بالنسبة لتعامل والد زوجك مع ابيه وبر زوجك به من خلال طاعته له في غير معصية الله وعدم تذمرك من ذلك أمام زوجك سيكون هذا كله بإذن الله سببا لبر أبناءك بك وبزوجك وسترين ذلك حينما يكبر أبناءك إن شاء الله ، والمطلوب منك خلال هذه الفترة الصبر على ذلك وتحمله بل ومساعدة زوجك ما امكن اهم شيء لا تضايقينه في بره بوالده وتحنين على راسه.
وبالنسبة للمسألة الثانية فإذا عملتي عملا خيرا لأي احد كان فلا تنتظري منه أن يرد معروفك وابتغي في ذلك الأجر من الله وحده لتستفيدي من اي عمل الفائدة الحقه والتي لا تضيع .
اما اهل زوجك فقد يكون هذا الجفاء بجهل منهم في العادات والأصول وقد يكون للتربية دخل في ذلك ، وما عليك سوى ان تشيلينهم من راسك حين حاجتك اليهم بمعنى تستغنين عنهم وعن زياراتهم وكانهم ما هموكي. وتضعين حاجتك عند رب العالمين ثم عند زوجك فقط ، وصدقيني اذا فعلتي ذلك سترتفع اسهمك عندهم ، خاصة اذا قابلتي الجفاء بالجميل.
وبالنسبة لقولك (من عافنا عفناه لو كان غالي) فهو مثل غير واقعي وهو ليس بأية أو حديث وما هو الا قول شاعر .
واستبدلي تلك النظرة السلبية في بيت الشعر الذي نقلتيه بنظرة إيجابية من كتاب الله تعالى أو حديث نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والآيات والأحاديث التي تحث على بذل الخير دون انتظار رده من الناس كثيرة
وهنا انقل لك هذا السؤال لحالة شبيهة بحالتك وجواب المستشار المتخصص محمد الفايز عليها:
السؤال:
رغم تقربي ومودتي لأهل زوجي فهم ينافقونني بالابتسام في وجهي لحاجة لهم في ويطعنونني في ظهري كسبي في وجه زوجي بالصفات القبيحة.. وحتى تجرأ والد زوجي إذ شكك في حجابي ونعتني بالخائنة والزانية في وجه والدي وأمي بدون وجه حق، فهل مقاطعتي لأهل زوجي تعتبر قطيعة لصلة الرحم مع العلم أن زوجي يأمرني بالتواصل معهم و لا أريد أن ارتكب كبيرة في حقه؟
وهل أحاسب على كراهية قلبي لهم مما عانيته من أفعالهم مما انعكس على صحتي مع العلم أنني لا اقدر على منافقتهم؟
وما الذي يجب على زوجي فعله لدرء السوء عني علما انهم لا يقبلون النصيحة الدينية أو تغيير مفاهيمهم؟
الاجابة :
يبتلى الإنسان أحياناً بعدة بلايا عليه الصبر والاحتساب حيالها، فإذا صدر الأذى من الأقربين كان هذا أعظم في البلاء
والواجب عليك ـ أيتها الأخت الكريمة ـ تقوى الله ومعاملتهم بالحسنى حتى لو أساؤوا لك (فليس الواصل بالمكافيء، لكن الواصل من يصل من قطعه)، كما قال صلى الله عليه وسلم.
لكن لا يجب عليك زيارتهم باستمرار، بل تزورينهم في أوقات متباعدة حتى لا تزداد الهوة بينكم، ولا تكون قريبة حتى لا تزداد المشاكل بينكم أيضاً، وتحاولين التفاهم مع زوجك على ذلك، إذ أهم ما ينبغي عليك مراعاته هو رضاه عنك.
وأما زوجك فيجب عليه التعامل مع أهله بالحكمة، ولعلهم يغارون منك خاصة أمه وهذا كثير، ويكون السبب إظهار ابنها عنايته بك وبأولادك ونحو ذلك، فالتلطف إليهم والإهداء والزيارات له أثره في مثل هذه الحالات.
ولقد خص الله سبحانه وتعالي الرحم بمكانة عظيمة، فعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " قال الله تبارك وتعالى : أنا الله وأنا الرحمن ، خلقت الرَّحِم ، وشققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتَتُّه " ( أي قطعته ) .رواه الترمذي و أبو داود و أحمد في المسند . انتهى.
وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم فقال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه " رواه البخاري.
أما فضائل صلة الرحم فهي كثيرة جدا نذكر منها على سبيل الأمثلة :
1- تزيد الرزق ، وتبارك في العمر " من أحب أن يُبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثره ، فليصل رحمه " رواه البخاري
2- تسكن غضب الرب في الدنيا والآخرة .قال الأعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي يسكن غضب الرب في الدنيا والآخرة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصدقة الخفية وصلة الرحم .
3- تزيد المحبة والألفة بين الأهل " تعلموا من أنسابكم ماتصلون به أرحامكم ، فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر " رواه الترمذي.
4- توجب صلة الله للواصلين " فمن وصلها وصلته ..." الحديث القدسي
5- من أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الإيمان بالله " أحب الأعمال إلى الله إيمان به ثم صلة الرحم .."
6- إنها من أسباب دخول الجنة " ياأيها الناس : أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " رواه أبو يعلي وحسنه الألباني
7- تقوي الروابط الأسرية وتزيد تماسكها وتزيد المحبة .
8- الصدقة على ذي الرحم ثنتان : صدقة وصلة .
9- أفضل الصدقة : الصدقةُ على ذي الرحم الكاشح .
وفي قصة أبي بكر رضي الله عنه مع بن خالته ، موعظة للقاطعين ، حيث كان أبوبكر رضي الله ينفق على بن خالته لأنه كان فقيرا .
ولما كان حديث الإفك عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، تكلم عنها بن خالته مع من تكلموا في حقها، فلما بلغ ذلك أبا بكر قطع عليه النفقة ، وهذا في نظرنا أقل ما يمكن فعله ، ولكن الله سبحانه وتعالى أنزل في ذلك قرآنا كريما ليسطر لنا مثلا عظيما في التعامل الاجتماعي بين الناس ، فنزل قوله تعالى " ولايأتل أولي ا لفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ، وليعفوا وليصحفوا ألا تحبون أن يغفرالله لكم ، والله غفور رحيم " 22 النور .
فقال أبوبكر رضي الله عنه : بلى !! أي بلى أحب أن يغفر الله لي وأن يعفو عني .
فرد أبوبكر رضي الله عنه النفقة التي كان ينفقها على بن خالته رغم ماكان منه في حق أم المؤمنين رضي الله عنها .
كما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي ، قال له عليه الصلاة والسلام : ( لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُم الملَّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ) رواه مسلم .
والملُّ هو الرَّماد الحار ، فكأنه شبه ما يلحقهم من الألم والإثم - والحالة هذه - بما يلحق آكل الرماد الحار .
و عقوبة قطع الرحم معجلة في الدنيا قبل الآخرة ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) رواه الترمذي وغيره .
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا ---------- بالطوب يُرمى فيعطي أطيب الثمر
اعتذر على الإطالة
أسأل الله أن يسعدك ويوفقك ويهديك للحق، وجميع أخواتنا المؤمنات.