!


مرام عبد الرحمن مكاوي *


يشغل موضوع العنوسة بال كثير من الناس، إلى الدرجة التي جعلت مجلس الشورى السعودي، يدعو ثلة من النساء إلى المشاركة في هذا النقاش المهم، الذي يثير جدلا، ويشغل حيزا كبيرا في وسائل الإعلام.
كما تقوم المؤسسات الخيرية بتقديم مساعدات وقروض للراغبين في الزواج، وتدور الخطب والمحاضرات والندوات الدينية في أحيان كثيرة حول تيسير الزواج على الشباب، وتخفيض المهور والحفلات. وتساهم حتى بعض المجلات الثقافية، ومواقع الإنترنت، في مشروعات لإنشاء أسر، عن طريق لعب دور الخاطبة أو الوسيط.
كل هذا مفهوم وطبيعي، فأين المشكلة إذن؟.

المشكلة هي أن الكل يبدو معنيا بجمع رجل وامرأة تحت سقف واحد، لكن لا يهتم كثير منهم بما سيحصل بعد ذلك، أي بكيفية استمرار ذلك السقف شامخا، مظللا على من تحته. وهكذا لم يعط مثلا موضوع الطلاق، وهو أشد خطورة من العنوسة، ومتفش بشكل أكبر وأسرع، حقه الذي يستحقه من البحث والنقاش. على الرغم من أن ظاهرة الطلاق السريع واضحة للعيان، ونكاد نرى جيلا كاملاً من أبناء المطلقين والمطلقات.

إن الطلاق يهدم كل الجهود المبذولة لبناء الأسرة، ويزيد المشكلات والأعباء المالية والنفسية التي يواجهها المجتمع. خاصة أنه يلاحظ بأن نسب الطلاق ترتفع بشكل ملحوظ بين النساء ممن هن دون العشرين وحتى الخامسة والعشرين. وهذا يعني أن الزواج المبكر (ما قبل العشرين)، الذي يتحمس له بعضنا كثيرا، على اعتباره وسيلة للعفاف وتحصين الشباب والشابات، ولاستقرار المجتمع، قد أتى بنتائج عكسية!

ولأن لكل شيء سبباً، فللطلاق أسبابه، وهي في رأيي تبدأ قبل وقت طويل من قيام الزواج أصلا، وتشارك أطراف كثيرة في تحمل مسؤولياته، فالأسرة، والمدرسة، والتنظيمات الإدارية والإعلام كلهم مسؤولون بشكل أو بآخر، والحل بيد هؤلاء أيضا.

فابتداء... على الأسرة ألا تفرق بين معاملة الذكور والإناث، كما تفعل الآن، فتعلم الفتاة الرضوخ، والصمت، والخوف من الجنس الآخر. وهكذا تسكت المرأة وتتحمل الإهانات، دون أن تحاول وأد المشكلة في بداياتها، ووضع أسس للحياة مع زوجها. كما أنها في الوقت ذاته، تُعلمها القيم السطحية، فتنشأ معتقدة أن جمالها هو رأسمالها، وأن جل طاقتها يجب أن تُصرف في الاهتمام به، لأنه طريقها لزواج سعيد. وقد يتحقق هذا، وتوفق الفتاة بشاب جيد، لكن سرعان ما تبوء التوقعات بالفشل! لأنهم ربوها على أن الزوج الجيد هو ذلك الذي يصرف عليها الآلاف لتبدو جميلة، وبالتالي تظن بأنها مركز الكون، وتريد من زوجها و أبنائها أن يدوروا حولها!

والأسرة ذاتها، تربي الولد على الكسل، وعدم تحمل المسؤولية، واللامبالاة، وعلى أنه وُلد ليطاع! وأن له حق التحكم بأخته، و بأمه أحيانا، لأنه الرجل وكفى. فكيف نتوقع من شخص لم يحترم المرأة الأولى في حياته، أمه، أو الثانية، أخته، أن يحترم الثالثة، الغريبة... زوجته!

