المأذون رجل المناسبات السعيدة ( 2من 2 )
عقد الزواج
إن عقد الزواج عبارة عن : إيجاب وقبول ، فالبادئ بالعقد هو : الموجب ، والآخر هو : القابل ، ويمكن أن يكون الإيجاب من الرجل أو وكيله ، ومن المرأة أو وكيلها ، وكذلك القبول .
واللفظ الصحيح لعقد الزواج ، الذي لا خلاف عليه هو : زوجتك .. أو : أنكحتك .. وهذا الطرح هو : الإيجاب فعندما تقول المرأة للرجل : زوجتك نفسي .. أو يقول وكيلها : زوجتك موكلتي .. فقد أوجب هذا الطرف العقد ، فإذا قال الطرف الآخر : قبلت .. انعقد النكاح .
ومع الإيجاب والقبول يشترط ذكر المهر ، معجلاً ومؤجلاً ، أو : غير ذلك ، ويذكر أي شرط آخر ، كجعل العصمة بيد الزوجة ، تُطلق نفسها من زوجها متي شاءت أو خلال مدة محددة ، طلقة واحدة بائنة .
ومن أهم شروط عقد الزواج، حضور شاهدين ، حرين بالغين ، عاقلين ، مسلمين ، لنكاح مسلم ومسلمة ، سامعين قول العاقدين ، فاهمين أنه عقد نكاح ، ويصح أن يكون الشاهدان من أقارب الزوجين ، كالأب والابن الأخ .
شروط عقد النكاح
ما الشروط• المطلوب توافرها في الزوجين لكي تعقد عليهما ؟
أولاً : لابد لكل عقد نكاح من زوج وزوجة وولي وشاهدي عدل وصيغة ،فإذا كان الزوجان كويتيين وبلغ الزوج الثامنة عشرة من عمره وبلغت الزوجة تمام الخامسة عشرة من عمرها مع وجود والدها أو من بعده من الأولياء الشرعيين إذا كان الوالد متوفى ، فقد تمت الشروط ، كما يُسأل عند العقد عن حال الزوجة فإن كانت مطلقة فلابد من شهادة الطلاق لمعرفة انقضاء عدتها ، وإذا كانت أرملة يجب توافر شهادة وفاة الزوج للشيء نفسه ، ولابد من أن يتأكد المأذون من رضا الفتاة وموافقتها علي الزواج حتي لا تُجبر علي الارتباط بمن لا ترغب به .
التكافؤ بين الزوجين
ما مفهوم التكافؤ بين الزوجين كما ورد في• قانون الأحوال الشخصية بالكويت ؟
الكفاءة في الدين هي النقطة الوحيدة التي يقاس عليها مبدأ التكافؤ بين الزوجين ، فمذهب الإمام مالك المتبع في قانون الأحوال الشخصية الذي تقضي به المحاكم في دولة الكويت ، لم يلتفت إلي الاعتبارات الاجتماعية أو المادية أو الثقافية للزوجين بل آخذ بقول الله سبحانه ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
ومع هذا فمن المستحسن منطقياً ونفسياً أن يكون هناك تقارب بين الزوجين في المستوي العلمي والاجتماعي والمادي والعمري أيضاً ، فكلما كان التكافؤ بين الزوجين أكبر وأشمل زادت أسباب حسن العشرة واستقرار الحياة الزوجية .
زواج علي شرط
هل للزوجين مجال لوضع شروط خاصة في عقد الزواج ؟•
نعم ، فهناك بعض الأسر ترغب في ذكر بعض الشروط في عقد القران كنوع من إلزام الطرف الآخر ، بالوفاء بهذا الشرط ، ولكن ليس كل ما يريده الزوجان يصلح تدوينه بعقد النكاح ، فإذا تعارض الشرط مع صلب عقد القران ونتائجه كان مرفوضاً كأن تشترط الزوجة علي زوجها عدم الزواج بأخرى أو عدم الإنجاب منه ، وهناك شروط أخري لا تتعارض مع أصل عقد القران إلا أنها قد تُلزم أحد الطرفين برضاه بأمر من أمور الحياة كاشتراط الزوجة مواصلة دراستها أو استمراريتها في العمل أو استقلالها بمسكن منفصل عن أهل الزوج .
وأذكر أن إحدى الفتيات أصرت أثناء عقد القران علي شرط وجود العصمة في يدها ، وهنا في الكويت لا يُدون مثل هذا الشرط بعقد القران ، ولكن يمكن للزوج في هذه الحال أن يمنح الزوجة وكالة يفوضها من خلالها بحقها في تطليق نفسها .
