الصلاة وقاية علاج لتشوهات القوام:
فمن الحركات التي تعد وقاية وعلاج لتشوه انحراف الرأس: حركة التسليم في الصلاة. ونلاحظ أن هذه الحركة هي واحدة من الحركات التي يصفها الأطباء كعلاج؛ ذلك لأن حركة لف الرأس يمينًا ويسارًا في التسليم، تخلص الرقبة - الحاملة للرأس - من التيبس وتساعد على زيادة مرونة فقرات العمود الفقري العليا في الرقبة وتمنع تصلبها والتصاقاتها وبالتالي تمنع حدوث انحرافات في الرأس، خاصة أن هذه الحركة تتكرر في خمس أوقات على مدار اليوم.
وكون حركة التسليم وقاية وعلاج لمثل هذه الانحرافات فهي إحدى الفوائد البدنية المصاحبة للفوائد الروحية للصلاة المقصود منها العبادة. ويستفيد المصلي الفائدة البدنية من التسليم بطريقة تلقائية دون انتباه منه ودون أن يلقي لذلك بالاً.
كذلك من الحركات التي تعد وقاية وعلاج لتشوهات القوام مثل: انحناء الظهر أو تحدبه، والانحناء الجانبي، والتجوف القطني، واستدارة الكتفين وتسطح الظهر، وتفلطح القدم: الركوع، والسجود، ورفع اليدين، والنزول والقيام، والجلوس. فمثلاً؛ ميل الجذع للأمام في الركوع والسجود يساعد على تمدد فقرات العمود الفقري وتباعدها عن بعضها البعض، وإن طول العمود الفقري يزداد بضعة سنتمترات في الركوع والسجود عن طوله في الوقوف - وهذا يؤمن للعمود الفقري المرونة اللازمة ويمنع التيبس فيه، وبالتالي يمنع من حدوث مثل هذه التشوهات، وكذلك يفيد في علاجها. وهذا يفسر قلة نسبة الإصابة بمثل تشوه انحناء الظهر أو تحدبه مثلاً عند المصلين بالمقارنة مع غيرهم وخاصة من غير المسلمين.
كذلك حركة رفع اليدين في الصلاة التي يكررها المصلي عددًا كبيرًا من المرات في اليوم؛ ففيها تقوية عضلات الصدر والكتفين، وزيادة مرونة مفصل الكتف، وكذلك تحسين الهيئة في الحزام الكتفي وأعلى الجسم. وأثناء السجود ووضع الكفين على الأرض يتم إرجاع الكتفين إلى الخلف، وهذا جميعه يمنع من الإصابة بتشوه استدارة الكتفين وتسطح الصدر ويفيد في علاجه. وهناك تمارين علاجية يصفها الأطباء لمن لديه مثل هذا التشوه الغرض منها هو الحصول على هذه الفوائد.
وهكذا تتأكد تلك الفوائد البدنية التي قدَّر الله أن يحصل عليها المصلي عاجلاً في الدنيا بالوقاية من مثل هذه التشوهات أو علاجها وفوائد أخرى غير ذلك، فضلاً عما سيناله المصلي في الآخرة من أجر ومثوبة مقابل أدائه لهذه العبادة.
تنبيهات:
سبحان من شرع هذه الصلاة التي كل حركة وكل هيئة فيها هي وقاية وعلاج لمثل هذه التشوهات القوامية؛ وكون حركات الصلاة هذا شأنها فهذه أيضًا إحدى الفوائد التي تضاف إلى ما سبق وأن ذكرته من الفوائد البدنية في الفصول السابقة.
وأود أن أنبه مرة أخرى إلى أن أحد شروط الاستفادة من حركات الصلاة - هو إزالة أسباب حدوث الآلام أو التشوهات، وهي العادات السيئة أو الأوضاع الخاطئة وإلا فإن الأثر الإيجابي الذي تحدثه الصلاة بهذا الخصوص سيضيع نتيجة الاستمرار في ذلك.
كما أود أن أنبه إلى أنه وإن كانت الصلاة تفيد في علاج مثل هذه التشوهات فهذا لا يعني أن يهمل المسلم الذي يصاب بأحدها زيارة الطبيب للكشف على حالته وأخذ العلاج اللازم حتى ولو كان ذلك تمارين رياضية مشابهة لحركات الصلاة، فهذه التمارين سوف تكون إضافة علاجية أخرى جيدة إلى حركات الصلاة تساعده في الشفاء من إصابته بإذن الله تعالى.
وأنبه أيضًا إلى أن بحثي في هذا الفصل ليس هدفه وصف حركات الصلاة كتمارين علاجية للمصابين بمثل هذه التشوهات، أو أن يترك المصاب بأحدها التمارين العلاجية التي وصفها له الطبيب بحجة أنه مواظب على أداء الصلاة - إنما هدفه بيان الفوائد والمنافع التي ينعم الله بها على المصلي بهذه الصلاة المباركة، ومن هذه المنافع الوقاية من هذه التشوهات القوامية. وقد أثبتُ ذلك بالكشف عن التمارين العلاجية التي توصف لهذه التشوهات التي - كما رأيت - من بينها تمارين مشابهة تمامًا لحركات الصلاة، أو أنها تمنح فوائد حركات الصلاة نفسها، مثل: الركوع والسجود والتسليم وغيرها...
ومن الطبيعي أن يؤكد أطباء العظام على أن حركات الصلاة هذه تفيد فعلاً في الوقاية من العديد من العيوب والتشوهات القوامية، كيف لا وهم يصفون لمرضاهم تمارين علاجية مشابهة لحركات الصلاة هذه...؟!
منقول