منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الحج أسئله وأجوبه
عرض مشاركة واحدة
قديم 23-01-2004, 03:17 AM
  #2
زوج واقعي
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Sep 2003
المشاركات: 1,220
زوج واقعي غير متصل  
إلى مزدلفة بعد الغروب للمبيت بها:
ثم إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد الغروب توجه ملبياً إلى مزدلفة وصلَّى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين ثم بات بها وصلَّى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة، ثم أتى المشعر فذكر الله عنده وكبره وهلله ودعا ورفع يديه وقال: " وقفت ها هنا وجمع كلها موقف"، فدل ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحجاج يبيت كل حاج في مكانه ويذكر الله ويستغفره في مكانه، ولا حاجة إلى أن يتوجه إلى موقف النبي –صلى الله عليه وسلم-. وقد رخص النبي –صلى الله عليه وسلم- ليلة مزدلفة للضعفة أن ينصرفوا إلى منى بليل، فدلًَّ ذلك على أنه لا حرج على الضعفة من النساء والمرضى والشيوخ ومن تبعهم في التوجه من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل عملاً بالرخصة وحذراً من مشقة الزحمة.
ويجوز لهم أن يرموا الجمرة ليلاً، كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهم- في آخر الليل.
ذكرت أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أذن للنساء بذلك ثم إنه –صلى الله عليه وسلم- بعد ما أسفر جداً دفع إلى منى ملبياً قبل أن تطلع الشمس، فقصد جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم نحر هديه ثم حلق ثم طيبته عائشة –رضي الله عنها- ثم توجه إلى البيت فطاف به.
أعمال يوم النحر:
وسئل –صلى الله عليه وسلم- في يوم النحر عمَّن ذبح قبل أن يرمي، ومن حلق قبل أن يذبح ، ومن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي ، فقال:" لا حرج" قال الراوي: فما سئل يومئذٍ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال:" افعل ولا حرج". وسأله رجل فقال: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف، فقال:" لا حرج" فعلم بهذا أن السنة للحجاج أن يبدأوا برمي الجمرة يوم العيد ثم ينحروا إذا كان عليهم هدي ثم يحلقوا أو يقصروا.
والحلق أفضل من التقصير فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمحلقين، ومرَّة واحدة للمقصرين.
التحلّل الأول والتحلّل الأكبر:
وبذلك يحصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط، ويتطيب ويباح له كل شيء حُرِّم عليه بالإحرام إلا النساء، ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده، ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، وبذلك يحل له كل شيء حُرِّم عليه بالإحرام حتى النساء.
أما إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القدوم. فإن لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة.
المبيت بمنى أيام التشريق:
ثم رجع –صلى الله عليه وسلم- إلى منى فأقام بها بقية يوم العيد واليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال، يرمي كل جمرة بسبع حصيات، ويكبر مع كل حصاة ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية مستقبلاً القبلة ويجعل الأولى عن يساره حين الدعاء، والثانية عن يمينه ولا يقف عند الثالثة.
ثم دفع –صلى الله عليه وسلم- في اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمرات بعد الزوال فنزل بالأبطح وصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
ثم نزل إلى مكة في آخر الليل وصلى الفجر بالناس –عليه الصلاة والسلام-، وطاف للوداع ثم توجه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر، عليه من ربِّه أفضل الصلاة والتسليم.
فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله –صلى الله عليه وسلم- في أيام منى، فيرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في كل يوم: كل واحدة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة، ويشرع له أن يقف بعد رميه الأولى ويستقبل القبلة ويدعو ويرفع يديه ويجعلها عن يساره ويقف بعد رمي الثانية كذلك ويجعلها عن يمينه يستقبل القبلة ويدعو، وهذا مستحب وليس بواجب، تأسياً بالنبي –صلى الله عليه وسلم- ولا يقف بعد رمي الثالثة.
فإن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء رحمة من الله سبحانه بعباده وتوسعة عليهم.
ومن شاء أن يتعجل في اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمار بعد الزوال فلا بأس، ومن أحب أن يتأخر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفضل؛ لكونه موافقاً لفعل النبي –صلى الله عليه وسلم-.
والسنة للحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، وهذا المبيت واجب عند كثير من أهل العلم، ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك، ومن كان له عذر شرعي كالسقاة والرعاة ونحوهم فلا مبيت عليه.
أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمنى إذا تعجلوا ونفروا من منى قبل الغروب، أما من أدركه المبيت بمنى فإنه يبيت ليلة الثالث عشر ويرمي الجمار بعد الزوال يوم الثالث عشر ثم ينفر، وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بمنى.
طواف الوداع:
ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم- :" لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت"، إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما؛ لما ثبت عن ابن عباس –رضي الله عنهما-، قال: " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" والنفساء مثلها، ومن أخَّر طواف الإفاضة فطافه عند السفر أجزأه عن الوداع؛ لعموم الحديثين المذكورين.
وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يتقبل منَّا ومنكم ويجعلنا وإياكم من العتقاء من النار إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (216)]

__________________