موافقة العروس
كيف يتأكد المأذون من موافقة العروس علي الزواج ؟•
موافقة العروس تعتبر شرطاً أساسياً لصحة عقد القران ، وإذا شك المأذون في أن الفتاة غير راضية عن الزوج وتم الضغط عليها لقبول الزيجة ، يصر علي سماع موافقتها بنفسه ، وفي حال إجبار الفتاة علي الزواج ، فمن حقها أن ترفع دعوي قضائية تطلب فيها الطلاق للضرر إذا كان الزوج غير كفء لها كأن يكون كبيراً في السن أو أقل منها في المستوي العلمي والوظيفي ، ومن جانب آخر يحق للفتاة رفع دعوي قضائية ضد وليها في حالة رفضه قبول عريس تري العروس أنه مناسب لها ولا يعيبه شيء وتُعرف هذه القضايا بالـ عضل .
ومن أغرب عقود الزواج التي قمت بتحريرها كان بحكم محكمة يقضي لإحدى الفتيات بالزواج من شخص رفضه والدها لأنه متزوج وله أسرة ، ولكن الفتاة تمسكت بمعرسها ورفعت قضية وتم عقد القران وإتمام الزواج .
العدد (3) نوفمبر 1996 ـ ص : 26

أيك
كنت أحد المدعوين إلي حفل عقد قران أحد الأصدقاء ، والشيء الوحيد الذي ظل عالقاً بذهني من تلك الليلة ، جملة قالها المأذون الشرعي في نصيحته الأبوية للمعرس ..
يا فلان إن زوجتك قضت عمرها معززة مكرمة في بيت والدها ، فلتشعر بالأمن والعزة في كنفك .
أصعب ما في الزواج هو عملية التكيف والانسجام بين زوجين ينتميان إلي بيئتين مختلفتين ، ويتباينان في الأمزجة والطباع والأذواق ، وطريقة التفكير والأسلوب والتعبير ، وحتي ينجح الزواج ويؤتي ثماره ، لابد أن يتفهم كل واحدٍ منهما الآخر ، وأن يتنازل كل منهما عن بعض حظوظ نفسه من أجل نصفه الآخر ، وبهذا يحدث التناغم بين الزوجين حتي يصيرا شخصاً واحداً ، كما قال ابن الرومي :
كان فؤادي ليس يشفي غليله سوى أن يرى الزوجين تمتزجان
ومن الطبيعي أن يقع الخلاف ، والتوتر العنيف أحياناً ، لكن إذا كانت الأسرة سوية فإنها سرعان ما تلملم جراحاتها وتعود إلي قواعدها سالمة منتصرة علي وساوس النفس وهمزات الشياطين .
وحديثي هنا عن الأسر السوية ، أما بالنسبة للبيوت التي تمتد فيها الأيدي بالضرب وتنطلق الألسنة بأنواع الشتائم أمام الأبناء ، ويسمع الجيران من الأبوين أقذع الألفاظ ، فهذه أسر خارجة عن ( قانون الحياة ) .
وأختار في هذه العجالة ظاهرة واحدة تتكرر في الأسر المتزنة ، يسلكها أحد الزوجين عندما يدب الخلاف أو الخصام بينه وبين شريك حياته .
إنها ظاهرة الصمت المتبادل ، الصمت الذي يولده العناد ، وليس الذي هو من باب ( من صمت فقد نجا ) ولكن من باب ( من أطال الصمت وعائد فهو علي الحق وهو الأقوى ) ، وهو خطأ طبعاً ، ولاشك في أن هذا السلوك ، يقلب جو البيت إلي ( خرابة ) مهجورة أو قبر موحش .
وطول الزمن في القطيعة يزيد من توتر النفس ويعمق تنافر القلوب أقول : بغض النظر عن الطرف المخطئ ، فإن الذي يبدأ بمفاتحة الآخر هو الأقوى ، لأنه تنازل عن حظ نفسه ، وقدم المصلحة العامة علي المصلحة الذاتية .. إنه يريد الإصلاح وردم الفجوة بأسرع وقت وتتجلى قوة الشخصية فيمن يعترف من الزوجين بخطئه وتقصيره ، والقوة كلها تكمن في قبول الطرف الآخر وعفوه وترحيبه بمبادرة حبيبه .
فيا ترى ، من الأقوى ، هي أم أنت ؟!
الشيخ / محمد العوضي
العدد (2) أكتوبر 1996 ص : 74