أضف إلى هذا، أن خوف الأهل من موضوع العنوسة، يجعلهم يتسرعون في موضوع الزواج المبكر، فيزوجون الفتاة وهي بعد في مرحلة الطفولة (الخامسة عشرة أو السادسة عشرة)، ودون إعداد مسبق. فتجد الطفلة نفسها قد أصبحت هي ذاتها أمَّاً لطفلة، والزوج ينظر لها أيضا كطفلة، من ناحية عدم الأخذ بآرائها، وعدم معاملتها بالشكل اللائق كشريكة حياة. وعلى الأهل يقع لوم سوء اختيار الزوج أو الزوجة، سواء لفارق السن الكبير، أو الفارق المادي أو الثقافي أو الاجتماعي، أو عدم السؤال بجدية واهتمام عن أخلاق ودين الخاطب.

ثم نأتي إلى المدرسة، وخاصة مناهج الدين، والعلوم، وهذه تعاني تقصيرا في بعض الجوانب تجب مراجعتها خلال المراجعة الشاملة التي سمعنا أنها ستجري على المناهج قريبا، لجعلها مواكبة للعصر. فمثلا من الأجدى بدلا من تدريس فقه (زكاة الأنعام) لطلبة يعيش معظمهم في الحواضر، بأن يدرسوا أكثر عن فقه الأسرة. أي عن الأحكام المتعلقة بالمرأة والرجل، وعلاقاتهما الخاصة معا، وما يصح وما هو محرم، وقديما علمونا أنه لا حياء في الدين. كما لابد من توضيح الحقوق الزوجية لكل من الزوجين، والأحكام والعقوبات المترتبة على الإخلال بهذه الحقوق والواجبات في الدنيا والآخرة. فلنعلمهم أحكام الزواج، والطلاق، والقوامة، والطاعة، والنفقة، والتعدد، حتى يكونوا على بينة من أمرهم، ولنشرح لهم جميعا وبوضوح، مكانة المرأة في الإسلام، هذا التكريم الذي يسمعون به لفظيا، لكنهم لم يشرح لهم أحد كيف! بل زيادة على ذلك يتشدق بعضنا أمامهم بعبارة (ناقصات عقل ودين) مجتزأة من سياقها، وحديثها، ومعناها، ومناسبتها.
وفي مناهج التاريخ والسيرة، لنقدم لهم نماذج من كيفية تعامله صلى الله عليه وسلم، مع زوجاته، وكذلك الصحابة الكرام، وليدرسوا سير نساء خالدات، فاعلات ومؤثرات في تاريخنا الإسلامي والعربي.

والدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، تعرض في كتابها الرائع (مسيرة المرأة إلى أين؟- الجزء الثاني) استعدادها للمشاركة في تأليف هذه الكتب بحكم خبرتها التربوية، وخلفيتها الدينية.
وفي مناهج العلوم، فليدرسوا بتوسع أكبر، التركيب الحيوي للرجل والمرأة، وعلاقاتهما معا، والتغيرات الفزيولوجية والنفسية التي تطرأ على المرأة عند الحمل أو الولادة. ولا أعتقد أن في الأمر أي حرج، فالقرآن يذكر الجنس بأسلوب راق جدا، ويقرأه الصغار والكبار، فالمشكلة ليست في المعلومة بل في كيفية قولها. كما يجب التركيز بشدة على أن تحديد جنس المولود من الله أولا، ومن الرجل ثانيا. لأننا حتى هذا اليوم ما زلنا نجد رجالا يطلقون زوجاتهم لأنهن أنجبن فتيات! .

نعم يلزمنا عمل كثير، لكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، ونحن نريد بيوتا مستقرة متينة، لا بيوتا صورية أوهن من بيوت العنكبوت... مثل كثير من بيوتنا مع الأسف.


*كاتبة سعودية
__________________